خاص – فرات بوست
مرّ تصريح وزارة الدفاع الروسية المتعلق بتنفيذ طائراتها 150 غارة جوية يومياً على مدينة الميادين شرق محافظة دير الزور، دون أن يثير قلق منظمات حقوقية أو مسؤوليين دوليين حول خطورة هذا الرقم على مدينة تضم أكبر تجمع بشري في محافظة دير الزور خلال سنوات الحرب.
التساؤل الأهم الذي يطرح عقب هذا التصريح، وبعد الحملة الشرسة التي تشهدها مدينة الميادين وريفها منذ نحو أسبوع، هو ما مصير مئات الآلاف من سكانها؟. وماذا حل بهم؟. وما الذي تم فعله من أجلهم دولياً أسوة بما حصل في مدن سورية وعراقية أخرى تعرضت لهجوم قوى مختلفة خلال الأشهر والسنوات الماضية تحت هدف “تحريرها” من تنظيم داعش؟.
تبعد الميادين عن مدينة دير الزور (مركز المحافظة) شرقاً بحدود 45 كم، وعن مدينة البوكمال الواقعة على الحدود السورية العراقية نحو 70 كم.
وتبرز أهميتها لكونها من المدن الرئيسية في محافظة دير الزور قبل انطلاق الثورة السورية في مارس/ آذار، وتعد العصب الاقتصادي لريف دير الزور خاصة الشرقي منه.
وتعد مدينة الميادين من المدن الرئيسة في محافظة دير الزور قبل انطلاق الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، لكن تضاعفت أهميتها خلال سنوات الحرب، بعد أن تحولت إلى تجمع رئيسي للنازحين من مدن وقرى وبلدات المحافظة، وتضاعف عدد سكانها ليبلغ نحو 300 ألف نسمة، بعد أن كان نحو 100 ألف قبيل الحرب.
المدينة سلطت الأضواء عليها بشكل أكبر بعد سقوط الموصل وانطلاق معركة الرقة، ونقل داعش العديد من مراكزه القيادية إلى داخلها، وسط ترجيحات وتصريحات مسؤولين دوليين ومحليين، تؤكد أن الميادين هي عاصمة “الخلافة” البديلة للتنظيم.
مع انطلاقة الحملة العسكرية الأخيرة من قبل قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها وبدعم جوي روسي منذ نحو شهرين، كانت المدينة بعيدة عن مرمى نيران هذه الحملة قبل أن تصلها بشكل سريع خلال الأيام الماضية، لتصبح تحت مرمى غارات كثيفة وقصف عنيف شمل البراميل المتفجرة التي ألقيت على المدينة للمرة الأولى منذ سنوات.
آخر التطورات الميدانية التي علمت بها “فرات بوست” من مراسليها، تفيد بتمكن قوات النظام والميليشيات من السيطرة على قلعة الرحبة في محيط مدينة الميادين، وسط معلومات تؤكد حصول دمار كبير للقلعة الأثرية جراء المعارك الدائرة هناك، والقصف الجوي الروسي الذي رافقها.
قوات النظام والميليشيات التابعة ووفق ما علمت به “فرات بوست”، تقدمت بإتجاه منطقة حاوي بلدة محكان خلال الساعات الماضية بتمهيد جوي وصاروخي، واستطاعت السيطرة على مزرعة المجري بهدف قطع طريق الميادين – البوكمال، وترافق ذلك مع استمرار الغارات الجوية على مختلف مدن وبلدات وقرى الريف الشرقي.
داعش رد سريعاً على ذلك بشنّ هجوم معاكس عن طريق عربة مفخخة أدت لمقتل عدد من عناصر النظام وتراجعهم، كما قتل أكثر من 20 عنصر من قوات النظام والميليشيات التابعة لها قرب بادية بلدة محكان التي فخخها التنظيم قبل أشهر.
التركيز على مدينة الميادين، يرى مراقبون للتطورات الميدانية في المحافظة، بأن من أهدافه الرئيسية حقول النفط المجاورة لها وخاصة حقل التيم ، إضافة إلى هدف العمل على جعلها مركز انطلاق قوات النظام والميليشيات المدعومة من إيران نحو الحدود السورية العراقية، والالتقاء بميليشيا “الحشد الشعبي” العراقي.
مدينة الميادين اليوم خلت تقريباً من جميع سكانها، فيما عدا بعض المحاصرين الذين لم يتمكنوا من الخروج منها بعد استهداف الجسور والمعابر النهرية، وأغلبية هؤلاء المدنيين من النساء و الأطفال والشيوخ بسبب نزوح الشباب في وقت سابق عقب فرض تنظيم داعش التجنيد الإجباري، إضافة إلى عدد كبير من المصابين والمعاقين، وهم ينتظرون أي وسيلة تقلهم إلى مناطق آمنة.
أغلب سكان المدينة نزحوا خلال الأسابيع الماضية باتجاه القرى القريبة، وهناك من أكمل طريقه بعد ذلك باتجاه مخيمات خاضعة لإدارة ميليشيا “قسد بريف الحسكة، وخاصة مخيمي مبروكة والسد، جراء منع “قسد” لسكان دير الزور من دخول المدن الخاضعة لها، وتعاني هذه المخيمات من أوضاع سيئة، وتنعدم فيها الخدمات الأساسية.
يتواجد حالياً في الضفة الشمالية لنهر الفرات (الجزيرة)، آلاف النازحين وغالبيتهم من مدينة الميادين وريفها، وهناك عدد كبير آخر في الضفة الأخرى (الشامية) عجزوا عن عبور النهر بسبب استهداف المعابر النهرية من قبل الطيران الروسي واستشهاد العشرات من النازحين.
وكانت قوات النظام والميليشيات المتخالفة معها قد وصلت الجمعة الماضية للمرة الأولى 5 سنوات إلى تخوم مدينة الميادين، عقب سيطرتها على كتيبة المدفعية (40 كم شرق دير الزور) في الجهة الجنوبية الغربية من المدينة، لكنها لم تتمكن من دخول أحيائها بعد.
وذكر مصدر لـ”فرات بوست” في وقت سابق، أن تقدم قوات النظام تم عبر محور التيم، ومحور حميمية من جهة بادية العشارة، وسط غياب لعناصر تنظيم داعش من المنطقة.
تطورات عسكرية متسارعة تشهدها تخومها.. الميادين تحت نيران القصف ومدنيوها خارج الحسابات
589
المقال السابق