خاص – فرات بوست
عادت عمليات الإنزال المنفذة من قبل التحالف الدولي في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، إلى الظهور خلال الأيام القليلة الماضية، وبعض ما تسرب من معلومات، أكد اعتقال عناصر من التنظيم وسحب عملاء للتحالف، وذلك في تكرار لما كان عليه الحال في بداية مارس/ آذار الماضي، ووصلت ذروتها في مايو/ أيار، قبل أن ينحسر هذا النوع من العمليات بشكل شبه كامل.
وفي عودة لما جرى في تلك الفترة، وعند الحديث عما جرى في دير الزور تحديداً، فقد نفذت طائرات التحالف الذي تقوده واشنطن عمليات إنزال عدة في ريف دير الزور، منها عملية إنزال في 16 أبريل/ نيسان الماضي قرب محطة (تي 2) جنوب مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، يعتقد أنها استهدفت نقاط إمداد ومخازن أسلحة تابعة لتنظيم داعش.
كما قامت طائرات التحالف بعمليات إنزال في بادية مدن (الميادين والبوكمال وغرانيج) في ريف دير الزور الشرقي، وأرسل على إثرها التنظيم تعزيزات عسكرية إلى حقول نفط الكوينكو والجفرة والتنك، كما قام بنصب عشرات الحواجز الطيارة في مدن الميادين والشعيطات والبوكمال ومحيطها، بعد انتشار خبر الإنزال الذي قامت به طائرات التحالف.
الجديد الآن، ووفق المعلومات التي حصلت عليها “فرات بوست”، فإن أخر عمليات الإنزال الجوي، نفذت ظهر الأحد الماضي من قبل طيران التحالف في بادية الدوير، وأسفرت عن مقتل أكثر من 8 عناصر من داعش لم تعرف جنسياتهم بعد.
وأفاد شهود عيان لـ”فرات بوست”، بأن عمليات الإنزال تمت عبر طائرتين مروحتين، قامت بقصف سيارتين تابعيتين للتنظيم، بعد اعتقال من تواجد بداخلهما.
وخلال الأسبوعين الماضيين، لوحظ عودة الحديث عن ظهور عمليات الإنزال، دون الإعلان عن أي منها رسمياً من قبل البنتاغون أو قيادة التحالف حتى الآن، وقد تحمل الأيام القادمة الكشف عن أمكنتها وأهدافها ونتائجها، من قبل وزارة الدفاع الأمريكية أو التحالف، مع الإشارة إلى أنهما اعتادا سابقاً على التأخر في الحديث على عمليات الإنزال المنفذة ضد التنظيم.
جديد عمليات الإنزال في الأيام الماضية، هو اقتصارها على المناطق الخاضعة لسيطرة داعش في دير الزور، وذلك بعكس ما هو عليه الحال في “موجة الانزالات” السابقة، والتي امتدت من الأراضي العراقية (خاصة على الحدود مع سوريا) وصولاً إلى الرقة، واشترك في البعض منها آنذاك عناصر من ميليشيات كردية في ريف الرقة مدعومة من التحالف.
الجديد أيضاً، أو ما تمت ملاحظته من العمليات المنفذة أخيراً، هو شمولها مناطق ذات كثافة سكانية أكبر، أو قريبة جداً من تلك التجمعات، بينما اقتصرت الموجة السابقة من عمليات الإنزال على البادية والمناطق المكشوفة والبعيدة عن التجمعات الكبيرة أو حتى المتوسطة، مثل الحدود السورية العراقية.
ما يجب التنويه إليه في هذا المجال عند الحديث عن جديد هذه العمليات، هو إعلان نظام الأسد عن تنفيذ عمليات إنزال في مناطق خاضعة لداعش وترويجها لهذه الأخبار بدعم من الإعلام الروسي، لكن لا معلومات صادرة مؤكدة من قبل جهات مستقلة، كما أنها قوبلت بنفي من السكان المحليين، ما يضعها ضمن خانة الدعاية العسكرية من قبل النظام وحلفائه التي تحمل كما هو معروف الكثير من التزييف.
وتحمل كثافة عمليات الإنزال في مناطق داعش، دلالات عسكرية عدة، لعل من أهمها الضعف الكبير الذي يعانيه التنظيم، وتقلص أعداد عناصره في المناطق الخاضعة لسيطرته، وقد يكون من أبرز أهدافها إرهاق واستنزاف التنظيم، ومنع تشكل نطاق آمن لدى داعش داخل أراضيه، واضطراره إلى إبقاء مقاتليه داخل هذه المناطق، وعدم إرسال المزيد منهم إلى جبهات القتال.
وربما يحمل التركيز في عمليات الإنزال على دير الزور هذه المرة دلالات كبيرة، لعل من أهمها احتمال قرب معركة دير الزور، وذلك مقارنة بما جرى في ريف الرقة قبيل أشهر، عندما تكثفت عمليات الإنزال بالتزامن مع بدء عمليات طرد داعش منها، قبل أن تختفي بشكل كامل مع توغل ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” داخل محافظة الرقة وصولاً إلى مركز المدينة، بدعم جوي مكثف من طائرات التحالف، ولعل الأيام القادمة كفيلة بتأكيد صحة هذه التوقعات، من عدمها.
398
المقال السابق