فرات بوست: أخبار | تقارير
بعد أكثر من عقد من المعاناة الإنسانية غير المسبوقة، بدأت خلال الأيام الماضية عمليات تفكيك مخيم الركبان الواقع عند المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، في مشهد يختزل نهاية فصل مظلم من أزمة النزوح السوري.
يأتي هذا التطور بعد عودة آلاف العائلات إلى مناطقهم الأصلية عقب التحولات السياسية الأخيرة في البلاد وسقوط نظام الأسد.
صحراء الموت: رحلة إنشاء المخيم
تأسس المخيم عام 2014 في منطقة صحراوية قاحلة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ليكون ملاذاً للنازحين الفارين من أرياف حمص وتدمر والسخنة وريف دمشق هرباً من القصف والمعارك الدامية.
مواد ذات صلة:
معاناة مستمرة: ارتفاع أسعار السلع الغذائية في مخيم الركبان بسوريا
ومع مرور السنوات، تحول هذا الموقع النائي إلى رمز عالمي للمعاناة الإنسانية، حيث تجاوز عدد سكانه 75 ألفاً في ذروة الأزمة، معظمهم من النساء والأطفال، فيما انخفض عدد قاطنيه إلى نحو 10 آلاف نازح خلال السنوات الأربعة الماضية.
حصار لا يرحم: سنوات من العزلة القاتلة
عاش سكان المخيم أوضاعاً إنسانية بالغة القسوة، حيث:
– شُدد الحصار بشكل منهجي منذ سنوات، مع منع دخول الأدوية والمواد الغذائية الأساسية من قبل نظام الأسد. حيث انقطعت المساعدات الإغاثية والطبية** بشكل شبه كامل منذ عام 2019، ما فاقم الأوضاع الكارثية أصلاً.
– تفشت الأمراض مثل الديدان المعوية والتهابات المسالك البولية وأمراض الجهاز التنفسي، مع وجود جهاز أوكسجين واحد فقط لآلاف السكان. كما انهارت البنية الخدمية بشكل كامل، حيث لم تتوفر مرافق تعليمية أو صحية كافية، ما دفع منظمات حقوقية دولية لوصفه بـ”أحد أسوأ أماكن اللجوء في العالم”.
رحلة العودة: تحديات ما بعد التفكيك:
يواجه العائدون منازل مدمرة بالكامل في مناطق مثل البادية السورية وريف حمص، مع غياب بنية تحتية قادرة على استيعابهم.
فيما حذر ناشطون من عدم وجود خطة واضحة لإعادة الدمج أو تأمين الاحتياجات الأساسية للعائدين، مطالبين الحكومة والمنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتهم.
يشكل تفكيك المخيم علامة على نهاية مرحلة مأساوية، لكنه يترك أسئلة ملحة حول مسؤولية المجتمع الدولي في منع تكرار هذه الكارثة الإنسانية. فكما عبر أحد النازحين: *”لجأنا هرباً من القتل ليجبرونا على مواجهة الموت جوعاً ومرضاً”*. اليوم، بينما تُطوى خيام المخيم الواحد تلو الآخر، تبقى الحاجة ماسة إلى ضمان عودة كريمة وآمنة للنازحين، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، لكي لا تتحول نهاية المخيم إلى بداية لأزمات جديدة.