*فرات بوست: أخبار | تقارير
بعد أن فقد “تنظيم الدولة” السيطرة على معظم المناطق التي كانت تحت قبضته قبل نحو ستة أعوام، لجأ التنظيم إلى تكتيكات جديدة للحفاظ على وجوده. تحول التنظيم من السيطرة المباشرة على المدن والبلدات إلى الاعتماد على خلايا نائمة منتشرة في مناطق سيطرة كلاً من “قسد” ونظام الأسد.
ومع مقتل المئات من خلايا التنظيم إما في معارك أو بعمليات أمنية نفذها التحالف الدولي، واعتقال آخرين في سجون قسد، بدأ التنظيم في البحث عن طرق لتعويض النقص في صفوف خلاياه.
أهمية العنصر البشري في استراتيجية تنظيم الدولة
منذ بداياته، أدرك “تنظيم الدولة” أهمية العنصر البشري في تحقيق أهدافه. سعى التنظيم إلى تأسيس قاعدة شعبية قوية إبان سيطرته على المناطق، واهتم بشكل خاص بتجنيد الأطفال والشباب، فيما عُرف بـ”أشبال الخلافة”. كما فرض التنظيم آنذاك التجنيد الإجباري في المناطق التي سيطر عليها، وهو قرار اعتبره العديد من المحللين من أكبر الأخطاء التي ارتكبها التنظيم، حيث أدى إلى هروب الآلاف من المدنيين إلى مناطق سيطرة قسد والشمال السوري وتركيا وأوروبا، هربًا من بطش التنظيم، حيث بدأ الأهالي في ذلك الوقت بإرسال أبنائهم إلى خارج مناطق سيطرة التنظيم خوفًا من إجبارهم على الانضمام للقتال تحت مسمى “الجهاد”.
استراتيجيات تنظيم الدولة في تجنيد المقاتلين
مع تصاعد خسائر تنظيم الدولة لخلاياه خلال السنوات الأربعة الماضية، بدأ التنظيم في البحث عن أساليب جديدة لتجنيد المقاتلين، خصوصًا في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور. حيث بدأ بعمليات تجنيد جديدة عبر شخصيات قيادية في التنظيم أو أفراد لهم تأثير في المجتمع المحلي، حيث يتطلب الأمر تزكية من شخص موثوق داخل التنظيم. ولا يوجد عمر محدد للمنضمين الجدد، بل يعتمد الأمر بشكل أساسي على التزكية.
أحد الأساليب الأكثر انتشارًا حاليًا هو استغلال الروابط العائلية أو القبلية مع أفراد سبق وشاركوا في صفوف التنظيم، أو اعتقلتهم قسد، أو قُتلوا في معارك سابقة. يعتمد التنظيم على مشاعر الانتقام أو التضامن مع هؤلاء لجذب عناصر جديدة.
دوافع التجنيد: من الفقر إلى الانتقام
هناك عدة عوامل تجعل من تجنيد الأفراد في صفوف التنظيم أمرًا ممكنًا. أولها الفقر، حيث يُغرى الأفراد بالمال. كما أن الرغبة في الانتقام، سواء من قسد أو النظام السوري، تشكل دافعًا قويًا للانضمام. إلى جانب ذلك، يسعى التنظيم إلى جذب أولئك الذين يحملون أفكارًا متطرفة ويؤيدون منهجه.
أساليب الترويج والدعاية
لتحقيق أهدافه، يستخدم التنظيم أساليب متعددة لترويج نفسه بين الأفراد. يقدم نفسه كقوة أمنية فعالة، أو كمدافع عن المسلمين ضد قسد، ويعتمد على الترهيب والتهديد لضمان الامتثال. كما يعد بمكافآت مالية أو مادية، ويستفيد من الروابط العائلية أو القبلية مع أعضاء التنظيم السابقين.
التجنيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي
يستهدف تنظيم الدولة بشكل خاص فئة الشباب بين سن 14 و25 عامًا، وذلك لما يتمتع به هؤلاء من قابلية للتأثير. كما تسعى إلى إعادة تجنيد كبار السن الذين سبق لهم الانضمام إلى صفوف التنظيم. على الرغم من أن التنظيم بات حذرًا في استخدام الإنترنت للتجنيد المباشر بسبب الرقابة المشددة، إلا أنه لا يزال يستخدمه كأداة للدعاية.
تحديات التنظيم واستمراريته
ورغم تراجع التنظيم على المستوى الاقتصادي ورفض العديد من أصحاب رؤوس الأموال دفع الإتاوات، إلا أن تنظيم الدولة لم يتوقف عن محاولته في تجنيد الأفراد في مناطق نفوذ خلاياه. ويشير بعض المطلعين على شؤون التنظيم إلى أنه سيواصل جهوده للحفاظ على قدرته على تنفيذ العمليات العسكرية، رغم التحديات التي يواجهها.
كما يبدو أن “تنظيم الدولة”، برغم خسائره، لا يزال يشكل تهديدًا مستمرًا في المنطقة، معتمدًا على استراتيجيات متنوعة للبقاء والتوسع، مما يستدعي يقظة دائمة من قبل القوى المحلية والدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.