- الضفّة الثالثة والعشرون
“إن الدين كلمة تقال وسلوك يُفعل، فإذا انفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة” / محمد متولي الشعراوي
***
*أحمد بغدادي
لا شكّ حتماً، وبكل يقين، حتى هذه اللحظات، ثمة أغبياء وقطعان “بشرية” مازالوا يصدّقون، و(يؤمنون) برواية “دولة الخرافة الإسلامية“؛ وهؤلاءِ، لا جواب عليهم أو حجّة، سوى بقول الله تعالى في سورة “الفرقان” الآية ٤٤:
- (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)
ولئلا يخرج علينا (شويّخ)، -أي تصغير “شيخ”، ويقول إن هذه الآية جاءت بحق كفّار قريش لأنهم يعبدون الأصنام، ويصدّون عن الدين الحقيقي، فنقول له، ولأمثالهِ، وبالفمِ الملآن، والأشداق الواسعة: “أنتَ من الأنعام” (أي الحيوانات) للشرح المُبسّط؛ لا بل أنتَ تائهٌ في حظيرةِ الجهلِ، وينقصكَ “علفُ المعرفة“.
فالقرآن الكريم” كتاب براغماتي”، أي لكل زمن ومكان وأمّة، وعصر، مع اختلاف الحضارات والتطوّر المعرفي، والثقافي والفكري؛ لذلك، أولئكَ، أتباع ما يسمى” أمير المشركين” _أبي بكر البغدادي_ اختاروا اللجامَ، و”تباكموا” طوعاً دون أن يعملوا عقولهم!، ولم يدرِ أيٌّ منهم كُنهَ الإسلامِ، وتعاليمه التي تدعو إلى العمل الحسن والسلوك الدمث، لا الانقياد وراء (رجل معتوه) واتّباعهِ، وكأنه (نبي)!، وهو ليس سوى عميل وضيع، وموتور يطلب الثأر حتى من ظله.
خلاصة ما تقدمنا بهِ أعلاه، يأخذنا لأسئلة عديدة، وأهمّها التالي:
- هل أمريكا وبريطانيا، وابنتهما (إسرائيل) يعجزون عن دقّ عنقِ (البغدادي) بأية لحظة؟
- أوليسَ الجدير بذئاب (الخلافة) أن تفترسَ أعداءها الحقيقيين، بدلاً من تصويب البنادق نحو صدور الأبرياء السوريين والعراقيين وغيرهم، ممن فتك بهم هذه الوحش المخابراتي (الإسلاموي)؟
- ماذا حصد هؤلاء الرعاع والغوغاء بعد هذه السنوات من ظهور ما تسمى “بدولة الخلافة” سوى النبذ والكراهية من كافة المجتمعات، وعلى رأسها الإسلامية؟!
ويبدو أن جميع هذه الأسئلة تموج وتشتد في (ضمائر) هؤلاء التابعين بشكل مباشر للــ”بغدادي”، أو من مناصريه حتى بالكلمة؛ لكن، للأسف، تبقى أجوبتها “كالبول” المحتقن في عقولهم، فهم لم يفكّروا للحظة في الحقيقة، ولم يكونوا على استعداد تام، لمعرفة الإسلام السموح، الذي يدعو كما قلنا للرأفة والرفق بالآخرين، لا قتلهم، والتنكيل بهم، لمجرد الخلاف في الرأي، أو أنهم من دينٍ آخر!
كما نعرف جميعاً، أن الأمريكان استخدموا الحركات الراديكالية في أفغانستان لمحاربة “الروس” – الاتحاد السوفيتي، وكانوا يدعمون قوات طالبان، وغيرهم من الجهاديين، ويصفونهم بالأبطال والثوار؛ وهذا من باب (الطنبرة)، أي كما يُقال في المثل العامي: ” ادفشه، وشوف ما أجحشه“. وكل ظنّهم يحررون أرضهم، وبعدما انتهت المهمّة الموكلة للـ(جهاديين – الثوار)، قام الأمريكان أنفسهم بمحاربة ذات الفصائل التي كانت حليفتهم، لا بل قاموا بغزو أفغانستان تمهيداً لغزو العراق، باسم (الإرهاب)، وتحرير الشعوب من الدكتاتوريات والذل!
- فهل رأينا جميعاً ذلاً أكثر من هذا على أيدي المحررين الجدد، وأسيادهم الأمريكان والبريطانيين؟
العراق يرزح تحت الموت كل يوم، ويزداد تفككاً وضياعاً مع وصاية (الولي الفقيه-خامنئي)، الذي استلمه كجائزة ترضية وعاث به فساداً، بعد مساعدة إيران لأمريكا في حروبها الإقليمية!
سورية، كذلك، بفضل “جرو المقاومة” بشار الأسد، وأسياده، ابتداءً من طهران حتى موسكو؟!
ويخرج علينا شخص موتور، يريد إقامة (دولة خلافة) مع خرافه، والشعوب تتمزّق، ويعطي الذرائع لجيوش العالم كي تغزو سوريا وتثبّت حُكمَ العميل الصغير (الأسد وعصابته)!
ماذا بعد؟ – اليمن يتدمّر بفضل طهران وآل سعود، وبراطم شيوخ وأمراء آل زايد؛ ومصر تحت رعاية “تل أبيب” وعميلها “السيسي” الجشع، شحاذ القرن المعاصر والمؤتمرات؟!
الوطن العربي يتداعى وينهار، أمام أعيننا، والحرب على الإسلام قائمة على قدمٍ وساق، ولمّا يزل هناك من يريد تشويه الإسلام وإلحاق العار بالأمة الإسلامية بفضل خيالاته المريضة، وطموحه الصبياني بقيام (خلافة إسلامية) على حساب دماء ملايين الأبرياء والمسلمين حول العالم!!
أما الأغبى من ذلك، أو كما وصفنا، المحزن أيضاً، فهم أولئك الذين يدافعون وينافحون بكل وسيلة عن (البغدادي وخرافته!)، وكأنه أنجبهم، بعد أن عقد قرانه على أمهاتهم في ليلة واحدة؟!
- فأين الآن الولايات والأمراء والأحلام واللحى القذرة والأردية الشرعية، من كل هذه الدماء المهرقة ؟!
- أين الشرعيون الكبار وقادة الصف الأول؟ ألم يغادروا على متن طائرات التحالف بعد أن أكملوا مهامهم الاستخباراتية وأقحموا الأغبياء بدم الأبرياء؟
- أين الحور العين وأنهر اللبن والعسل والوعود التي جمّلها هؤلاء لضعيفي الأنفس والحمقى؟
- أين سوف يفرّون، وأي مجتمع سيتقبلهم كونهم كالجرذان الجرباء المنبوذة في أقفاص المختبرات؟
وأخيراً، سؤال في الجغرافيا لأنصار الخبيث أمير المشركين:
- أين تقع البلد، أو الدولة التي تسمى (داعشستان)؟