سجال “ثوري” بعد فتح باب محاسبة مجرمي نظام الأسد

by admindiaa

ما أن أعلنت السلطات الألمانية، القبض على ضابطين سابقين عملا في مخابرات نظام الأسد، حتى خرجت ردود الأفعال المؤيدة لهذا الإجراء الذي عُد سابقة في القضية السورية، وأعادت الأمل للسوريين بإمكانية محاسبة النظام ومعاقبة مجرميه، وبعد هذه الخطوة بساعات، ألقت السلطات الفرنسية القبض على عنصر آخر عمل لصالح مخابرات الأسد.
لكن ما عكر صفو كل هذه الاعتقالات، هو الدفاع المستميت الذي أبداه العديد من الناشطين المعارضين للنظام عن الضابطين المعتقلين في ألمانيا، وزعموا أن الخطوة هدفها استهداف المنشقين من النظام، لا البدء بمعاقبته على إجرامه.
رغم أن الضابطين المنشقين الذين ألقي القبض عليهما، خدما في مخابرات النظام لمدة عام تقريباً بعد الثورة، إلا أن دفاع بعض الناشطين عنهما، حمل مزاعم تفيد بأن هؤلاء لم يشاركوا في التعذيب، ولم يمارسا انتهاكات ضد الآلاف من السوريين الذين اعتقلوا بداية الحراك الثوري، وأنه لم تكن لديهما الفرصة للانشقاق إلا بعد نحو عام.
التبريرات السابقة، تم تدعيمها بشهادات بعض المعتقلات والمعتقلين، ممن تحدثوا عن تجاربهم أثناء الاعتقال والوقوع تحت أيدي هذين الضابطين.
من التبريرات التي ساقها بعض من دافع عنهما أيضاً، أن “الانشقاق” يجب أن يكون دلالة على نظافة يد المنشق من جرائم النظام، مدللين على ذلك بأن المقدم حسين الهرموش القائد العسكري الشهير في صفوف المعارضة، من المنشقين وكذلك رياض حجاب رئيس وزراء حكومة نظام الأسد الأسبق.
وبالتالي فإنه المبدأ الذي يطرحونه لتبرأة ضابطي المخابرات السابقين، أن “الانشقاق يجبُّ (يمحو) ما قبله”، متناسين أن الهرموش لم ينتظر طويلاً للانشقاق عن صفوف قوات النظام، وأن حجاب يحمل منصباً مدنياً، وبالتالي لا يقاس أيا كان عمله، أو عمل الهرموش في جيش النظام، بما فعله وتفعله مخابرات الأسد، كم لم يكن لديهما ضحايا قدموا اوراقهم وأدلتهم، كما هو حال ضابطي المخابرات.
رغم كل الدماء التي سالت، ومئات الآلاف من القتلى، وعشرات آلاف المعتقلين والمغيبين، وملايين اللاجئين، لا تزال “شخصنة” القضايا والمواقف، طاغية على نسبة كبيرة من السوريين، ومنهم من يزعم أنه يكافح للتغيير، ويسعى للحرية والعدالة لبلده، ووقف بالمرصاد لفضح النظام وجرائمه، لكن يبدو أن لهذا “الكفاح” سقف معين لا يمكن تجاوزه عند البعض، وذلك تحت بند العشيرة أو القرابة أو العلاقات الشخصية أو غيرها من الحجج، التي تتبدل فيها المواقف والآراء، وتنقلب فيها الوجوه والأخلاق.
القصص التي ساقها هؤلاء في معرض رفضهم لاعتقال ضباط سابقين من مخابرات النظام، ولـ”تبيض” سجلهما، هي تبريرات غير مبررة، لأن مبدأ أن فلان أو فلانة لم يعذبهما هذا الضابط أو ذاك، أو لم يتعرضوا لأي إذى من الضابط الفلاني، أو العلاني، لا ينفي أن هناك آخرون تم تعذيبهم والتنكيل بهم، وهو ما اعتمد عليه القضاء الألماني، وما امتلكه من قرائن وشهادات ووثائق.
يذكر بأن بعض مؤيدي الأسد قبل الثورة وخلالها، (وربما بعدها)، ممن لا يجرؤون على إعلان تأييدهم للأسد صراحة، يرددون: “يا أخي أشو ما حدا تعرضلنا”..!! وهو جواب في باطنه إنكار لوجود حالات تعذيب وقتل ارتكبها ويرتكبها النظام، ويشير إلى تأييد مبطن للأسد ولجرائمه، أو على الأقل تبرير لها.
هذا الموقف هو شبيه بما يفعله بعض المدافعين عن ضباط سابقين في مخابرات النظام أو جيشه، عندما يعمدون إلى تبرأتهم من جرائم ارتكبت بحق سوريين آخرين، فقط لأنهم لم يفعل ذات الجريمة معهم عندما كانوا سجناء لديهم، أو اقعين تحت أيديهم.
هذا التصرف، لا ينطبق على مؤيدي النظام أو بعض “الثوريين” كما بدا لنا في الأسطر السابقة فحسب، بل ينطبق أيضاً على مؤيديين مستترين (مؤيدون على استحياء) لـ”تنظيم الدولة” وغير من التنظيمات والكيانات والقوى الملطخة بدم السوريين، لكن يبدو أن هذه الدماء لا تعني شيئاً بالنسبة لكثيرين، فقط لأنهم كانوا بخير عندما كانوا تحت حكم هؤلاء وسيطرتهم، أو لأنهم من أقاربهم أو عشيرتهم أو معارفهم.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy