الضفّة الحادية والعشرون
*أحمد بغدادي
يبدو أن أجهزة مخابرات النظام السوري وجدت لعبة جديدة تشغل بها السوريين في الداخل، وخاصةً العساكر ضمن التجنيد الإجباري، أو أولئك الذين تم استدعاؤهم لخدمة الاحتياط؛ وتتمثل (لعبة التنفيس) هذه، في حملة أطلقت عبر صفحات التواصل الاجتماعي بعنوان” #بدنا_نتسرح“؛ وبعيداً عن احتكار النظام السوري للمجندين وصف الضباط والضباط لمدة ثمانية أعوام تقريباً بين صفوف (جيشه الممزّق) أو مؤسساته المخابراتية والعسكرية المهترئة، نجد أن الحملة تنطوي على خبث مدروس، وتتضمّن تمرير رسائل للسوريين وللخارج، بأن الجيش قد انتهى من (محاربة الإرهاب)، وها هم الآن جنوده الشجعان يطالبون بالتسريح، كي يعودوا إلى منازلهم، كما سوف تعود (سورية الأسد) آمنة أكثر من ذي قبل!
لكن في باطن الحقيقة، كلنا نعرف أنّ جنود (الجيش الباسيييل) قد ضجروا من خدمة الوطن!، على عكس ما كانوا يتشدقون به، أو يبادرون بالتقيؤ كل حين بأنهم ينذرون حيواتهم إلى الأبد فداءً للوطن، ولسيد الوطن (مطية إيران وروسيا)!
ألم يدرِ هؤلاء الجنود (الأرانب) بأن الآلاف منهم قد تم تسريحهم إلى القبور؟! ومئات الألوف سرّحوا بطرق بشعة، دون أطراف، ويحملون عاهات مستديمة كعلامات تجارية فارقة قد وسمتها عائلة الأسد على أجسامهم؟! وهنالك الكثير من الجنود تم إعدامهم ميدانياً أو زجّهم في المعتقلات وتعذيبهم حتى الموت لمجرد التفكير بالانشقاق أو الهروب، أو مخالفة الأوامر العسكرية!
ألم يعلم هؤلاء (الفدائيون الجنادب) بأن أثمن شخص بينهم لا تتجاوز قيمته تكلفة “رصاصة” معطوبة من معامل “الدفاع السورية”، أو قيمة حذاء عسكري فوق رأسه داخل زنزانة إن حاول الخروج عن خطوط العبودية التي وضعها أسياده له ولأشكاله من العبيد والتابعين!
- يا حبذا لو كانوا يعلمون منذ عام 2011 حينما قامت ثورة الحرية والكرامة ضد طاغية العصر المريض!
لكن، كما يقول المثل الشعبي عن حالة هؤلاء الذين خرجوا يعوون ويصرخون باسم السفاح بشار الأسد: “راحوا فسوة نسر بالجو“! ولم يتأسف عليهم أحد، وقد تمّ تقييم بطولاتهم بعد (استشهادهم) وهم يواجهون أبناء جلدتهم عوضاً عن الأعداء الحقيقيين: –بثلاث علب “متّة” أو ماعز حلوب، أو كيس طحين نخب أول، لأهاليهم، من مصامع الولي الفقيه، الراعي الأول لقطعان الأبقار والخراف الطائفية والميليشيات التي تتحرّك عبر العلف الممزوج بثارات (الحسين والحقد التاريخي!).
“هاشتاغ” (بدنا نتسرح)، قد يقول البعض عنه إنه يحمل طابعاً إنسانياً، حيث يحاول أغلب الذين يتداولونه عبر “صفحات الفيس بوك والتويتر” الاصطياد بالماء العكر، أي أنهم يظهرون صوراً لأطفال يرفعون لافتات كتب عليها عباراتُ استدرارٍ للعطف، ونحن نعرف جميعاً أن الطفولة بريئة من كل إثم وحرب وإجرام، وهؤلاء “أطفال” القتلة أو الضباط أو الجنود، لا شأن لهم في أفعال ذويهم، لكن كان على المتغطرسين والقذرين أن يعرفوا مدى الألم الذي لحق بالأطفال السوريين الذين قتلوا على أيديهم، أو من قبل الآلات العسكرية التي يقفون خلفها بأوامر من الطاغية وأسياده!
- إذن، هل يجب أن يُسرّحوا هؤلاء؟ أم يُقدّموا للعدالة مع قادتهم القتلة؟
نحن نعرف أن هناك ضمن صفوف “جيش النظام” أبرياء، ومنهم أشخاص تم تجنيدهم قسرياً، أخذوهم من الشوارع أو البيوت، وزجوا بهم على الجبهات؛ وهؤلاء قلّة قلية، وخاصةً بعد أن دفع النظام الثورة إلى السلاح، وقد حاول أغلبهم الفرار، لكن المصير معروف، إما التصفية الميدانية، أو الاعتقال! إنما الأكثرية، هم من رغبوا في امتصاص دماء إخوانهم السوريين بذريعة محاربة الإرهاب والمتشددين، فضلاً عن غبائهم السرمدي، وروح الطائفية التي تركض في عروقهم وقد أخرجها النظام السوري والإيراني للعلن بعد عام 2011!
أما عن الذين فرّوا إلى أوروبا دون أن يرفعوا شعار “التسريح” من الشبيحة وغيرهم، الذين أمعنوا في القتل والسرقة والانتهاكات بحق السوريين، سوف يتم تسريحهم إلى العدالة قريباً، مع كل مجرم حاول إخفاء جرائمه بذريعة اللجوء الإنساني.
#بدنا_نتمرجح… كان عليهم أن يطلقوا هذا “الهاشتاغ”، أو #بدنا_نتشرشح، قد يفيا بالغرض أيضاً، كي تكون “الشرشحة والمرجحة” على أكمل وجه، بعد أن يرمي بهم “الأسد” في القبور، أو في بيوتهم، معاقين، أو بائعين متجولين ومتسكعين في الشوارع الوطنية، فداءً للوطن وسيد الوطن ” الفريق بشار ذيل الكلب” قائد الجمهورية الأسدية!”.
- #حاجتاك، “هاشتاغ” قد يكون رسالة لكل كاذب ومتسلق ومجرم يدّعي الوطنية وحبّ الوطن وترابه!