فرات بوست _ ذكر محللون عسكريون مختصون في الشأن السوري، إن الاستراتيجية المحتملة لتنظيم داعش خلال الفترة القادمة في سوريا قد بدأت تتبلور، موضحين أن تقدم التنظيم الأخير في ديرالزور لم يكن مجرد معركةٍ عشوائيةٍ خاضها للقضاء على آخر معاقل النظام وميليشياته في المنطقة فقط، وإنما هي خطة مدروسة لتحصين دفاعاتهم في المحافظة بهدف جعلها حصنهم المنيع الأخير والمحتمل صموده لعقدٍ من الزمن أو أكثر.
خصوصاً بعد التراجع المتوقع قريباً للتنظيم من الموصل العراقية إثر معاركه مع الجيش العراقي مدعوماً بالحشد الشعبي،وكذلك الأمر في محافظة الرقة ومحيطها بعد خسائره المستمرة أمام قوات سوريا الديمقراطية، إضافةً إلى تراجع التنظيم أيضاً في ريف حلب الجنوبي أمام قوات درع الفرات المشتركة.
وما يثبت صحة هذه الفرضية؛ أن عناصر التنظيم بدأوا بالفعل بنصب حواجز وسواتر ترابية داخل مدينة الرقة، في إشارة من التنظيم للبدء حرب شوارع قد تكون كسابقتها في مدينة تل أبيض في الشمال السوري، وسط حالة من الهلع بين المدنيين وسقوط عدد كبير منهم بين شهيدٍ وجريح إثر محاولاتهم الفرار باتجاه مناطق نفوذ الجيش الحر في اعزاز، كان آخر تلك الحالات استشهاد عائلة بأكملها بعد انفجار لغم أرضي بهم عند آخر نقاط سيطرة تنظيم داعش.
إضافةً إلى أن العوامل الطبيعية والموارد النفطية والنهر والجبال المحيطة بمحافظة ديرالزور، ستكون هي خط الدفاع الأول الذي يصعب على جيوش عالم اختراقه دون خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، الشيء الذي يجعل الدول المشاركة في التحالف تعيد التفكير ملياً في الأمر قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، ذلك لأن البادية المكشوفة التي تحيط بمركز مدينة ديرالزور على امتداد عدة كيلومترات، تجعل من أي عدو فريسة سهلة لنيران داعش، وحتى القوات الجوية لن تستطيع إلحاق الضرر المطلوب بدفاعات التنظيم ما لم تكن مدعومة بقوات على الأرض.
في سياقٍ متصل اتهمت وسائل إعلام النظام القوات الأمريكية بالتمهيد لسيطرة داعش على ديرالزور وذلك بعد استهداف الطيران الأمريكي مدعوماً بالطيران الدنماركي أواخر العام الماضي قوات النظام وميليشياته في محيط المطار العسكري وبالتحديد في جبال ثردة، حيث تسبب الاستهداف “الخاطئ” بحسب وصف الإدارة الأمريكية لنقاط النظام في جبال ثردة، تسبب بسيطرة التنظيم على الجبال الاستراتيجية المطلة على مطار ديرالزور العسكري، الشيء الذي يضع عشرات إشارات الاستفهام حول مهمة طيران التحالف الحقيقية في المنطقة.
وقد وثق مراسلو (فرات بوست) مؤخراً العديد حملات الاعتقالات المكثفة والإعدامات الميدانية التي شنها تنظيم داعش ضمن مناطق نفوذه في محافظة ديرالزور بهدف القضاء على أي محاولات للمقاومة أو تشكيل خلايا نائمة من شأنها أن تضعضع القبضة الأمنية التي يفرضها، ما أجبر غالبية السكان المحليون على الرضوخ للأمر الواقع والإذعان لأوامر التنظيم وتشريعاته ومخالفاته الشرعية.
فيما تنذر هذه التفاصيل والتسريبات وتراشق التصريحات من كافة الجهات، تنذر بهوية الخاسر الأكبر بعد سقوط آخر حصون داعش في المنطقة، والذي بالتأكيد لن يكون القوات الأمريكية أو طيران التحالف، أو حتى النظام وميليشياته مدعوماً بالطيران الروسي، ولا حتى التنظيم الذي سيتوارى عن الأنظار كما فعل لسنين في بقاع مختلفة من الأرض وعاد للظهور مجدداً، وإنما سيكون الخاسر الأكبر هو “مدنيو ديرالزور” الذين تعودوا أن يدفعوا فواتير تلك الحروب دائماً.