شهد أقصى ريف دير الزور الشرقي خلال الساعات الـ48 الماضية، تطورات ميدانية كبيرة، أدت إلى تمكن “تنظيم الدولة” من استعادة السيطرة على مناطق إستراتيجية كان قد خسرها في وقت سابق.
الأنباء الواردة من المنطقة تعددت فيما يتعلق بما جرى على الأرض، وكيفية استعادة التنظيم السيطرة على مناطق طالما احتاجت قوات “قسد” بدعم من التحالف إلى أسابيع للسيطرة عليها، قبل أن تخسرها خلال ساعات بعد مقاومة محدودة.
“فرات بوست” حصلت على معلومات من مصادر خاصة، حول ما جرى في ريف البوكمال أمس السبت، واليوم الأحد، وتفيد بأن “تنظيم الدولة” استغل عاصفة غبارية جديدة حلت على المنطقة، عصر أمس، تمكنت خلالها من محاصرة مجموعة من عناصر “قسد” في حويجة السوسة، لتصدر قيادتها الكردية أوامر بالانسحاب من المنطقة، ومحيطها.
وتضيف مصادرنا، بأن التنظيم تمكن من اختراق وسائل التواصل (القبضات) ما بين قيادات “قسد” وعناصرها، وسمع خلالها مناشدة العناصر العرب، والذين تناقلوا فيما بينهم انسحاب العناصر الكردية وتركهم لوحدهم لمواجهة مصيرهم أمام التنظيم، ليعمد الأخير إلى الهجوم إلى مناطق أخرى.
الهجوم الذي تم عبر ما يطلق تسمية “الانغماسيون” وفق ما ذكرته المصادر، أدى إلى سيطرة “تنظيم الدولة” على بلدتي السوسة والباغوز فوقاني (التي خسرها منذ نحو 6 أشهر) إضافة إلى اغتنام عدد كبير من العربات العسكرية، وكميات ضخمة من الأسلحة والذخائر، وسط غياب كامل للطيران الحربي التابع للتحالف، والذي اكتفى بتدمير آليتين (همر) من ضمن العتاد الذي استولى عليه التنظيم.
وتشير المعلومات، إلى أن “قسد” خسر أكثر من 100 عنصر خلال ساعات الهجوم، إضافة إلى وجود عدد كبير من الجرحى.
ومن جانب آخر، ذكرت المصادر ذاتها، أن التنظيم شن في ذات الوقت، هجمات أخرى في الجانب الآخر من النهر (شامية) مستهدفاً قوات النظام والميليشيات الإيرانية في المنطقة، كما شن هجمات أخرى اليوم، حيث سمعت أصوات اشتباكات قرب ضفة نهر الفرات في مدينة البوكمال (من جهة حي الكتف)
مصادرنا رأت أن خطورة التقدم الذي حصل أمس، هو سعي من “تنظيم الدولة” للوصول إلى الجانب الآخر من نهر الفرات، وشن هجمات النظام والميليشيات الإيرانية، بهدف الوصول إلى بادية الميادين، التي من خلالها تفتح له طرق البادية وصولاً إلى تلال الصفاء الإستراتيجية (التابعة لبادية الشام) الواقعة ما بين السويداء وبادية الحماد، والتي يصفها البعض بأنها “تورا بورا” التنظيم، نظراً لصعوبة أرضها (معظمها أحجار سوداء ضخمة لا يمكن للآليات الثقيلة السير فيها) ووعورة الطرق الواصلة إليها، ما يجعل اقتحامها والسيطرة عليها صعبة جداً، وتأثيرات الهجمات الجوية محدودة.
ونوهت المصادر، إلى أن هذه المنطقة (تلول الصفاء) يمكن من خلالها العبور إلى مناطق في الأردن والعراق، ومناطق عدة داخل سورية، وبالتالي المكان يحمل استراتيجية كبيرة للتنظيم ويشكل دعامة أساسية له، لذلك الذي يسعى إلى أن يكون الطريق ما بينها وبين ما تبقى من مناطقه شرق سوريا على الحدود السورية العراقية، مفتوحاً دائماً.
ونتيجة لهجون أمس، أصبح “تنظيم الدولة” يسيطر على مناطق هجين الباغوز الشعفة السوسة أم حسن والبوخاطر (جزيرة)، وتقابل هذه المناطق على الجانب الآخر من النهر (الشامية) البقعان والدوير (نزلة الصالحية) والسيال.
ومن المعلومات الأخرى التي حصل عليها مراسل “فرات بوست” في ريف دير الزور الشرقي، أن التحالف الدولي جلب خلال الساعات الماضية، دبابات وآليات ثقيلة لنقاطه العسكرية المنتشرة في حقلي العمر والتنك، وذلك للمرة الأولى منذ انطلاق الحملة العسكرية ضد التنظيم، كما عمد التحالف في الوقت نفسه، إلى سحب كتيبة المدفعيته الثقيلة من محيط هجين.
في إطار متصل، استهدف طيران التحالف الدولي خلال ساعات نهار اليوم بلدة الشعفة بعدة غارات، كما دفع التقدم الميداني للتنظيم، إلى اتخاذ ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقية قراراً بإغلاق معبر الباغوز على الحدود السورية، كما شنت هذه الميليشيات صباح اليوم حملة تفتيش شملت شريط ضفة نهر الفرات (شامية) من الحدود السورية العراقية، وصولاً إلى مدينة البوكمال، بحثاً عن أسلحة وعناصر من “تنظيم الدولة”.
يشار أن قسد مدعومة بقوات التحالف الدولي اطلقت عملية بتاريخ الـ11 من الشهر الماضي، حملة عسكرية للسيطرة على أخر جيوب “تنظيم الدولة” المتبقية شمال شرقي نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي .
87
المقال السابق