- الضفّة العاشرة
*أحمد بغدادي
“سيقاتل الجندي طويلاً وجدياً من أجل قطعة وشاح ملون”
نابليون بونابرت
***
فضّلَ “الكاو بوي – Cowboy ” أن ينهي الفصل الأخير من المسلسل الهوليوودي (دولة الخرافة الإسلامية) في “الباغوز” على طريقة حافظ الأسد وجنرالاته إبان الثمانينيات، حينما دمّر مدينة حماه السورية بذريعة تواجد “الإخوان المسلمين” هناك!
فالنصب التذكاري الذي أزيح الستار عنه بمشاركة (المبعوص) الأمريكي “وليام روباك” وقوات “قسد”، يعدّ شبيهاً لما فعله الأسد الأب بُعيد إبادة أكثر من ثلاثين ألف مدني أبرياء عام 1982 كي يقضي على ثلة من مقاتلي الطليعة – الجناح العسكري – لتنظيم الإخوان المسلمين؛ إذ وقف القتلة وقتها، صفّقوا وتضاحكوا، وتحت موطئ أقدامهم ألوف الجثث التي دفنت، كي يبقى الطاغية حراً طليقاً كما وريثه الآن.
طبعاً، وجه الشبه يتأتّى دائماً في مثل هذه الحالات، مُعلّباً، بذرائعَ شتى، وعلى سبيل المثال: دخول ما يسمى الجيش العربي السوري عام 1976 إلى لبنان، لإيقاف النزيف، والحرب الأهلية، لكن الهدف الرئيس لهذي المهمّة كان هو وأد الكفاح المسلّح الفلسطيني، الذي بات يشكّل تهديداً على “إسرائيل”. وقد نفّذ _ حافظ الأسد _ المخطّط بشكلٍ كامل وعلى أحسن وجه، حاصداً آلاف الأرواح من الفلسطينيين، إضافةً إلى مجزرة مخيم “تل الزعتر” المريعة، وغيرها من مجازر ضمن مناطق تواجد أي مقاومة فلسطينية باستطاعة النظام السوري الوصول إليها!
وها هم الآن قادة قوات ” قسد” التي تحارب تحت راية واشنطن حليفة “تل أبيب” لــ”تحرير” سورية من “داعش”، يطالبون (حلفاءهم)، والنظام السوري أن يعترفوا بهم، كقوة فاعلة على الأرض السورية، من حقّها أن تحصل على حكم ذاتي دون مركزية عائدة لدمشق؛ وهذا المطلب ينطبق عليه المثل الشعبي الديري” يدبك والطيز مصَلّع“؛ إذ عرفَ القاصي والداني أنّ هذه التركيبة العسكرية والسياسية المدعومة من أمريكا، عبارة عن قوّة وظيفيّة، مؤقّتة، شأنها شأن النظام السوري، لكن الأخير، مهامه الوظيفية طويلة الأمد، ومرهونة بوجود الكيان الصهيوني.
ففي “الباغوز”، قد أغفلَ المكوّن العربي! الذي يقاتل ضمن صفوف “قوات سوريا الديمقراطية” أثناء توزيع نياشين النصر، والشكولاته، وكأنهم لم يكونوا، أو ولدوا حتى! حيث بدا للجميع أنّ النصرَ _ كرديّاً_ قوميّاً، بعيداً عن انتصارات أمريكا الدائمة أينما حلّت، كما هو معروف من خلال “أفلام الأكشن” التي تعبر القارات والفضاء!
لقد تركت أمريكا هذه القوات المراهقة تفرح قليلاً، كعربون شكر لتبعيتها العمياء، وهدية بسيطة من طرف الجيب، الذي تفيض منه براميل النفط السوري، كما فاض عبره نفطُ العراق أيضاً!
550 مليون دولار، ميزانية مخصّصة من البنتاغون لـ “قسد” عام 2020 تحت ما يسمى ضمان أمن الحدود المجاورة لسورية، لم يخرج منها “سنت” واحد عبر واشنطن؛ فهذه الملايين عائدة للمصباح السحري -ثروات الجزيرة السورية-التي تم نهبها من قبل أبالسة الحروب الذين سيطروا على منابع النفط هناك.
وأخيراً، كم قدّمت هذه القوات الكردية من أرواح زهقت لأجل إرضاء الإدارة الأمريكية، بعيداً مشروع الثورة السورية؟
فهل رفرفَ الوشاحُ، وعاد الجنديُ مبتسماً لزوجته وأولاده داخل صندوق خشبي عليه العلم الأمريكي والعلم الأصفر!؟
- بكل هدوء…