خاص فرات بوست _ إن الذكاء الإجرامي الموجود لدى القوى الاستعمارية المتحالفة مع النظام الأسدي ، في خلق (الفعل ) وضمان نتائج (ردة الفعل ) هو حصيلة دراسات مستفيضة لمنطقتنا ، من نواح عدة :
العقائد والأفكار والشعور الجمعي ونقاط الضعف لدى كل المكونات …
ولا نستطيع أن نفصل ما يجري في سورية عموما ، والمنطقة الشرقية بشكل خاص ، عما يجري من لعبة (الفعل – ردة الفعل ) تلك اللعبة الخبيثة التي أصبحت مكشوفة لدى كل شخص يمتلك الوعي الثوري اللازم .
فبعد أن خلقوا ، وزرعوا الفعل (داعش ) تم إفراغ المنطقة من الثوار الذين لا يؤمنون بإرهابها .
(داعش ) التي عملت – دون مصادفة – على تقديم صورة مشوهة عن الدين الإسلامي البريء منها ، وربطت حالها إعلاميا بكل مقاومة سنية ، تشويها وطعنا للثورة السورية .
فجاءت ردة الفعل :
دعم دولي (مبرر) للقوى الكردية الانفصالية المسماة ( وحدات حماية الشعب ) تلك الوحدات التي يطلق عليها من يعرفها من أبناء المنطقة : (وحدات حماية النظام الأسدي ) ليس لأنها أعلنت عداوتها للثورة منذ انطلاقتها بحجة أن هذه الثورة لا تعترف بالحق التاريخي للأكراد ! ولا لأنها تشكلت من قبل قادة علويين (من أكراد تركيا العلويين ) بل لأنها لا تختلف عن أي فرع مخابراتي من فروع النظام الأسدي ، في العمالة والفساد و القمع والقتل والتهجير ، مغلفة نفسها ببعض الشعارات المدنية التي سرعان ما انكشفت ، وجعلتنا نستذكر شعارات الأحزاب الرديفة لحزب البعث .
إن النظام الأسدي الذي يدرك مدى كراهية الشعب له في المنطقة الشرقية ، أيقن أن لا مستقبل له في هذه المنطقة دون شريك فعلي يساعده على إعادة تصدير نفسه مرة أخرى ، بعد سلسلة الإفقار المتعمد و الإجرام اللامتناهي .
(وحدات حماية الشعب ) التي كان اسمها (وحدات حماية الشعب الكردية ) أيقنت بدورها أن التسمية ستخلق إشكالا لها في المستقبل ، خصوصا أنها لا تستطيع تغطية البقعة الجغرافية الكبيرة بمجموعة الأقلية المرتزقة التي لديها ، وستضطر مرغمة أن تعمل على تغيير بعض التسميات للمليشيات المتحالفة معها ، تماشيا مع الواقع الذي يختلف كثيرا عن قصائد شعراء الكرد القوميين ، فجاء إعلان تشكيل (قوات سوريا الديمقراطية ) الذي ضم على حسب زعمهم كردا و(عربا ) ومسيحيين ، وآخرين ممن لم يجدوا فرصة للهروب من الاعتقال الذي سيطالهم على يد ( شرطة الوحدات العسكرية ) التي اعتقلت مؤخرا ما يتجاوز ال 40 شابا من منطقة رأس العين في ريف الحسكة ، فضلا عن مداهمتها للعديد من المحال التجارية في مدينة القامشلي ، بحثا عن أي شباب عرب تصادفهم أمامها ؛ كي تزج بهم في معارك الرقة .
من جانب إعلامي آخر يطالعنا الناطق الرسمي باسم ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية ( QSD)العقيد( طلال سلو ) الذي أفصح لصحيفة ( الوطن ) أن (قسد) تقبل مشاركة قوات النظام في عملية السيطرة على الرقة، ولا تقبل بدخول الجيش التركي ، معتبرا أن قوات النظام هي “جيش وطني”
مضيفا أن ” الجيش السوري هو جزء أساسي من الوطن السوري ، ويحق له ما لا يحق لغيره …”
يذكر أن تصريح ( سلو ) غير المفاجئ ، جاء بعد مشاورات وتنسيق ملحوظ تُوِّجَ بزيارة الأمين القطري المساعد لحزب البعث ” هلال هلال ” مدينة ( القامشلي ) . وكان من برنامج الزيارة حضور العرض العسكري ، في قرية (حامو ) شرقي المدينة ، والإشراف على تخريج الدورة الثانية من ميليشيا (خنساوات سوريا ) التي تتبع لميليشيا كتائب البعث .
ولأن دير الزور والرقة ليست كالحسكة ، من حيث البنية الديمغرافية ، رأت (قوات سوريا الديمقراطية ) أن لا سبيل أمامها إلا الترهيب الإعلامي المسبق الذي يفرغ المنطقة من سكانها العرب الأصليين – متناغمة في ذلك مع الإعلام الداعشي – فعززت إعلاميا الشائعات التي تتحدث عن قرب انهيار سد الفرات ، شأنها في ذلك شأن أي عابر مرتزق ، لا يهمه اصطياد الذئب ، بل يهمه إحراق الغابة بمن فيها
85
المقال السابق