ياسر العيسى – فرات بوست
عاد النظام عبر حملته الأخيرة على مناطق المعارضة في الشمال السوري، إلى سياسة استهداف المنشآت الطبية والخدمية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات.. وأغلبية الوسائل الإعلامية تسلط الضوء على تأثيراتها الإنسانية، لكن بالمقابل النظام له أهداف سياسية، تتمثل في عدة نقاط:
1- المؤسسات الإدارية والخدمية تحمل بعداً رمزياً يتمثل في إثبات الشرعية للقوى المسيطرة إلى حد ما، وهو ما لا يرغب به النظام، ليسعى إلى القضاء عليها، وليبقى هو المحتكر الوحيد لها في مناطق تواجده اليوم (وليس مناطق سيطرته حسب المصطلح الشائع لأن المسيطر الحقيقي هم الروس والإيرانيين)، وبالتالي منع ظهور بديل ومنافس شرعي له.
2- الحملة اليوم هدفها العسكري السيطرة على مناطق محددة وليست شاملة على الأغلب، لكنها بالمقابل تهدف إلى كسر الاستقرار الذي تعيشه مناطق تحت سيطرة قوى معادية له، وتشريد السكان المحليين فيها، ليبقى هذا الاستقرار حكرا على مناطق تواجد نظام الأسد، وبالتالي يمنع الآخر من بناء مؤسسات بديلة عن مؤسساته، أو يقدم للسكان المحليين بدائل محتملة لحكمه.
3- هذه المؤسسات ونجاحها هي الطريق الوحيد لتنمية العلاقة بين القوى المعارضة المسيطرة على المنطقة والسكان المحليين، وبالتالي يستهدف هذا القصف قطع الطريق عن نمو هذه العلاقة أو إلغائها بشكل كامل.
4- تدمير البنية التحتية للصحة العامة مثل المياه النظيفة والصرف الصحي وكذلك المستشفيات والمرافق الصحية، ناهيك عن ملاحقة الأطباء والعاملين في الرعاية الصحية، واعتقال من تطاله يده، وتجريم من يقدم الخدمات للمدنيين في خارج مناطق وجوده، يؤدي إلى أحداث تدهور متعمد في الحالة الصحية العامة غير المستقرة أصلاً، ناهيك النزوح الجماعي والاكتظاظ في المخيمات غير المخدمة، ما يؤدي إلى تعرض المدنيين النازحين لعوامل التلوث والعدوى، وبالتالي إحياء بعض الأمراض التي تسبب بقتل بعضهم.
وقياسا إلى ما سبق، فإن الأسد اتبع ويتبع أسلوب “الحرب البيولوجية” المحرمة دولياً، والتي تعرف بأنها “الاستحداث المتعمّد خلال الحروب والصراعات لعوامل الأمراض المُهلكة والمميتة بقصدِ القتل، والتسبّب بكل أذى مرغوب للطرف الخصم”.
(الصورة نشرت على مواقع التواصل لأحد المرضى الذي تمكن من الهرب قبل قصف النظام والروس للمستشفى الذين يرقد فيه)