عودة عائلات المنتسبين إلى داعش تثير مخاوف عشائرية في ريف دير الزور.. الأسباب والحلول

by admindiaa

تواردت من محافظة دير الزور خلال الأيام الماضية المزيد من الأنباء، التي تتحدث عن عودة مدنيين إلى مناطقهم بعد طرد تنظيم داعش منها، سواء ما خضع منها لميليشيا “قسد”، أو لقوات النظام والميليشيات المتحالفة معها.
ورغم سوء الأوضاع الخدمية والأمنية المستمرة في ريف دير الزور، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المدنيين من العودة، بسبب الأوضاع المزرية التي يعيشونها داخل المخيمات التي أقامتها “قسد” في ريفي الحسكة والرقة، أو ما يعانونه في مناطق أخرى داخل سوريا.
مع بدء توافد المدنيين إلى ريف دير الزور، برزت إلى السطح بعض الحوادث التي يخشى أن تكون مقدمة لاستمرار إراقة الدماء في المنطقة، لكن هذه المرة تحت مسمى جديد، يحمل في الظاهر الانتقام من المنتسبين إلى داعش وعائلاتهم، لكنه في الواقع له خلفيات انتقام عشائرية غذاها وجود داعش وسياساته أثناء احتلاله للمحافظة.
“فرات بوست” التي دأبت على متابعة ما يجري على أرض الواقع، وثقت حالات قتل حصلت خلال الأسابيع الماضية، حملت في طياتها رغبة الثأر والانتقام، ورغم أنها لم تتعدى الحالات الفردية، إلى أن يخشى أن تتطور الأمور مع بدء عودة الأهالي إلى منازلهم، ومن بينهم عدد محدود من عائلات المنتسبين للتنظيم، بينما فضل بقية أقرانهم عدم العودة حتى الآن خشية الانتقام.
مشكلة الثأر العشائري ما بعد داعش، تنقسم إلى شقين، أولهما الثأر بين الأشخاص والذي يعد الأشد خطراً، لأن حصوله متوقعاً أكثر، بل وسجلت عدد من الحوادث في هذا المجال، وتكمن خطورته بصعوبة حصره ووأده خاصة في الوقت الحالي، مع خضوع المحافظة لسيطرة قوى “قسد” ونظام الأسد الذين يعمدون إلى تأجيج الانتقام العشائري كونها تتماشى مع مصالحهم.
الشق الثاني يتمثل في خشية الثأر بين عشائر وعشائر أخرى وهو أشد خطراً، وخاصة الموجودة منها على طرفي نهر الفرات في ريف دير الزور الغربي، وكذلك الأمر في الريف الشرقي.
الحوادث التي وثقتها “فرات بوست”، تشير إلى أن القتل لم يكن الوجه الوحيد للانتقام، فقد سجلت حالات تعفيش منازل وتفجير وحرق منازل أخرى في وضح النهار، بحجة أنها لعائلات منتسبين إلى داعش.
المحتلون الجدد لدير الزور، وكحال المحتل السابق داعش، يعمدون حالياً على تغذية هذه الروح الانتقامية، رغبة منهم بالاستفادة منها لمصلحتهم المتمثلة في تركيز الضوء على جرائم داعش والتحريض ضد التنظيم وكأنه الجهة الوحيدة التي أجرمت بحق المدنيين في دير الزور، وبالتالي التعتيم على الجرائم السابقة أو الحالية التي ترتبكها القوى الأخرى، أو تبريرها.
ومن أهداف التحريض على الثأر من قبل النظام أو “قسد”، تجنيد المزيد من شباب المنطقة الذين يضعون جرائم داعش حجة للانتساب إلى صفوف القوى المعادية للتنظيم، أو لتجنيد آخرين من عناصر داعش السابقين، ممن أوهمتهم “قسد” وميليشيات تابعة للنظام، بأنها ستكون حامية لهم من انتقام أبناء المنطقة.
بعض الآراء في ريف دير الزور سواء الغربي منه أو الشرقي، يقول أصحابها، إن عمليات التهجير التي جرت بشكل محدود لعائلات من داعش كما حصل منذ أسابيع في ريف دير الزور الغربي أو المتوقعة مستقبلاً، هي عرف عشائري قديم، وليست وليدة اللحظة، وتتمثل في أن عائلات المجرمين الذي يرتكبون جرائم قتل يرحلون لفترة قد تستمر سنوات.
ومن الآراء الأخرى التي بررت ما يحصل، شددت على أنه من الصعب على من قتل أخيه أو أبيه أو أي من أفراد عائلته، الصبر على وجود عائلات أوغل أبناؤها في عمليات القتل والتعذيب التي جرت على مدار سنوات من “خلافة” التنظيم في المنطقة.
وهناك آراء أقل حدة، مطلبها التريث في عودة عائلات عناصر التنظيم لفترة من الزمن، حتى “يبرد الدم” على حد وصف البعض منهم، وتستقر الأمور أكثر، وعندها يمكن البحث عن أطر محددة لعودتهم.
ومن الآراء أيضاً، من توقع أصحابها أن تقتصر عمليات القتل والثأر على العائلات التي انتسب أبناؤها إلى الجهاز الأمني التابع لداعش، والذي كان له النصيب الأوفر من جرائم التنظيم، وبالتالي لن يطال الانتقام من قاتل مع التنظيم ضد نظام الأسد والميليشيات الإيرانية، والذي لم “تتلوث يديه بدم المدنيين من أبناء جلدته”.
يذكر بأنه مع بداية سيطرة داعش على مناطق في محافظة دير الزور عام 2014، انقسمت العشائر بين مؤيد للتنظيم ومعارض له، وحاول الأخير استغلال حالة الانقسام هذه، والاستفادة من حالة العداء القديم بين بعض العشائر، عبر دعم من يؤيده، وقمع من يخالفه، وإيهام كل طرف، بأنه الأداة التي سيتحقق من خلالها تحجيم الطرف الآخر المعادي له.
ولعبت العشائرية دوراً في تغلغل التنظيم إلى دير الزور، مستغلاً الثارات والعلاقات التنافسية والتناحرية، وحالة العداء العشائري بمختلف تقسيماته في بعض مناطق ريف دير الزور، لنجد من وقف معه ليس حباً به أو اقتناعاً بفكره، بل لأن منافسه العشائري أو المتناحر معه، يعادي التنظيم، وبالتالي وجد في داعش فرصة للتغلب عليه والثأر منه من العشيرة الأخرى.
وبعد تثبيت حكمه على دير الزور، حاول داعش زرع فتنة عشائرية كبيرة، من خلال إعلامه وإصداراته المرئية، وكان من أبرزها الإصدار المرئي الذي أطلق عليه اسم “أولئك آبائي”، وأراد التنظيم عبره تعزيز الحقد والبغضاء بين العشائر في دير الزور، وجرهم إلى صراعات داخلية، تبعدهم عن عدوهم الأهم في ذلك الوقت، وهو داعش.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy