خاص فرات بوست _ في ظل الظروف الصعبة التي تتعرض لها محافظة ديرالزور في الآونة الأخيرة، بات المدنيون هم الفريسة السهلة لكافة الأطراف المقتتلة، حيث برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة التجنيد الإجباري للمدنيين سواءً في مناطق نفوذ النظام أو التنظيم على حدٍ سواء، فقد قام الأخيرين وبطرق مختلفة بالضغط على المدنيين لإجبارهم على التحاق بصفوف قواتهم مستغلين حاجتهم الماسة للعيش وتأمين قوت يومهم. كان للنظام النصيب الأكبر من أولائك المستضعفين حيث تقصدت قوات النظام وميليشياته التضييق على المدنيين الخاضعين لسطوتهم في الأحياء المحاصرة، فنظراً للغلاء المعيشي وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى حدود خيالية اضطر قسم كبير من الأهالي لتجنيد أبنائهم في صفوف قوات النظام لكي يضمنو على الأقل الحصول على المعونات الغذائية الشحيحة التي يخلفها عناصر النظام بعد أن يتقاسموا ما تلقيه عليهم الطائرات الروسية وطائرات برنامج الغذاء العالمي. فبحسب شهادة أغلب الأهالي المحاصرين في حيي الجورة والقصور، لا يستطيع المرء الحصول على أدنى مقومات العيش دون وساطة من أحد عناصر ما يسمى بالدفاع الوطني في تلك الأحياء، أو دون أن يزكيه أحد عناصر الأفرع الأمنية. ومن يعرف طبيعة المنطقة يعلم أن الأهالي هناك مطوقون منذ أكثر من عامين من كافة الجهات ضمن حصار فرضه عليهم تنظيم داعش من جهة وقوات النظام وميليشياته من جهة أخرى، وحصار من نوع آخر فرضه أيضاً عليهم تجار الحروب. هذه الظاهرة لم تقتصر فقط على من اضطروا للالتحاق بميليشيات النظام للأسباب آنفة الذكر، بل تخطتهم لتطال حتى من أصر على أن يقتات لأشهر من فتات المعونات الباهضة الثمن، حيث شنت قوات النظام خلال معركتها الأخيرة من تنظيم داعش عدة حملات اعتقال استهدفت الشبان في تلك الأحياء، واقتادتهم للإلتحاق بصفوفها في جبهات القتال في الأيام الماضية. كما اقتادت قوات النظام مؤخراً جميع أهالي المدنيين في حي هرابش المتاخم للمطار العسكري، اقتادتهم باتجاه الخطوط الأمامية للمواجهة، متخذةً منهم دروعاً بشريةً للاحتماء بها من نيران تنظيم داعش الإرهابي. ومن ناحية أخرى فقد أطلق النظام سراح العشرات من المعتقلين في سجونه مؤخراً ليلحقهم أيضاً بجبهاته مع التنظيم مقابل إعفائهم من الأحكام المتخذة بحقهم، وكان أبرز هذه المجموعات مجموعة حماية الرحبة التي كانت تناوب في مناطق جنوب شرق المطار العسكري ومنطقة البنوراما على حدود المدينة، والذين تم أسر عدد كبير منهم من قبل تنظيم داعش أثناء المعارك الأخيرة، بعد أن تخلت عنهم قوات النظام وتركتهم لمصيرهم في مقدمة جيشها. وعلى الطرف المقابل استخدم تنظيم داعش أيضاً ذات الطريقة في استقطاب المدنيين للالتحاق بصفوفه، حيث أجبر التنظيم كافة الشبان من كافة الفئات العمرية حتى صغار السن منهم، أجبرهم على الالتحاق بدورات شرعية تتراوح ما بين الشهر والشهرين ويجبر المدنيون خلال فترة تأدية الدورة الشرعية على القتال في صفوف التنظيم. هذا علاوة على المدنيين الذين يعتقلهم التنظيم بحجة ارتكابهم مخالفات شرعية ويرسلهم مباشرة إلى الخطوط الأمامية للمعارك لحفر الخنادق والمشاركة في المعارك، وقد لقي معظهم حتفهم أثناء أداء هذه العقوبات.
مدنيوا ديرالزور دروع بشرية في أغلب المواجهات
85
المقال السابق