- الضفّة الثلاثون
*بقلم: أحمد بغدادي
***
أثناء اعتراض روسيا والصين مؤخراً بـ”فيتو” مزدوج على وقف إطلاق النار في إدلب، وكأنهما يقولان للمجتمع الدولي، نحن نريد المزيد من الدماء، وبرعايتكم؛ كان السوريون يعرفون مسبقاً المسرحية الهزلية التي دامت ثماني سنوات، من اجتماعات ومؤتمرات ومؤامرات، وشجبٍ وتنديد، وخطوط حمراء توضع على كتف الطاغية “بشار الأسد” أوسمة لخدماته التاريخية في قتل الشعب السوري وتدمير البلاد، وتهجير ملايين السوريين والفلسطينيين واعتقال مئات الألوف!
فما الجديد إذاً في تشكيل لجنة دستورية؟ على غرار قرارات سابقة (إعلانية ودعائية وإعلامية) في أروقة الأمم المتحدة التي مدّت البساط تحت أقدام القتلة، وأعطت الأضواء الخضراء للنظام السوري المجرم وحلفائه برفع وتيرة القتل واستخدام أسلحة محرمة دولياً ضد الشعب السوري!
الجديد، هو ترويض (المعارضة) أكثر، وتدجينهم، وإرضاخهم ليحيدوا عن أهداف الثورة ويتنازلوا بشكل أكبر؛ فكل شخص (سياسي) أو ضمن صفوف ما تسمى لجنة التفاوض، يسعى إلى الحفاظ على منصبه وسواقي المال المتدفقة إلى جيبه من الأطراف التي يتعامل معها، عدا عن مرتبه الشهري الذي يكفي أكثر من عشرين عائلة متهجرة أو نازحة، لشهور.
هؤلاء، خراف المعارضة ونعاج لجنة الدستور ومشتقاتهم، من الذين تم اختيارهم من قبل النظام المجرم، والمجتمع الدولي المخصي أمام دولتين وهما الصين وروسيا، ومنظمات المجتمع المدني (دكاكين الثورة) المنتقاة من قبل مهرجي الأمم المتحدة، لن يضيفوا شيئاً إيجابياً على المشهد السوري، بل بذهابهم واتفاقهم على – دستور الدم – هذا، يدفنون مع القتلة كل لحظة طفلاً أو طفلة، ويصبحون شركاء مباشرين في عمليات القتل الممنهجة والقصف اليومي وانتهاكات حقوق الإنسان في سورية!
ابتداءً من أول طلقة جاءت في صدر أول مواطن سوري، ووصولاً بكيماوي الغوطة، والتهجير ودمار المدن والاعتقالات ومجازر إدلب الحالية، شاهدنا خُصى رجلات المعارضة تتدلّى كعناقيد العنب الناضجة على طاولات التفاوض، كي يقطفها النظام وحلفاؤه ويرمون بالأعقاب أمام أوجه السوريين، بأن شركاءنا هؤلاء، بوأدكم ودفن ثورتكم! … لذا، ليس من المستغرب أن ترعى هذه الخراف مراتٍ أخرى في إسطبل الأسد، وهم الذين لم يحققوا مكسباً واحداً حقيقياً للثورة وللسوريين المكلومين، بل جلّ ما يهمهم الكراسي الفارهة في الطيارات عبر الدول، وغداء وعشاء العمل في فنادق الدول (الضامنة – القاتلة)؛ وما يسعدهم أكثر، أن يطبّلوا على كروشهم، وينظفوا أسنانهم بعظام الأطفال السوريين المهشمة، بعد وجبة دسمة، وهم يناقشون الوضع في إدلب أو دير الزور!!
إذن، وفيما يخص لجنة (تسييس المستور)، لنفرض أن ( هذا الدستور) مؤلفٌ من مائة وخمسين صفحة، بحسب عدد الأعضاء؛ فعلى كل عضو وعضوة في اللجنة الدستورية أن يضعوا تلكم الصفحات على أوجههم بعد أن يمسح فيها الأطفال السوريون مؤخراتهم.
- فأية مهزلةٍ هذي التي يقومون بها؟!
الدماء تنز وتسيل في إدلب، وقوادو (قيادو) المعارضة يشربون الشاي الموجّع بالدولارات في الرياض والفودكا في موسكو، والسحلب في إسطنبول !
الأطفال يتناثرون بفعل الطيران في دير الزور والنساء تغتصب في المخيمات، وضباع العالم يلهثون وراء حصصهم من الأراضي السورية!
المقابر الجماعية في سورية أكثر من محاصيل القمح في أوروبا والوطن (العربي)، والملك سلمان يلهو بخصيتيه مع ابنه ولي العهد الموتور!
السوريون المهجّرون في المنافي والخيام يموتون من الجوع والحصار والقهر والقصف والمؤامرات الدولية، وخنزير الكويت وثعابين الإمارات يصفقون لأوباما القاتل بعد أن نال جائزة نوبل للسلام !
ترامب ينتهك أعراض نساء الملوك والأمراء ويتبوّل على شرف (آل سعود) ويأخذ منهم “الجزية” وهم صاغرون أمام “فتى الكاوبوي” وحذائه!
المدن السورية تتساقط شعباً شعباً، وقحاب المعارضة السورية يصافحون القتلة ويتراكضون لإرضاء أسيادهم في أروقة الأمم المتحدة!
- دستور ؟!
لا دستور لدى الشعب السوري الحرّ سوى محاكمة القتلة.