خاص – فرات بوست
تشهد محافظة دير الزور خلال الأسابيع الماضية، حملة تهجير جماعي لسكانها تعد الأولى من نوعها في تاريخها، ويقف خلفها كل من النظام وروسيا وأمريكا وإيران، بهدف تحقيق 4 أهداف رئيسية تخدم أجندات كل منهم.
الحملة التي تتزعمها روسيا تهدف إلى إفراغ المحافظة من سكانها، عبر استخدام نهج القصف المكثف وارتكاب المجازر، ما دفع إلى حصول موجات نزوح ضخمة باتجاه المناطق الخارجة عن سيطرة تنظيم داعش، وكان التركيز في الأيام الماضية على ريف دير الزور الشرقي الذي شهد عدة مجازر على معابرها المائية، وذلك بعد الانتهاء من تفريغ ريف المحافظة الغربي.
حملة القصف التي طالت دير الزور، كان هدفها أحداث تغيير ديمغرافي وتطهير عرقي وطائفي، أكثر من كون لها أهداف عسكرية آنية، أو حتى اقتصادية كما يشاع.
محافظة دير الزور ذات الـ33 ألف كم مربع والتي تحتوي على نصف ثروات البلاد النفطية، وتعد الخاصرة الشرقية لسوريا، تجاوز عدد سكانها قبل الحرب مليون ونصف المليون مدني، هجّر أغلب سكانها حالياً بشكل متسارع، لتحقيق أهداف إقليمية وطائفية وعرقية تقودها عدة أطراف دولية.
الهدف الأول الذي تسعى إليه جميع الأطراف المشاركة في هذه الحملة، هو القضاء على فكرة وجود مثلث أو محور سني في سوريا مرتبط بشكل مباشر مع مثيل له في العراق، وهو ما تسعى إليه إيران أولاً كون هذا الكيان الجغرافي يشكل خطراً على الكيان الشيعي أو ما تسعى إلى تحقيقه في المنطقة، وثانياً الهدف منه أمريكي له تجارب مريرة مع مقاومة سنية كبدته خسائر فادحة في المنطقة، ويخشى أن يكرر تجربة مقاومته له في فترة تقاسم النفوذ الجارية في سوريا.
أما الهدف الروسي بمشاركة حليفه النظام، فهو منع وقوع مقاومة شعبية أو فصائل مسلحة تقف في وجه مشاريعهم وخططهم بعد طرد داعش من المنطقة.
غاية الروس والنظام من تهجير سكان دير الزور كهدف آخر، هو ممارسة الضغط على الأكراد الذين يعانون حالياً من تدفق النازحين الكبير إلى أراضيهم كونها خيارهم الوحيد أمامهم، ولأن مناطقهم تقع ضمن الطريق الذي يسلكه بعض النازحين في رحلة لجوئهم إلى مناطق المعارضة في شمال سوريا ومن ثم إلى تركيا (لأنهم يتجنبون الوصول إلى شمال سوريا عبر المرور بمناطق خاضعة لسيطرة النظام)، وبالتالي هي ورقة ضغط أخرى باتجاه تركيا والأكراد كهدف مرحلي.
الهدف الثالث غير الآني الذي يسعى إليه النظام تحديداً، هو إحداث تغيير ديمغرافي في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية، كون أغلب النازحين من العرب وبالتالي وضع النظام في حساباته استغلال هؤلاء مستقبلاً ضد الكيان الكردية المزمع تشكيله في المنطقة.
الهدف الرابع من حملة التهجير القائمة في دير الزور، إيصال رسالة من قبل النظام والروس والإيرانيين خاصة، بأن ما يجري لسكان دير الزور الذي كانوا من الحواضن الأساسية للثورة السورية، هو النتيجة الطبيعية لكل منطقة تفكر بالثورة ضد الأنظمة القائمة، وبمعنى آخر، التهجير هو الثمن لكل من حمل فكرة الثورة والمقاومة، أو من يفكر بحمله في المستقبل، سواء داخل سوريا أو خارجه، وستكون الأيام القادمة كفيلة بتبيان تمكنهم من تحقيق هذه الأهداف، من عدمها.
1 تعليق
الله المستعان