“دير الزور الأسد” في “قم” إيران..!!

by admindiaa


فرات بوست
أرسل نظام الأسد منذ أيام، مجموعة من الموالين له من أبناء دير الزور إلى “قم” الإيرانية، وتنوعت تصنيفاتهم والأمكنة التي يشغلونها داخل مؤسسات النظام في دير الزور، لكنها بالمجمل ليست من الأمكنة الحساسة أو المهمة.
صور هؤلاء وهم في الطائرة التي أقلتهم لإيران، أو بعد وصولهم، وافتخارهم بهذا “الانجاز” وفق ما يرونه، أثارت ردود أفعال وتعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخرى غاضبة ومستهجنة، لأنها جاءت بعد سنوات من القتل والتنكيل والتدمير الذي فعله نظام الأسد بأبناء دير الزور، التي يفترض انتماء هؤلاء لها.
ليس الغريب قيام هؤلاء بتقديم الولاء والطاعة للنظام، الذي هو ليس أكثر من سلطة سرقت منطق الدولة، وأنهت مفهومها منذ عقود، إنما الغريب ممن استغرب تصرف هؤلاء، بينما كانت خطوتهم متوقعة، بل وبديهية..!!
هذا الحدث، فتح باب السجال حول ظاهرة الولاء المطلق للنظام من قبل مؤيديه، وتجاوزهم عن كل جرائمه ومجازره، بل وتبريرها له، وصولاً إلى التصفيق لها، وإن طالت أقرب المقربين إليهم.
إذا أخذنا أعضاء الوفد مثالاً، وتكلمنا بالأسماء، فنذكر مدير الثقافة أحمد العلي، والذي يدأب إعلام النظام في هذه الأيام على تغطية نشاطاته الثقافية، ومحاضرات وفعاليات مديرته التي تمجد بانجازات جيش النظام، و”تؤله” الأسد، علماً أن “جيش” النظام هو من قتل شقيقه (المدني) منذ أعوام، من خلال عملية قنص في حي الجبيلة.
ومن الأمثلة على أعضاء الوفد أيضاً، يظهر مختار النقشبندي مدير أوقاف دير الزور، والذي تحمل زيارته لـ”قم” الإيرانية ألف إشارة استفهام، والآلاف من إشارات التعجب، لأنه من عائلة عرفت بأنها نجت من القتل الأسدي، بعد أن فرت إلى العراق إثر خلاف وقع بين والد مختار (وكان مفتيا للجزيرة والفرات)، مع حافظ الأسد، ليضطر إلى الهروب للعراق، وتوفي هناك ثم توفيت زوجته وابنه، ليعود ما تبقى من أفراد العائلة ومن بينهم مختار إلى سوريا، بعد الغزو الأمريكي للعراق.
ومن المتناقضات هنا، أن عائلة مختار، حرصت حتى سنوات خلت، على تمجيد صدام حسين، وبل ونشر صوره على الجدران في منزل العائلة بسوريا، (قبل أن يرتمي مختار في أحضان الأسد)، ليطرح بعض المقربين منه الآن تساؤل يقول: كيف أمكن لمختار النقشبندي الجمع بين حب “قم”.. وحب وصدام حسين؟.
مثال آخر للوفد، ابراهيم الضللي، الذي عرف بأنه غير متخصص في الصحافة، ومع ذلك أقحم نفسه في مجال الإعلام الرياضي في سنوات ما قبل الثورة، ليقفز الآن إلى واجهة الإعلام العسكري للنظام في دير الزور، ويقوم بتغطية معارك قوات النظام ويقوم بتمجيده، بالإضافة إلى تزييف ما يجري على الأرض فعلياً.
وإذا ما تجاوزنا قضية “وفد قم”، فإن ما ينطبق على أعضائه ينطبق على خارجه، ومن بينه المجال الإعلامي، حيث صدّر النظام من يروج لروايته من أبناء دير الزور، وأطلق عليه اسم صحفي أو إعلامي، بل وتجاوز البعض ذلك، ليصف نفسه بـ”الكاتب الإعلامي”، و”الكاتب الصحفي”..؟ رغم عدم وجود التخصص أو حتى الحرفية التي تسمح لهم بممارسة هذه المهنة.
الشيء البديهي الذي يعرفه القاصي والداني، أن نظام الأسد طوال عقود حكمه الخمسة، كان يعتمد على مبدأ أن “الولاء مقدماً على الكفاءة”، وفي أحيان كثيرة بديلة عنها، ليصدّر النظام هؤلاء وأمثالهم، وإن ارتكبوا “الموبقات السبعة”، لكن المهم لديه، أن يبقوا على ولائهم، لتنخر جحافلهم جميع مؤسسات الدولة التي استولى عليها، وغير مسارها، في سبيل أن تبقى طيعة له، وخاضعة لسياساته ونهجه.
وبسبب هذه السياسة، كثر المتسلقين في شتى المجالات، وصهروا أنفسهم في بوتقة النظام ومكوناته، لذا لا يصح أبدا توصيفهم بالموالين له، بل هم من النظام ذاته، لذلك كانوا من المدافعين بشراسة عن الأسد وجيشه عندما انطلقت الثورة، لأن سقوط النظام يعني سقوط امتيازاتهم “البخسة” التي ليست لهم، ولأنه تنزع عنهم أوصاف وألقاب ووظائف منحت لهم، أو تسلطوا عليها دون وجه حق.
كل ما سبق، كان نهجاً مهماً لـ”تنظيم الدولة”، الذي سار على بوصلة النظام في هذا المجال، ورأينا منذ بدايات تأسيسه وحتى مرحلة أفوله، أن الولاء للتنظيم كان مقدما لديه على كل شي، بل ومقدماً على الدين الذي يتحدثون باسمه، لنرى ظواهر تصدر السارق السابق، والمهرب السابق (صدام الجمل)، والمجرم السابق وهم يلبسون لباس الدين، وبتشجيع من التنظيم الذي كان كل ما يهمه هو “الولاء” و”قابلية التنفيذ” سواء للمبايعين له داخل “خلافته” أو خارجها، دون اشتراط أي أمر آخر، ودون الالتفات إلى أي خلق وصفات وسجل المنتسب، حاله كحال نظام الأسد الذي كان حريصاً على هذا النهج، وما زال.
وأخيراً، لابد من التطرق إلى تجربة “قسد” في هذا المجال، وهي وإن اختلفت في الشكل، إلا أنها حرصت على المضمون ذاته، عبر جعل الولاء مقدماً على الكفاءة والسمعة والسيرة الحسنة أيضاً، لكنه وجه الخلاف مع النظام و”تنظيم الدولة”، أنها طبقت هذه القاعدة على الكرد فقط، دون غيرهم، ليكون الولاء “والكردية”، مقدمة أو بديلة عن كل ما سواها.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy