خاص فرات بوست _ لقد جفف الإسلام منابع الاسترقاق والاستعباد وجاء الدين الإسلامي لتحرير الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، أما ما يتعلق بأسرى الحروب فقد شددت التشريعات الإسلامية على معاملة الأسرى معاملةَ حسنة، وفي حالة أسر النساء يراعى دائماً وأبداً عدم انتهاكهن والتعرض لهن بشتى الطرق، وبالحديث عن هذه الحالة بالتحديد لم يرِد في تعاليم الدين الإسلامي اغتصابهن ولا حتى إجبارهن على الزواج، فضلاً عن تحريم الزواج بالقاصرات سواءً الأسيرات منهن أم المسلمات تحريماً باتاً قاطعاً.
لم تكن تلك الظاهرة أي أسر النساء محرمة في الأيام الأولى لظهور الدين الإسلامي نظراً إلى أن العدو آن ذلك أذاق المسلمين الأمرين، وانتهك الحرمات واستعبد الشيب والشباب على حدٍ سواء وسبى نساءهم لذلك لم يكن من العدل أن يترك الجاني دونما عقاب، لكن المسلمون الأوائل وضعوا شروطاً لإيتاء النساء الأسيرات، فكنَّ يعاملن معاملة الزوجات ويأخذن حقوقهن كاملة ويعترف بالذرية الناتجة عن زيجاتهن اعترافاً كاملاً، ولأهم أن الأمر في تلك الفترة كان يتم بمحض إرادتهن وليس بالإكراه.
مضت كل هذه السنون وانقضت ليعيدنا تنظيم داعش الإرهابي مجدداً إلى ذات المعجنة التاريخية والمعضلة الأخلاقية، ولكن هذه المرة بشكل وطبائع وشرائع وقوانين مختلفة، لا تمت للإسلام ولا المسلمين بصلة، قوانين صاغها البغدادي حسب أهوائه ونزواته، وحسب استراتيجية متبعة لدفع الفئة الشبابية للالتحاق بصفوف التنظيم مستخدماً أقذر الطرق.
فقد عمد تنظيم داعش في جل معاركه إلى التركيز على أسر أكبر عدد ممكن من المديين، وخصوصاً أولئك القاطنين في مناطق نفوذه من النساء والأطفال، كونهم الفريسة الأسهل، وقد كانت الأقلية العرقية الإيزيدية في شمال العراقي الأكثر تضرراً من هذه الظاهرة، حيث إن التنظيم اعتبر وأفتى عبر مجلس شوراه أن كل إيزيدية سبيه للدواعش سواء قاتلت أم لم تقاتل.
– كيف وزع التنظيم ما وصفه “السبايا” على مقاتليه؟
وزع التنظيم النساء الواتي اعتقلهن بشكل عام على المناطق التي يسيطر عليها وبالتحديد المناطق الهادئة نسبياً البعيدة عن مناطق الاشتباكات، وكان ذلك منذ العام 2014 وحتى الفترة الحالية، ويقدر عددهن بـ 2500 سبية معظمهن من الأقلية الإيزيدية، حيث يوزعن على العناصر كافة، ويحق لكل عنصر بحسب التنظيم اختيار سبية واحدة وله حرية التصرف بها كما لو أنها سلعة، فستحلها أو يهديها لأحد رفاقه، شريطة ألا يعاود إتيانها بعد إهدائها، كما يحل للسبايا عدم ارتداء الملابس “الشرعية” التي فرضها التنظيم على نساء ديرالزور، وذلك لكي يتسنى لعناصره الاختيار بحسب مدى جمالهن، كما لوحض تجول عناصر التنظيم برفقة البيات اللواتي ارتدين لباساً فاحشاً ضمن مناطق نفوذ التنظيم.
– الواجبات والحقوق التي فرضها “شكلياً” التنظيم على عناصره حيال السبايا.
فرض التنظيم على “صاحب السبية” أن يلتزم مصاريفها وإيوائها ضمن منزل منفصل، وأن الذرية الناتجة عن هذه العلاقة ينسبون للأب ولهم حق الوراثة، ولا يحق له إنكارهم لاحقاً، غير أن غالبية عناصر التنظيم يعتبرون السبايا بحسب وصفهم، وسيلة للتسلية وفي غالب الأحيان يتركونهن لأشهرٍ دون مصروف أو مأوى، فضلاً عن عدم التزام أفراد التنظيم بالقوانين التي سنها وتجاوزهم الحد المسموح به من السبايا في معظم الأحيان، وسط حالةٍ من التغاضي عن تصرفاتهم من قبل أمنيي التنظيم تحت ذريعة ” أن مقاتليه منزهون عن الخطأ”.
– استغلال الأطفال عن طريق السبايا.
استخدم تنظيم داعش مؤخراً إحدى أقذر الطرق التي انتهك خلالها براءة الطفولة وعذرية صغيرات السن من السبيات، حيث منح عدداً كبيراً من ما يسميه “أشبال الخلافة” وهم مجموعات مقاتلة مع التنظيم ممن هم دون السن القانونية، منحهم أسيراتٍ صغيراتٍ في السن كسبايا لهم، وسط رفض غالبية أهالي أولئك الأطفال لمثل هذه الممارسات، وذلك بهدف تشجيع أولئك الأطفال على جلب رفاقهم، وتنسيبهم للتنظيم.
– أهم الحوادث التي نتجت عن انتهاكات لأمراء وعناصر داعش حيال السبايا.
*- القيادي الداعشي محمود المطر من مدينة القورية وقائد لواء القعقاع سابقا اتخذ سبيةً له تبلغ من العمر 45 عاماً، من إيزيديي الموصل وكانت أم لابنة واحدة، وأسكنهن في بيت خاص، وكان يتردد عليهن باستمرار، دون أن ينفق عليهن أو حتى دون أن يهتم بتغذيتهن، نظراً إلى أنه قد قدمهن لاحقاً كهدية لأحد أمراء الحسبة في المياذين بعد مشاكلٍ عائلية واجهته من قبل ذويه.
– والحادثة الأدهى حدثت في الشعيطات التي هي المركز الرئيسي لتجمع سبايا التنظيم، حيث قدم أمير تونسي على إحدى المدارس التي تحوي سبايا بالعشرات، فوقت أنظاره على أمٍ لديها ابنتان تبلغان من العمر 16 و12عاماً، فقام الامير التونسي باختيار الطفلة ذات الـ 12عام، لتبدأ الأم بالصياح وتقول له “خذني أنا وقطعني ولكن هذه طفلة”، فأصر الداعشي على أخذ الطفلة فقامت الأم بتمزيق رداء الطفلة لتقول له انظر إلى صدرها الذي لم يبرز بعد، إنها طفلة ياشيخ فقال لها بكل وقاحة وبلكنة عامية ركيكة “جكارة بوقاحتك سأخذها” وفعلا اخذها التونسي كسبية، ثم دخل في مشاجرة مع عنصرٍ عراقي على خلفية هذه الحادثة.
*- حالة أخرى وثقها فريق عمل فرات بوست مؤخراً، القصة بدأت عندما ذهبت امرأة من الريف الشرقي منذ ما يقارب العام، ذهبت إلى مدينة الميادين بقصد التسوق، وأثناء تجولها في سوق المدينة، تم اعتقالها من قبل جهاز الحسبة هناك، وكانت التهمة الجاهزة لها آن ذلك هي أنها “ترتدي معطفاً فوق اللباس الشرعي”، اختفت المرأة منذ ذلك الوقت لتظهر منذ شهرين، وكانت الطامة الكبرى عندما دخلت منزل أهلها، تقول المرأة أن أحد شرعيي التنظيم كويتي الجنسية قد “سباها” بحجة أنها زوجة مرتد، ثم طلقها منه ليتزوجها ويصطحبها معه إلى الموصل في العراق، وبعد أن قضت عدة أشهر مع ذلك “الشرعي” تركها واختفى ولم تجد له أثراً، واستطاعت بعد اختفائه الفرار باتجاه الأراضي التركية ومنها إلى الأراضي السورية حيث التقت بأهلها الذين أجبروها على إجهاض جنينٍ كانت قد حملت به أثناء أسرها من قبل الشرعي الكويتي.
*- طبيبة الأسنان رؤى ذياب من سكان مدينة الميادين حيث تمتلك عيادة في المدينة تعالج فيها أهالي المنطقة، اعتقلت الطبيبة مع مجموعة من زميلاتها الطبيبات في المدينة منذ ما يقارب العامين بتهمة معالجة مرضى من الرجال، ليعلن التنظيم بعد عشرة أيامٍ من اعتقالها أنهم أعدموها فيما لم يصرحوا عن مصير زميلاتها الطبيبات، اتجه والد الطبيبة رؤى إلى الشدادي ليلتقي بأمنيي التنظيم، وعندما طلب منهم جثة ابنته رفضوا وأخبروه بأنهم تخلصوا من جثتها ثم أمروه بالانصراف وعدم السؤال مجدداً وإلا سيلحقونه بابنته، وبعد مرور أشهر تتفاجاً صديقة الطبيبة رؤى باتصال هاتفي منها، لتخبر صديقتها بأنها تم “سبيها” وهي الآن في الموصل.
ويستمر تنظيم داعش الإرهابي منذ سيطرته على محافظة ديرالزور وحتى أيامنا هذه، بفرض أهوائه ونزوات عناصره فوق الشريعة الإسلامية والقيم والإنسانية، كما يستمر أيضاً في خدش حياء البشرية وانتهاك أبسط الحقوق الإنسانية، بتصرفات عناصره ومناصريه القريبة من التصرفات الحيوانية،حيث نقل التنظيم مؤخراً جل “السبايا” بحسب وصف عناصره من الموصل إلى الرقة ومن ثم الى ريف ديرالزور الشرقي الذي يعتبر الحصن الحصين للتنظيم وأسراه وسباياه الّلائي يتمركزن في المدن والبلدات الواقعة في ريف ديرالزور الشرقي وتحديداً في الميادين والبوكمال ومنطقة الشعيطات وحقل العمر النفطي.