- الضفّة السادسة والسبعون
أحمد بغدادي
***
تُعد معركة “تورا بورا“، التي قادتها القوات الأمريكية والبريطانية والألمانية مع قوات التحالف الأفغاني الشمالي، ضد مقاتلي طالبان و”أسامة بن لادن“، من أشهر المعارك في التاريخ القريب (المعاصر- عام2001 ). وقد انقلبت الموازين عقب ذلك، حيث أصبحت الولايات المتحدة تستجدي مقاتلي طالبان، لمصالحَ استراتيجية، فأبرمت مع الحركة اتفاقاً في الدوحة بنهاية شباط 2020، جاء في موجبه؛ انسحاب القوات الأمريكية وجنود التحالف، وإطلاق سراح 5 آلاف سجين من طالبان، مع إزالة العقوبات الأمريكية المفروضة على قادة وأفراد من طالبان.
نعم، المعارك قد تتشابه على مرّ العصور؛ فكلها مدمّرة، وخاصةً، تلك التي دارت بعد تطوّر التكنولوجيا (الأسلحة الفتّاكة – والحرب الإلكترونية)، وهيمنة أمريكا على العالم، بعد انهيار “الاتحاد السوفيتي“.. لتصبح القطب الوحيد، الذي لا منافسَ له، وتبدأ بشن الحروب غير الشرعية هنا وهناك، المتمثلة في غزو أفغانستان عام 2001، واحتلال العراق وتدميره، ومنحه لإيران عام 2003.. والتدخّل بشؤون الدول الاقتصادية والاستراتيجية، مثل اليابان والصين، والتحكّم ببنوك الاتحاد الأوروبي، ودول من الشرق الأدنى، في الخليج العربي، لتستمر عنجهيتها الوقحة وصولاً إلى اعترافها بشرعية الأراضي التي احتلتها ما تسمى “إسرائيل“، مثل القدس والجولان، والضفة الغربية، على أنها أراضٍ تتبع “ملكيتها” للكيان الصهيوني!
بعد كل هذه الكوارث، التي افتعلتها “واشنطن”، بمساعدة حلفاء مجرمين، منهم الحليف (العدو إعلامياً)؛ نظام الادعاء الديني في طهران، وغيره من حلفاء استراتيجيين، كبريطانيا و”إسرائيل”، توجّهت بوصلة الرأسمالية الأمريكية، والإرهاب الديمقراطي المُعلّب في واشنطن، نحو سورية، لضرب العصب الاجتماعي، والقوى الأصيلة (الشعب السوري الحرّ)، التي لها جذرٌ تاريخي مع القدس،مناطٌ بتحريرها، بمساعدة وتواطؤ ومباركة طاغية الشام، “بشار الأسد“، الذي ورثَ الدناءة والعمالة عن “أبيه” حافظ الأسد، حيث كان الأخير، من العملاء المخلصين للكيان الصهيوني ومرضعته “بريطانيا”.
استقوى نظام الأسد على الشعب السوري، بعد أن رأى صمتاً مطبقاً من قبل “واشنطن”، على مجازره المتكررة، والانتهاكات التي قام بها في درعا وحمص ودير الزور، وباقي المدن السورية لاحقاً.. فقام بنسف كل القوانين والنواميس السماوية والدنيوية، وتجرّأ على القانون الدولي (إن وجد)، وأخذ مع حلفائه الشياطين يبطشون بالمدنيين ويقتلون الصغير قبل الكبير، بذريعة محاربة أعداء الدولة، ومكافحة الإرهاب الخارجي، (المندسين).
وكانت كل معركة يشنّها ضد الشعب السوري، أكبر وأضحم من “تورا بورا“، وكأن المدنيين هم خارجون عن القانون، وإرهابيون يقطفون رؤوس الأبرياء. وهذا ما فعله حقاً! حيث أقدم على مجازر شنيعة لا يتصورها العقل البشري، ولا تخطر ببال “هتلر“، مع حليفه الخبيث “الخامنئي“، ذاك الثعبان، الذي لم يسلم من سُمّه، كل من في الشرق الأوسط، وإفريقيا، شأنه شأن لدغات أمريكا وبريطانيا والصهاينة في “تل أبيب”. وعليه، فإن الدفّة أصبحت في قبضة “الأسد” واستطاع تطويع أمواج المجتمع الدولي وكسب نقاط كثيرة لصالحه بسبب صمت دول كثيرة على ما يقوم به من جرائم وفظائع، وبالتالي؛ استفحل المخثنّث، بعد أن دعمته روسيا عسكرياً في عام 2015، عقب دعمها السياسي مع الصين في مجلس الأمن، ورفع الفيتو بشكل متكرر ضد أي قرار يدينه!
يقول معظم الناس في العالم، إن ما فعله نظام الأسدين في سورية، ضد “شعبه” قبل الثورة، وخلال تسعة أعوام بعدها، من قتل وتهجير واعتقالات، وتدمير مدن، هو دليل دامغ لعمالته وخياناته الواضحة، وإجرامه على ما فعله في لبنان، ضد اللبنانيين والفلسطينيين، علاوة على تآمره مع “الخميني” ضد العراق.
إذن؛ تعتبر معركة “تورا بورا”، لعبة “بلاي ستيشن” أمام مجازر نظام بشار الطاغية بحق السوريين، وغيرهم من مواطني دول عربية ذاقوا القهر والظلم، من قبله، وعلى أيدي مشغليه وأسياده في “تل أبيب”، الذين يتحكمون كصهاينة في موازين العالم وقوانينه.