خاص – فرات بوست
تصدرت محافظة دير الزور الحدث السوري خلال هذه الأيام، لتزيح الرقة التي تصدرته سابقاً، ورغم كثافة التغطية الإعلامية لما يجري فيها، إلا أن الكثير من الغموض يلف الواقع العسكري الميداني، الذي يبدو أنه بين مد وجزر، وتسابق للسيطرة بين أطراف القتال: قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها، وتنظيم داعش، وميليشيا “قسد”.
ريف دير الزور خاصة الشرقي منه، وكذلك الغربي والشمالي، كان مسرحاً لهذه التطورات في أيام خلت، لتختفي أحياء مدينة دير الزور الخاضعة للتنظيم عن الواجهة، دون معرفة ما تخطط له الأطراف المتصارعة، ما جعل التساؤلات تطرح حول وضعها الآن، وماذا عن مستقبلها، وما ستؤول إليه أحوالها؟.
المعلومات التي تسربت إلى “فرات بوست” من مصادر مقربة من قوات النظام، تشير إلى نية نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين وميليشيا “حزب الله”، فرض حصار على هذه الأحياء وعدم وضع خطط لاقتحامها خلال الفترة القريبة القادمة، إلا إذا استجدت تطورات ميدانية أخرى مثل انهيار داعش.
النظام والميليشيات وبدعم من الطيران الروسي بدؤوا بتطبيق ما يخططون له، عبر فتح معارك على جبهة حي الحويقة الخاضع في أغلبه لسيطرة التنظيم، والهدف كما تقول المصادر، هو التقدم لمناطق تمكنه من السيطرة نارياً على المنفذ الوحيد للمدينة إلى العالم الخارجي، ألا وهو جهته الشمالية، مع قدرة النظام وبمساعدة من الطبيعية الجغرافية للمنطقة من إحكام قبضته على بقية المنافذ.
الصحفي المتخصص في الشؤون العسكري راني الجابر توقع في حديث لـ”فرات بوست”، وجود نية لقوات النظام والميليشيات لحصار أحياء دير الزور الخاضعة لسيطرة داعش، مضيفاً أن السيناريو المتوقع هو فترة حصار قد تمتد أسابيع وربما لأشهر عدة، ويدلل على ذلك القصف الجوي المكثف الذي يتعرض له ريف المدينة ومن بينه الشمالي.
ونوه الجابر، إلى أن النظام وحلفائه سيعمدون إلى تطبيق أسلوب الحصار الذي اتبعوه في أماكن عدة داخل سوريا، يتزامن مع قصف مكثف، ربما يستمر لأشهر عدة، قبل أن يفكر في الخطوات التالية.
وحول أسباب عدم نية النظام اقتحامها مباشرة، رأى الجابر أن ذلك يعود لتحصن المدينة وصعوبة اختراق الأحياء الموجودة فيها، والتي تمترس فيها التنظيم منذ سنوات، وبالتالي تحتاج قوة بشرية كبيرة، وربما تستنزف النظام، الذي لا يهمه خسارة جنوده، لكن لديه معارك أخرى تحتاج إلى عدد كبير من الجنود وعناصر الميليشيات، وبالتالي سيلجأ على الأغلب إلى أسلوب الحصار والقصف المكثف.
وحول ما يجري في دير الزور بشكل عام وتوقعات ما سيحصل فيها، قال الجابر، إنه لا يؤيد فكرة وجود “نزاع أمريكي روسي في شرق سوريا”، بل تنسيق وعمل ضمن اتفاقيات مرحلية.
وأضاف: “فتح محاور قتال شمالي دير الزور من قبل قوات مدعومة من أمريكا له فائدة جوهرية للنظام، هي تشتيت قدرة تنظيم الدولة على الدفاع، وإجباره على القتال على جبهتين في المدينة، ما يعتبر تخفيفاً للضغط القائم عسكرياً على النظام”.
وتابع: “عملياً يسعى النظام لحصار أحياء دير الزور لفترة ما قبل اقتحامها، فهذا جزء أساسي من إستراتيجيته العسكرية فيها، خصوصاً أنه في حال لم يحاصرها، فستكون هنالك إمكانية كبيرة لدى التنظيم لتعزيز قواته وإطالة أمد المعركة”.
المعلومات التي حصلت عليها “فرات بوست” من داخل مدينة دير الزور، تشير إلى حركة نزوح للمدنيين من الأحياء الأحياء الخاضعة لداعش، وسط أنباء عن نية داعش إعلان أحياء المدينة منطقة عسكرية، وإجبار ما تبقى من السكان المدنيين على الخروج منها.
يشار إلى أن أحياء دير الزور يتقاسم النظام وداعش السيطرة عليها، حيث تخضع أحياء الجورة والقصور ومساكن عياش وأجزاء من أحياء الموظفين والعرفي والجبيلة في الجانب الغربي من المدينة لسيطرة النظام، إضافة إلى سيطرته على حيي هرابش والطحطوح في الجانب الشرقي منه.
بينما يسيطر داعش على ما تبقى من أحياء، وأهمها الحميدية والشيخ وياسين والحويقة الشرقية والعرضي وكنامات.
ومما يجدر ذكره في هذا السياق، أن قوات النظام اتبعت أسلوب حصار أحياء دير الزور في بداية الحرب، أثناء محاولته طرد مقاتلي الجيش السوري الحر الذي نجح في وقت لاحق من كسر هذا الحصار، بعد توسيع سيطرته على أحياء المدينة، ومن ثم فك هذا الحصار جزئياً بعد سيطرته على حي الحويقة بقسمه الشرقي، وكلياً بعد السيطرة على أغلب القسم الغربي من هذا الحي.
793
المقال السابق