بعد مرور أكثر من 6 أشهر على طرد “تنظيم الدولة” من أغلب المناطق التي كان يسيطر عليها في دير الزور والرقة والحسكة، تتبادر إلى الأذهان أسئلة تتعلق بمصير الثروة النفطية الكبيرة التي خلفها التنظيم، وما مصيرها، وكيف تدار حالياً؟.
ما يجب التنويه إليه قبل الولوج في المعلومات التي حصلت عليها “فرات بوست” من مصادرها ومن مراسليها، أن المناطق التي خضعت لـ”قسد” في ريف دير الزور، خاصة الجانب الشرقي منه (جزيرة)، تعد المنطقة الأغنى بالنفط قياساً بالمناطق المقابلة لها على نهر الفرات (شامية)، والتي استولى عليها نظام الأسد ومليشيات مدعومة من إيران، ناهيك عن ريف الحسكة الجنوبي الذي خضع لسيطرة “قسد” المدعومة من التحالف الدولي قبل بدء معاركها في دير الزور.
“فرات بوست” عملت على الغوص في الحياة النفطية شرق دير الزور ما بعد “تنظيم الدولة”، وحصلت في هذا الإطار على معلومات وتفاصيل مهمة، تبين السياسة النفطية المتبعة حالياً.
بدأت “قسد” ببيع النفط الخام عبر تصديره إلى مناطق سيطرة قوات النظام، لكنها أبقت في الوقت ذاته بعض الآبار تحت سيطرة شخصيات مقربة منها، لتستثمرها كيف تشاء، علماً أن هذه الآبار تتميز بالإنتاج الرديء مثل آبار الحمادة (بحسب التسميات المتداولة بين سكان المنطقة) نظر لارتفاع نسبة المياه المتواجدة فيها (كمية المياه 50 بالمئة من النفط)، وذلك مقارنة ببقية الآبار مثل السياد، الشفاف، العزبة الغزيرة في إنتاج النفط المصنف بأنه من النوع الجيد.
ومن أبرز مستثمري النفط المقربين من “قسد”، فراس الياس، وهو من سكان بلدة خشام بريف دير الزور الشرقي، وعرف عنه بيعه النفط إلى الحراقات (مصافي لتكرير النفط بدائية الصنع) المتواجدة في مناطق “قسد”.
بسام المعزي، من سكان قرية الصعوة بريف دير الزور الغربي، يقوم بدوره ببيع النفط لأصحاب الحراقات، مع الإشارة إلى أن العمليات التي يقوم بها تجار النفط يشترط أن تتم بالتنسيق مع مسؤول النفط التابع لـ”قسد”، والذي يعد المحاسب الرئيس لتلك الآبار.
أما بالنسبة لبقية الآبار المتواجدة في مناطق “قسد” ومن بينها آبار الحماد (2000 برميل يومياً)، فينقل جميع إنتاجها من النفط الخام عبر الصهاريج إلى مناطق النظام في حمص أو بانياس.
احتكار المازوت..
تشترط “قسد” على تجار النفط داخل مناطقها بأن يكون إنتاج المازوت لها فقط، وتمنع بيع النفط الخام إلى أصحاب الحراقات إلا بعد الاتفاق بأن تكون مادة المازوت المنتج منها لصالحها، بهدف تصديره إلى مناطق النظام بأسعار مضاعفة، أو التحكم بسعره في السوق المحلية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في سعر هذه المادة، من 7 آلاف إلى 13 آلف ليرة، ودفع ذلك العديد من الحراقات إلى التوقف عن العمل.
وتسبب ارتفاع سعر مادة المازوت، إلى خلق حالة غضب بين الأهالي، كما حصل في قرية جديد بكارة أمس الأول الخميس، عندما هوجم العناصر المتواجدين في بعض الآبار، وتم أخذ النفط بالقوة.
“قسد” وكرد فعل على هذه الهجمات، طردت جميع المستثمرين النفطيين، قبل أن تعمد إلى عقد اجتماعات مع الأهالي من أجل خفض التوتر، وعرضت منح المدنيين حصة من الآبار المتواجدة في مناطقهم لتغطية احتياجاتهم.
وتتوزع حقول النفط والغاز في دير الزور ما بين ضفتي نهر الفرات، وتعاني أغلبها من تدمير في بنيتها التحتية بسبب القصف الذي تعرضت له خلال السنوات الماضية، سواء النظام والروس من جهة، أو من التحالف الدولي من جهة أخرى، ويصنف كل من حقلي العمر (أكبر حقول النفط في سوريا) والتنك كأكثر الحقول المتضررة.
الثروة النفطية الواقعة تحت سيطرة “قسد”، يعد حقل العمر (15 كم شرقي مدينة البصيرة) من أهمها، إضافة إلى الآبار النفطية الواقعة على الجهة الشرقية من الحقل، وتصل طاقتها الإنتاجية إلى 10 آلا برميل يوميا، وهي ذات الكمية المنتجة من الآبار الواقعة إلى الغرب من حقل العمر.
ويضم حقل العمر النفطي، معملاً للغاز، ومحطة لتوليد الكهرباء، والتي تغذي بدورها عدة قرى في ريف دير الزور الشرقي، إضافة إلى تعبئة أسطوانات الغاز المنزلي بمعدل 1000 أسطوانة يومياً.
أما حقل التنك في بادية الشعيطات، فتبلغ طاقته الإنتاجية الحالية نحو 7 آلاف برميل يومياً، بينما يصل مجموعة الإنتاج اليومي للآبار المجاورة له إلى نحو 20 ألف برميلِ يومياً.
من الحقول الأخرى الخاضعة لـ”قسد”، حقل الجفرة (25 كم شرق مدينة دير الزور)، ومعدل إنتاجه اليومي نحو ألف برميل، كما يحتوي على عشرات الآبار المتوقفة عن الإنتاج.
وهنالك أيضاً معمل غاز كونيكو (20 كم شرق مدينة دير الزور)، ومحطة “ديرو” (40 كم شمال غرب مدينة دير الزور)، وحقل “ديرو” في بادية قرية زغير بالريف الغربي، وينتج 300 برميل يومياً.
ومما وقع تحت سيطرة “قسد” كذلك، 8 حقول في بلدة أبو حمام، والطاقة الإنتاجية اليومية نحو 13 ألف برميل، يضاف إلى ذلك بئر الحريجي وينتج 3500 برميل يومياً، وآبار بادية الشحيل بإنتاج 1000 برميل يومياً.
النسبة للنظام، سيطرته على ثروات دير الزور النفطية محدودة، وتقتصر على حقل الورد الواقع بالقرب من قرية الدوير، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 5 آلاف برميل يومياً، كما يحتوي الحقل على مصفاة نفطية، وهناك حقل التيم (10 كم جنوب مدينة دير الزور)، وطاقته 300 برميل يومياً.
ومن الحقول الأخرى الواقعة تحت سيطرته، محطة نفط الخراطة (20 كم جنوب غرب مدينة دير الزور).
وبالمجمل، فإن لحقول ومحطات دير الزور عدد كبير من الآبار التي تضخ النفط، متفاوتة في إنتاجها طرداً مع كِبر حجم الحقل أو المحطة التي تغذيها هذه الآبار ، وهناك آبار غير مرتبطة بالحقول.
ماذا عن الرقة والحسكة؟
حقول النفط التي يسيطر عليها النظام في بادية محافظة الرقة، هي “الوهاب، الفهد، ديسان، القصير، أبو الكطط، أبو قطاش، فيان، الصفيح”، وتقع تحديداً جنوبي بلدة الرصافة بين الرقة وحمص، وتعتبر الطاقة الإنتاجية قليلاً نسبياً، لأنها آبار متفرقة، ويتم نقل النفط الخام بصهاريج إلى مصفاة بانياس وحمص.
وهنا أيضاً بعض الآبار الواقعة ما بين الرقة وريف دير الزور الغربي، تخضع لسيطرة “قسد” عبر ميليشيات محلية تابعة لها.
بينما يتركز نفط الحسكة في رميلان التابعة للمالكية، شمال شرقي المحافظة، ومن حقولها الرئيسية سويدية، قره تشوك، رميلان، عودة، سعيده، بدران، لباردة، باب الحديد، مثلوثة، ناعور، مملحة الكوم، بعشوق، عليان، تل عزاب، جنوب قره تشوك، دبيسان، الغدير، سازابا، حمزة دجلة، شامو، اليوسفية.
ويتجمع إنتاج هذه الحقول في محطة الضخ الرئيسة للنفط في تل عدس (كرزيرو)، ومنها يتم الضخ إلى مصفاتي حمص وبانياس، كما تعد الجبسة من موارد النفط الأساسية في الحسكة.
387
المقال السابق