خاص فرات بوست
إذا ما تحدثنا عن المعاناة والاستبداد في الشمال السوري، وإذا ما تحدثنا أيضاً عن بوابة الشمال، وإحدى أوائل البلدات الثائرة ضدد الإجرام والفساد الأسديين، فسيتبادر لأذهاننا على الفور “تل أبيض”.
هذه المدينة الحدودية الصغيرة، التي كوِّنَ سكانها لوحة فسيفسائية من التعايش المشترك والإخاء، فقد عرف عن أهالي تل أبيض منذ القدم، كرمهم وضيافتهم للقريب والغريب.
أما اليوم “فالحال غير الحال” بعد أن جارَ على أهليها الزمان، وضاقت عليهم مضاربها بما رحبت، إذ إن غالبية سكانها قد هجّروا وشرّدوا وتناوبت كافة الفصائل الإرهابية، الانفصالية منها والداعشية الأسدية، تناوبت على سلبهم أراضيهم، وإجبارهم على “الخضوع والخنوع “.
فمن لم تطله قذائف النظام الأسدي وقصف حلفائه الروس، ومن لم تطله أيضاً يد التجنيد الإجباري ضمن قوات سوريا الديمقراطية أو ما يسمى وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، طالته يد أسلاف الانفصاليين من الدواعش، الشيء الذي أسهم وبشكلٍ كبير في إجلاء مدينة تل أبيض من قاطنيها وسكانها المحليين.
حيث انتهج تنظيم داعش الإرهابي أثناء سيطرته على المدينة، سياسة القمع والترهيب تجاه أهلها تارة، وجند العديد من أبنائها في صفوفه تارةً أخرى، كما استمر التنظيم في سياسته هذه حتى اليوم الأخير من سيطرته عليها.
في حين حذت ميليشيات قسد حذو نضيرتها داعش، بعد سيطرتها الأخيرة على تل أبيض مطلع العام 2015، كما أرغمت ميليشيات قسد غالبية من تبقى من شبان المدينة على الالتحاق بصفوفها، وضيقت الخناق على قسمٍ آخر لترغمه على الالتحاق بطريقة غير مباشرة.
عندما احتكرت تلك الميليشيات الحركة التجارية في المدينة لتشمل عناصرها والأقلية الكردية الموجودة سابقاً في تل أبيض وجميع مناصريها “فقط”، الشيء الذي أرغم البعض ممن تبقى من العرب والأرمن والتركمان على الانخراط ضمن ميليشيات قسد، بحثاً عن لقمة العيش “على حد وصفهم”.
علاوة على الإغراءات قدمتها وروجت لها بين الأهالي، كمنح رواتب شهرية تقدر بـ 41,000 ليرة سورية للعنصر المقاتل، ما جعل بعض ضعاف النفوس ينضوون تحت حكم قسد ويخضعون لإمرتها، ليكونوا خير درعٍ لها في زمنٍ قلت فيه الدروع.