بعد أن هدأت بشكل نسبي المعارك العسكرية التقليدية التي شهدتها سوريا منذ 7 خلت، تسارعت منذ أشهر “حرب الخلايا” داخل البلاد، لتشهد تصاعداً كبيرة، وتسابقاً بين خلايا نظام الأسد و”تنظيم الدولة”، داخل مناطق “قسد” والمعارضة السورية على حد سواء.
المناطق الخاضعة لـ”قسد”، تشهد منذ أسابيع تزايد الحوادث الأمنية المرتبطة بعمليات تصفية مقاتلين في عمق المناطق المسيطر عليها من قبلهم، لتتكرر بين الحين والآخر، حالات فقدان عناصر من “قسد”، ومن ثم العثور على جثثهم بعيد ساعات أو أيام، وبعض عمليات الاغتيال يتبناها “تنظيم الدولة” بشكل رسمي، وبعضها لم يعترف بها أبداً، أو ربما تأجل الاعتراف بها، لضرورات أمنية للخلايا المنفذة.
عمل الخلايا لم يتعلق بعمليات القتل للعناصر فقط، بل تشمل كل من لهم ارتباطات أمنية أو إدارية أو أعمال مدنية مع “قسد”، وقد تمارس هذه الخلايا دور “الطابور الخامس” الذي يثير القلق والاشاعات، وذلك بالاتفاق مع بعض المؤيدين الموالين للتنظيم من المدنيين، أو ممن تضررت مصالحهم بعد طرده من المنطقة.
المعلومات المتعلقة بهذا المجال، تشير إلى أن بعض حوادث القتل التي نفذتها خلايا من التنظيم، تمت بتسهيل وتعاون من قبل أقرباء للعناصر المستهدفين المنتسبين لـ”قسد”، من أبناء ريف دير الزور أو الرقة المسيطر عليها من قبل الأخير.
ويذكر في هذا المجال، أن دور “الطابور الخامس” تقوم به أيضاً خلايا نظام الأسد التي بدأت تنشط مؤخراً، والتي تفيد بعض الأنباء إلى أن هناك تحركات من قبلها، لافتعال مظاهرات ضد “قسد” خلال الفترة القادمة، وترفع خلالها شعارات تطالب بعودة نظام الأسد إلى المنطقة.
“تنظيم الدولة” كشف منذ أيام وللمرة الأولى، عن دور خلاياه، وذلك عبر منشورات وزعها داخل المناطق المسيطر عليها من قبل “قسد”، وهدد فيها كل من يعمل إلى جانب “قسد” سواء عبر حمل السلاح معها، أو حتى بالعمل المدني والإداري، بالقتل.
الانفلات الأمني وحوادث القتل والسرقة والسلب و”التشليح”، الذي تشهده مناطق “قسد” في الرقة ودير الزور، جراء تفعيل عمل الخلايا، واستغلال البعض للوضع الأمني غير المستقر، دفع العديد من السكان إلى اتخاذ خطوات لحماية مناطقهم، وكان آخرها، قيام عدة بلدات وقرى في ريف دير الزور الشرقي، مثل الطيانة والشحيل، بتشكيل لجان محلية هدفها الحد من حمل السلاح، ومواجهة خلايا “تنظيم الدولة”.
حرب الخلايا، لم تقتصر على مناطق “قسد” فحسب، بل شملت كذلك المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال السوري، مع الإشارة إلى أن خلايا النظام لها السطوة الأكبر في هذا الإطار، مقارنة بعمل خلايا “تنظيم الدولة”.
ومن هنا، شهد الشمال السوري ارتفاعاً بحوادث القتل والتفجيرات والاختطاف، ويرى العديد من السكان، إلى أن السبب الأساسي هو تراخي الجهات المسؤولة عن الأمن في المنطقة من تعقب خلايا النظام، ومعاقبة من يتم القبض عليه وإدانته.
وفسر البعض هذا التراخي، بطغيان القرابة والعشائرية على عمل المسؤولين على الأمن في المنطقة، عبر إطلاق سراح عدد كبير ممن ثبتت إدانتهم بالتواصل مع النظام، وتشكيلهم لخلايا، أو انتسابهم لصفوفه، بسبب تدخل أقارب هؤلاء من مقاتلي المعارضة وقادتها، لإطلاق سراحهم، وأحيانا التهديد باستخدام السلاح إذا لم تنفذ مطالبهم، وإطلاق سراحهم بالقوة.
ومما يجدر ذكره في هذا المجال أيضاً، الدور الكبير للفساد الحاصل في مناطق “قسد” أو المعارضة، وغياب المحاسبة، ما أدى إلى إطلاق سراح عدد كبير من المدانيين بتعاملهم مع النظام، أو انتسابهم لـ”تنظيم الدولة”، وذلك بعد دفع مبالغ مالية كبيرة.
239
المقال السابق