“حصري” فرات بوست
كشفت الوثائق الأخيرة التي حصلت عليها مؤسسة فرات بوست من مكتب ما يسمى “والي حلب” الداعشي في مدينة الباب، كشفت عن هوية الصانع والمصمم الأول للطيرات المسيّرة عن بعد التي كان التنظيم ولا يزال يستخدمها لقصف تجمعات المدنيين، وتصفية “بعض قادته أحياناً”، حيث بيّنت إحدى الوثائق المرفقة بهذا الخبر ملابسات أسر “أبي حمزة الكزخستاني” من قبل إحدى الكتائب التي تنسب نفسها للمعارضة في ريف حلب واغتيال مرافقه بعد يومٍ واحد.
أبو حمزة الكزخستاني بحسب كاتب الوثيقة، هو رجل أعمال ثري كان يقطن الأراضي التركية حتى فترة قصيرة، ويمتلك شركة للحاسوب والتكنلوجيا، ويرجَح أنه مختص بذات المجال، كما كان يعنى بصيانه المناظير الحرارية، ويعد أبي حمزة من الشخصيات السرية الفعالة “ممن لا يظهرون عادةً في إصدارات التنظيم” حفاضاً عليه من أي استهداف ممكن.
ونظراً إلى أنه غير معروف من قبل العوام أو أمنيي التنظيم وعلى اتصال مباشر بالقيادات في العراق وسوريا، كان يتنقل ما بين سوريا والعراق وتركيا بكل أريحية، ليأمن القطع للازمة لتصنيع الطائرات المسيّرة من الصين مروراً بتركيا وصولاً للأراضي السورية، وحتى عندما تم أسره من قبل إحدى الكتائب التي نسبت نفسها لقوات المعارضة، لم يتم التعرف على هويته الحقيقية أو وظيفته التي كان يزاولها ضمن تنظيم داعش.
يتابع كاتب الوثيقة قائلاً: إن أبى حمز وفي إحدى رحلاته باتجاه الأراضي التركية لإحضار محركاتٍ نفاثةٍ للطائرات المسيّرة، تم أسره وبحوزته مبلغ كبير من المال، وبعد هذه الحادثة بيوم واحد فقط، في الثالث عشر من شهر رمضان الفائت، استهدفت طائرة مسيّرة “لم يحدد الكاتب مصدرها” استهدفت مرافقه “رمضان الداغستاني” على طريق العوسجلي (الباب – منبج) شرقي مدينة بزاعه لترديه قتيلاً.
ولهذا الأخير حكاية طويلة من السرقات والفساد وتجارة الرقيق التي لم تسلم منها حتى ابنته “ذات الأربعة عشر ربيعاً”، والتي زوجها لأربعة قياديين في التنظيم بهدف التقرب منهم وللتستير على اختلاساته، حيث وصلت المبالغ التي اختلسها الداغستاني خلال نشاطه مع داعش إلى مبالغ خيالية تقدر بمئات آلاف الدولارات، وبعد مقتله في بزاعه بأيامٍ قليلة، انتقلت زوجته أيضاً للسكن في منزل زميله في التنظيم “علي قرقز، وهي لا تزال في فترة العدة”.
اتهم كاتب الوثيقة “أبو محمد التونسي” مسؤول التسليح العام في ولاية حلب، عدداً من عناصر التنظيم من ضمنهم علي قرقز والمهرب الذي كان يقل أبو حمزة الكزخي إلى تركيا، اتهمهم بسرقة أموال الأخير أثناء اختفائه، كما شكك في ضلوع الكزخي في مقتل الداغستاني.
في هذه الأثناء كانت “المقايضات” جارية بين الكتيبة التي أسرت أبي حمزة الكزخي وبين قيادة تنظيم داعش للإفراج عنه مقابل 50 ألف دولار أمريكي، كما أرسل أفراد الكتيبة مقطعاً مصوراً يروي فيه الكزخي تفاصيل اعتقاله، وظهر في المقطع أحد أفراد الكتيبة يطالب التنظيم بدفع الفدية.
فيما لم يذكر في باقي الوثائق الـ250 أية تفاصيلٍ عما استجد حيال قضية أبو حمزة الكزخي، ما يدل على أنه الآن حرٌ طليق، ومن الممكن أن يلتقي به أيٌ منّا خلال يومٍ اعتيادي، دون أن يعرف أنه الكزخي الذي أسقط العديد العديد من القذائف عن طريق طائراته فوق رؤوسنا يوماً، ولربما لن نعرفه لاحقاً حتى بعد زوال التنظيم.
ما ظهر في هذه الوثيقة ما هو إلاّ غيضٌ من فيض مجلداتٍ خمسة عشر، لم تظهر فيها سوى بضع شخصياتٍ في التنظيم، لكنهم يستحقون لقب “مجرمين” بجدارة، أما إثبات سوداوية داعش فجاء بتوقيع قلم أبي محمد التونسي، الذي لم يخطر بباله يوماً أن فصاحته اللغوية في الوثائق “السرية” ستعرض للملايين عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وعلى مرأى ومسمع الجميع، ولتكون إثباتاً دامغاً على إجرام داعش البعيد كل البعد عن الدين الإسلامي الحنيف وشرائعه.
“جميع الحقوق والوثائق محفوظة لدى مؤسسة فرات بوست الإعلامية”