“خاص فرات بوست“
بعد التحولات الأخيرة بموازين القوى في الشرق السوري، وبالتحديد محافظتي ديرالزور والرقة، وبعد التقدم المستمر لقوات الجيش السوري الحر في الجنوب السوري “القلمون الشرقي والبادية”، باتت الكتائب المقاتلة هناك قاب قوسين أو أدنى من بلوغ حدود المحافظة الإدارية.
وبالمقابل تضع كل من الولايات الأمريكية والقوات الروسية ، وحتى أتباعهم الانفصاليين من وحدات BKK و YPG وقوات قسد، يضعون نصب أعينهم السيطرة على محافظة ديرالزور، ويواصلون تقدمهم بدعمٍ وتمهيد من طيران التحالف، من جهة الشمال والشمال الشرقي باتجاه المحافظة.
وتأتي هذه التطورات مترافقةً مع تقهقر قوات داعش غرب العراق في محافظات الموصل والأنبار، حيث استمرت كافة القوى بالضغط على التنظيم الإرهابي تارة، وتوالت انسحاباته واتفاقياته مع أضداده تارة أخرى، حتى أحجَمَ عناصر وأمنيو التنظيم عن شعاراتهم الرنانة كـ”الخلافة الراشدة ودولة الإسلام” وبات جل همهم الحفاظ على ديرالزور، وخصوصاً بعد أن أعلنها التنظيم عاصمة جديدة له.
“صحيفة التايمز البريطانية” نشرت مقالاً بعنوان (ديرالزور : برلين الشرق الأوسط)، وفي هذه المرة لم يغب تعبير “المحافظة الصحراوية” عن عناوين الصحيفة، لكن الكاتب نوه إلى أنها ستشهد معارك حساسة ، وبأن كل الاحتمالات واردة…
لقد استنبط الكاتب تشبيه ديرالزور بالعاصمة الألمانية، من وقائع الحرب العالمية الثانية عندما سيطر الحلفاء آنذاك على العاصمة ، وكانت منطقة نفوذ محورية لعدة جيوش كبرى، وتابع الكاتب قائلا :ً إن اتفاقية “خفض التوتر” الأخيرة لم تشمل محافظة ديرالزور ؛ نظراً للمخططات التي وضعتها هذه الدول الكبرى للسيطرة على المحافظة، وإن المنتصر سيتحكم بزمام الأمور في الشرق الأوسط ، بعد استفادته من موارد المحافظة.
فيما صرح عدد من القادة الميدانيين لعدة فصائل، أنه ينبغي على الجميع انتظار نتائج مخططات الدول صاحبة النفوذ الأكبر ضمن الأراضي السورية، وذلك نظراً لصعوبة الموقف خصوصاً بعد أن باع بشار الأسد السيادة السورية بثمنٍ بخس لكافة الجهات، وساهم بإدخال المزيد من الميليشيات الطائفية والتكفيريين.
هذا وقد نوه محللون عسكريون إلى أن سبب تمسك النظام وميليشياته بأي جزء من ديرالزور، وحرصهم على أن يكون لهم موطئ قدم في المحافظة، ما هو إلا صحوة مفاجئة لخبراء اقتصاده وقادته الأمنيين ، الذين لطالما اعتبروا ديرالزور محافظة فقيرة لا فائدة من استثمار مواردها، بينما رجح آخرون أن هذا التهميش كان متقصداً لغاية غير معلنة.
في حين تسعى إيران أيضاً لفرض سيطرتها على المحافظة “متذرعةً بدعم الأسد” ولكن هدفها الحقيقي بحسب محللين عسكريين هو منافسة القوى الكبرى في المنطقة ، للسيطرة على المحافظة وثرواتها، والأهم “فتح طريق استراتيجي واصل” بين مناطق سيطرة إيران الفعلية في العراق مروراً بسوريا ووصولاً إلى لبنان.
إيران، وروسيا والنظام من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها الانفصاليين من جهة، والتنظيمات الإرهابية التكفيرية من جهة أخرى، ومخططات جميعها لم تبن إلا على أسس المصالح والاستراتيجيات العسكرية ، بعيداً عن معاناة أهالي المحافظة ونزف أبنائها المستمر إلى أجلٍ غير مسمى.