نجح تنظيم “داعش” خلال الأشهر الماضية، وعقب طرده من أغلب المناطق التي كان يسيطر عليها سابقاً، في اتباع أسلوب “التنكر” بالزي العسكري لأعدائه، وإيقاع خسائر كبيرة بمن يهاجمهم، سواء “قسد” أو قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها، كما استخدمها في مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة.
الأنباء الواردة من ريف دير الزور خاصة، تشير إلى تزايد اعتماد التنظيم على هذا الأسلوب في الهجوم، مكرراً ما كان يفعله في العراق، في الفترة التي سبقت إعلانه “خلافته” على مناطق شاسعة في سوريا والعراق، والتي انتقل بعدها إلى المعارك العسكري التقليدية.
ميليشيا “قسد” كان لها النصيب الأكبر من هذه العمليات، حيث تم اختراق مواقعها عدة مرات مؤخراً من خلال عناصر لداعش تنكروا بزي مقاتليها ودخلوا مواقع نفطية في ريف دير الزور على الضفة الشمالية لنهر الفرات، وتمكنوا من قتل وإصابة عدد كبير من العناصر، قبل تفجير أنفسهم، أو قتلهم.
أبرز عمليات داعش في هذا المجال، كانت في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما تمكن عناصر من التنظيم يتقنون اللغة الروسية وارتدوا الزي العسكري الروسي، من الدخول إلى مطار دير الزور العسكري، بعد إيهام عناصر النظام بأنهم ضباط وخبراء روس جاؤوا لتفقد المطار.
ووفق ما أقر به النظام وإعلامه، فإن المجموعة التي نالت موافقة الدخول من خلال “سيارة مصفحة”، قام عناصرها بعد الترجل منها بإطلاق النار على الجنود والضباط المتواجدين هناك، مما أدى إلى قتل العديد منهم، وبينهم ضباط كبار، كما عمدوا إلى إطلاق قذائف على الطائرات الرابضة في المطار، قبل أن يقوموا بتفجير أنفسهم بالطائرات المتواجدة هناك. بحسب ما تشير إليه رواية النظام.
من العمليات الأخيرة للتنظيم وفق هذا الأسلوب، ما قام به أحد عناصره بالدخول إلى أحد مقرات النظام والميليشيات في مدينة الميادين، متنكراً بزي جندي من النظام، ليقتل ويصيب العشرات قبل أن يلقى مصرعه.
عمليات داعش عبر التنكر بزي أعدائه، تأتي بسبب تحول التنظيم إلى حرب العصابات عقب خسارته معظم ما سيطر عليه من مناطق، وهذا الأسلوب برأي محليين عسكريين أخطر من الحرب النظامية على القوات المهاجمة، ويمكن عبرها استنزاف أعداء التنظيم بشكل كبير.
ومن خلال توسع نطاق هذه العمليات، يعتقد بأنه سيكون للمدنيين نصيب منها، كما حصل في العراق، خاصة عندما تتطور الأمور إلى استخدام السيارات المفخخة، والتي يخشى أن يكون المدنيون من أكبر ضحاياها، بسبب زرع النظام و”قسد” قطعهم العسكرية ومقراتهم الأمنية وبشكل مبالغ فيه وسط التجمعات السكانية.
وما يزيد من خطورة هذا الأمر، الفلتان الأمني الذي تعيشه أغلب المناطق في سوريا ومن بينها ما خرج عن سيطرة داعش مؤخراً، ناهيك عن الفساد الكبير داخل القوى الأمنية وقوات النظام، والميليشيات التابعة لمختلف الأطراف، ما يجعل عمليات الاختراق غير صعبة على التنظيم، خاصة وأن الأخير لديه الأموال والعناصر التابعين له في مختلف المناطق، والذين يسهلون عليه مهمته، مقابل المال أو الولاء.
يذكر بأن داعش اتبع أسلوب “التنكر” للقيام بعمليات مختلفة في أنحاء عدة من العالم، ولم يقتصر الأمر على “الزي العسكري”، كما حصل في أفغانستان في التاسع من مارس/ آذار 2017، عندما ارتكب عناصر داعش بعد ارتدائهم زي الأطباء، مجزرة في مستشفى “سردار داود خان” العسكري في أفغانستان، وقتلوا 30 شخصاً من المرضى والموظفين والحراس والعسكريين، وأعلن التنظيم في بيان رسمي له عقب العملية مسؤوليته عن تنفيذها.
372