فرات بوست: أخبار | تقارير
شهدت سوريا تحولات جذرية في أواخر عام 2024، بدءاً من سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول، ومروراً بموجة القبول الدولي للإدارة السورية الجديدة، ووصولاً إلى التغيرات الاقتصادية التي طالت جميع المناطق، بما فيها تلك الواقعة تحت سيطرة “قسد”.
هذه التغيرات تركت آثاراً عميقة على السكان في مناطق الجزيرة السورية، حيث تفاقمت الأزمات الاقتصادية والمعيشية، وأصبحت الحياة اليومية أكثر صعوبة.
انهيار الليرة السورية وتأثيره على الأسواق:
كانت الليرة السورية تتجه نحو الانهيار منذ بداية الثورة السورية، حيث وصلت إلى مستويات قياسية بلغت 16000 إلى 17000 ليرة للدولار الواحد في تشرين الثاني 2024.
ومع دخول إدارة العمليات العسكرية إلى حلب وبدء معركة “ردع العدوان“، تفاقم الوضع الاقتصادي، ووصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى 25000-27000 ليرة. وبعد سقوط النظام، تحسنت قيمة الليرة نسبياً، حيث استقرت بين 9500 إلى 11000 ليرة للدولار، لكن هذا التحسن لم يكن كافياً لإنقاذ الاقتصاد المنهك.
في مناطق سيطرة قسد، كان لانهيار الليرة وتقلباتها تأثير مباشر على الأسواق المحلية. تفاوتت الأسعار بشكل عشوائي بين المدن والقرى، مع ضعف واضح في دور لجان التموين في ضبط الأسعار.
وأصبحت الأسواق تعاني من فوضى تسعيرية، حيث تختلف أسعار السلع الأساسية من محل إلى آخر، مما زاد من معاناة السكان الذين يعتمدون على دخل محدود.
أزمة الطاقة والكهرباء:
ما تزال أزمة الطاقة تشكل معضلة كبيرة في مناطق سيطرة قسد. رغم عمل حقول النفط في دير الزور والحسكة بطاقتها الكاملة، إلا أن الوقود (مازوت، بنزين، كاز، غاز) لا يصل إلى المحطات والمستهلكين بشكل منتظم.
أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء، حيث يباع لتر المازوت بـ 6000-7000 ليرة، بينما يصل سعر جرة الغاز المنزلي إلى 15-20 دولار في السوق السوداء مقابل 8 دولارات رسمياً.
أما الكهرباء، فقد شهدت تحسناً نسبياً في بعض المناطق، حيث وصلت ساعات التشغيل في مدينة الحسكة وريفها الجنوبي إلى 8 ساعات يومياً. لكن مشكلات مولدات الاشتراك ما تزال قائمة بسبب رداءة المازوت المخصص لها، بالإضافة إلى الخلافات المستمرة بين مشغلي المولدات ولجان البلديات.
https://youtu.be/gGqhK1yVCyQ?si=GPz1Iew_rDeNv7VU
القطاع الزراعي: الجفاف وتضرر المحاصيل:
عانى القطاع الزراعي في مناطق سيطرة قسد من جفاف شديد خلال النصف الأول من الموسم الزراعي، مما أدى إلى تضرر المحاصيل، وخاصة الزراعات البعلية. انعكس ذلك سلباً على أسواق المواشي، التي تعد مصدر رزق رئيسي لسكان الأرياف.
كما تأثرت أسعار المحاصيل الزراعية، حيث انخفض سعر القمح إلى 3000-3200 ليرة للكيلوغرام، بينما وصل سعر الكمون إلى 20000-25000 ليرة.
مواد ذات صلة:
الجفاف يهدد المحاصيل الزراعية شمالي دير الزور وسط تجاهلٍ من “قسد”
الخدمات الأساسية: الاتصالات والإنترنت:
شهدت خدمات الاتصالات والإنترنت تراجعاً ملحوظاً في مناطق سيطرة قسد. تعرضت الشبكة السورية (MTN وسيريتل) لأعطال متكررة بسبب الأضرار في البنية التحتية، خاصة في المناطق الواقعة بين دير الزور وتدمر.
أما خدمات الإنترنت، فقد عانت من ضعف شديد بسبب المخاوف الأمنية التي دفعت قسد إلى تشغيل الشبكات بالحد الأدنى، مما أثر على التواصل اليومي للأفراد والأنشطة التجارية.
الوضع الأمني وتأثيره على الاقتصاد:
تشكل الفوضى التي تعيشها مؤسسات قسد المدنية بعد سقوط النظام تحدياً إضافياً للوضع الاقتصادي. مع احتمالية مواجهة شاملة مع الجيش السوري، أصبحت الأسواق تعاني من عدم استقرار، مما أدى إلى تراجع الحركة التجارية وزيادة التحديات المعيشية للسكان.
الأسعار: ارتفاع مستمر في السلع الأساسية:
فيما يلي بعض أسعار السلع الأساسية في ريف الحسكة الجنوبي، والتي تعكس مدى المعاناة التي يعيشها السكان:
– المواد الغذائية: سعر السكر 6500-7000 ليرة للكيلوغرام، والطحين 6000 ليرة، والأرز 8000-14000 ليرة.
– الخضروات: البندورة 5000-7000 ليرة، والخيار 8000 ليرة، والبصل 5500 ليرة.
– اللحوم: لحم الضأن 80000-100000 ليرة للكيلوغرام، والدجاج الحي 28000-30000 ليرة.
– الوقود: لتر المازوت 6000-7000 ليرة في السوق السوداء، ولتر البنزين 6500 ليرة.
تظهر هذه الأرقام والوقائع التحديات المعيشية لسكان مناطق سيطرة “قسد”، والتي تفاقمت مؤخراً بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية في سوريا. مع استمرار الأزمات في الطاقة والزراعة والخدمات الأساسية، يبقى الوضع الإنساني في هذه المناطق مقلقاً.
