فرات بوست: أخبار | تقارير
كشفت صحيفة “ذا ناشيونال” عن مخطط يهدف إلى إعادة تشكيل النفوذ الإيراني في سوريا، عبر ضابط سوري سابق في النظام المخلوع يسعى لتجنيد ميليشيا موالية لطهران.
تأتي هذه التحركات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، وتكشف عن محاولات إيرانية لاستغلال الوضع الراهن لتعزيز وجودها في المنطقة.
ضابط سوري سابق يقود المبادرة
أفادت الصحيفة أن العقيد غياث دلة، الضابط السابق في جيش النظام السوري المخلوع، تواصل مباشرة مع السلطات الإيرانية لطلب دعم مالي يصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
يهدف دلة من هذا الدعم إلى إعادة تشكيل ميليشيا موالية لطهران في سوريا، وإنشاء جبهة معادية لإسرائيل. هذه الخطوة، التي تمت دون وساطة “حزب الله“ اللبناني، تشير إلى رغبة إيرانية في بناء قنوات اتصال مباشرة ونفوذ مستقل في سوريا.
ونقلت “ذا ناشيونال” عن مسؤول أمني سوري سابق ومصادر مقربة من فلول نظام بشار الأسد أن دلة قدم مقترحاً لإيران خلال الأيام العشرة الماضية.
يتضمن المقترح تجنيد مقاتلين من عناصر جيش النظام الملخوع لشن هجمات على أهداف إسرائيلية ومقاومة الحكومة السورية الجديدة.
وفي المقابل، تجمع السلطات السورية معلومات استخبارية حول هذه التحركات، مما يعكس حساسية الوضع وتداعياته المحتملة على الاستقرار الداخلي.
شبكة دلة وتحديات التجنيد
يعتمد العقيد دلة، الذي قاد سابقاً “الفرقة 42 المدرعة”، على شبكة واسعة تضم حوالي 100 ألف من عناصر الأمن الفارين.
هؤلاء العناصر لجأوا إلى جبال الساحل السوري بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024. ووفقاً لمصدر علوي بارز، يمتلك دلة شبكة عسكرية سرية مزودة بأسلحة خفيفة ومتوسطة، مما يمنحه قدرة على التحرك والتأثير.
- ومع ذلك، يواجه دلة تحديات كبيرة داخل الطائفة العلوية نفسها. يرفض العديد من أبناء الطائفة دعواته للانضمام إلى هذه الميليشيا، مفضلين التأقلم مع الحكومة الجديدة بدلاً من الانخراط في صراعات جديدة.هذا الرفض يعكس انقساماً داخل الطائفة، ويضعف من قدرة دلة على حشد الدعم اللازم لمخططه.

صورة لـ غياث دلة الذي قاد هجمات الساحل السوري الدموية في آذار/ مارس الماضي
فرصة ذهبية لإيران وبديل محتمل للأسد
يرى دلة في الحرب الإيرانية-الإسرائيلية “فرصة ذهبية” لتوحيد العلويين وتشكيل قوة مقاومة مدعومة من إيران.
هذا المنظور يتوافق مع استراتيجية إيران في المنطقة، التي تسعى لتعزيز نفوذها عبر وكلاء محليين.
ونقلت الصحيفة عن ضابط استخبارات سابق أن دلة، بخلاف عائلة الأسد، يُنظر إليه كشخصية دينية أقل فساداً، مما يجعله أقرب إلى إيران التي قد ترى فيه بديلاً قيادياً لملء الفراغ الذي تركه الأسد بعد سقوط نظامه.
يؤمن دلة بأن بقاء الطائفة العلوية يعتمد على مواجهة الحكومة السورية والانفصال عنها، مما يعكس رؤيته لمستقبل العلويين في سوريا.
عقبات وتمويل غير مؤكد
على الرغم من طلب التمويل الكبير، تُشير مصادر الصحيفة إلى أن إيران قد لا تحول مواردها عن جهودها الحربية الحالية. ومع ذلك، فإن إعادة بناء نفوذها في سوريا قد تكون استراتيجية مستقبلية لإيران، خاصة بعد خسارتها لجزء كبير من وجودها في سوريا عقب سقوط الأسد.
يواجه دلة عقبات إضافية، بما في ذلك الرفض الداخلي وصعوبة توحيد العلويين المتفرقين. كما أن هجماته السابقة في آذار 2025 على مناطق الساحل السوري، التي استهدفت الأمن العام، دفعت السلطات لتكثيف حملاتها الأمنية ضد فلول النظام، مما يزيد من صعوبة تحركاته.
في ظل استمرار إيران في السعي لتعزيز نفوذها في المنطقة، رغم التحديات التي تواجهها. وتشير تقارير إلى وجود خلايا إيرانية في جنوب سوريا يمكن تفعيلها، مع اكتشاف مستودعات أسلحة وهجمات صاروخية حديثة على الجولان المحتل.
يُنظر إلى محاولات دلة كجزء من استراتيجية إيران الأوسع لاستغلال الصراع مع إسرائيل لإعادة ترتيب أوراقها في سوريا، وبناء نفوذ جديد في المنطقة بعد التغيرات السياسية الأخيرة.