فرات بوست: أخبار | تقارير
عادت ظاهرة التنقيب العشوائي عن الآثار إلى الواجهة في محافظة دير الزور، منذ سقوط نظام الأسد في سوريا، وقد تم توثيق نشاط واضح لتجار الآثار الذين يحاولون استخراج قطع أثرية من مواقع كانت محظورة في السابق، مما يهدد كنوزًا أثرية تعود إلى حضارات ما قبل الميلاد.
وقال مراسل فرات بوست: إن عمليات التنقيب تتركز في مواقع أثرية تعود إلى آلاف السنين. من أبرز هذه المواقع مملكة ماري، التي تأسست قبل الميلاد بحوالي 3000 عام، وموقع دورا أوروبوس في مدينة الصالحية قرب الحدود السورية العراقية.
كما تشهد قلعة الرحبة غرب مدينة الميادين ومدينة ترقا في العشارة نشاطًا كبيرًا في عمليات الحفر غير القانونية.
وفي ريف دير الزور الغربي، تنتشر عمليات البحث العشوائي باستخدام أجهزة إلكترونية متطورة يملكها تجار الآثار. وتشمل هذه العمليات قرى الطريف والمسرب وعياش والخريطة، بالإضافة إلى تلة طابوس في بلدة الشميطية، التي تعود إلى العهد الروماني.
البحث عن الذهب والمقابر اليهودية:
لا تقتصر عمليات التنقيب على المناطق المأهولة، بل تمتد إلى قطاع البادية، حيث يبحث المنقبون عن مواقع أثرية مثل موقع ناظرة قرب جبال البشري، الذي يبعد حوالي 15 كم عن محطة الخراطة النفطية.
ويذكر شهود عيان أن الموقع يحتوي على مقابر يهودية دفن معها أصحابها أملاكهم الثمينة، إلا أن عمليات البحث العشوائي لم تسفر عن أي نتائج بسبب عدم وجود خرائط أو خبراء لتوجيه العمل.
ويُروى أن المنطقة تضم موقعًا يُعتقد أنه مقبرة ملكية تحتوي على نقود وذهب وأشياء ثمينة، مما دفع المنقبين إلى حفر عشرات المقابر وإلقاء الرفات خارجها دون أي فائدة تذكر.
حفريات ليلية في المدينة:
في مدينة دير الزور نفسها، رصد الأهالي عمليات حفر ليلية في محيط السوق المقبي، باستخدام أدوات بدائية تتسبب في إتلاف القطع الأثرية، في حال العثور عليها.
وتُباع هذه القطع بأسعار زهيدة دون معرفة قيمتها الحقيقية. كما تشهد الأحياء المدمرة في المدينة، مثل جامع العمري وسوق الظلام، عمليات تنقيب ليلية يسمعها السكان المحليون.

وتصل تكلفة أجهزة التنقيب إلى حوالي 1500 دولار، كما يتم تأجيرها من قبل بعض الأشخاص مقابل الحصول على نسبة 5% مما يتم العثور عليه
تاريخ طويل من النهب:
مرت المنطقة بمراحل متعددة من النهب الأثري على مدار الـ14 سنة الماضية. بدأ الأمر بالبحث العشوائي مع اندلاع الثورة السورية، ثم تحول إلى نهب منظم خلال سيطرة تنظيم الدولة، الذي قام ببيع القطع الأثرية إلى تجار عالميين بمبالغ طائلة.
مواد ذات صلة:
قصة نهب آثار سورية وأبرز الفاعلين.. “فرات بوست” تفتح الملف
كما عمد نظام الأسد وإيران إلى تنفيذ عمليات تنقيب واسعة منذ عام 2019، تحت إشراف ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة، الذي سرق عشرات القطع الأثرية وباعها خارج سوريا.
وتظل هذه الظاهرة تهديدًا كبيرًا للتراث السوري، حيث يتم تدمير المواقع الأثرية وبيع كنوزها بأبخس الأسعار دون أي اعتبار لقيمتها التاريخية أو الثقافية. ومع استمرار عمليات التنقيب العشوائي، يبقى مستقبل هذه الكنوز الأثرية في خطر، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لحمايتها.