فرات بوست تكشف لأول مرة عن مدارس “أشبال الخلافة” في مخيم الهول

by Anas abdullah

*فرات بوست / أخبار / تحقيقات

أطفال صغار يتحولون تدريجيا إلى مقاتلين لصالح تنظيم الدولة، تحت إشراف وتدريب نساء التنظيم في معسكرات داخل قسم الأجانب في مخيم الهول شرقي محافظة الحسكة السورية.
فرات بوست تنفرد لأول مرة للحديث عن هذه المدارس السرية.

اقتباس “إنهم يتدربون على استخدام السيوف والأدوات الحادة ، ويتدربون على رياضة الجودو ، ويخفون أنفسهم بالعباءات والنقاب ”
القيادية في قسد نوجين ديريك 10 ايار 2023

يخضع الأطفال الصغار في قسم الأجانب أو ما يسمى ملحق “الأنيكس”  للتعليم المتشدد في مدارس يشرف عليها نساء التنظيم بتعليمات قياداته، بحجة تعليم “القرآن الكريم والحديث النبوي”، وتتوزع على ثلاثة أماكن، في الجنوب والوسط وشمال قسم الأجنبيات، ورغم أنها تواجه صعوبة في التوسع بسبب الحملات الأمنية، وانتشار مدارس التعليم النظامي، إلا أن نساء التنظيم الأجنبيات يحاولن الاستمرار في خلق هذا الجيل المتشدد الجديد، وذلك لتعويض القوة البشرية.
ومن عجائب هذا الملحق هو زواج النساء من شبان قاصرين، وأيضا تزويج القاصرات والقاصرين بين بعضهم البعض، وذلك بهدف إنجاب عدد أكبر من الأطفال.

وقبل البدء بالحديث عن هذه المدارس، لنتعرف أكثر عن قسم الأجنبيات..
تعود قصته عندما خسر تنظيم الدولة آخر معاقله في الباغوز بدير الزور عام 2019، وكانت نهاية سيطرة التنظيم على الأراضي السورية، ما أدى إلى استسلام آلاف من عناصره وتسليم أنفسهم لقوات قسد والتحالف الدولي ليتم اقتيادهم إلى السجون الموزعة في الحسكة والرقة ودير الزور. بينما نقلت النساء وأطفالهن إلى مخيم الهول، وتم عزل الأجنبيات في قسم يسمى “الأنيكس” أو ملحق الأجانب. ووفق بيانات الأمم المتحدة يبلغ عدد سكان مخيم الهول اليوم حوالي 53 ألف شخص،64٪ منهم من الأطفال الذين يبلغ عمرهم دون سن 12 عاما. المصدر
بينما يضم ملحق الأجانب حوالي 10 آلاف نسمة، كلهم من الأطفال والنساء من عائلات مقاتلي التنظيم.
الملحق الذي لا يحوي رجال يصنف في الداخل إلى 5 أقسام، ويعتبر الأكثر تطرفا في المخيم، حيث لقبته الوسائل الإعلامية بـ”عرين داعش” و”رحم التنظيم”، و”الولاية الأخيرة” التي يحلم داعش النهوض منها مجددا. وذلك عبر العمليات الدموية للنساء، وتدريب الأطفال، وتعليمهم الفكر المتشدد. تمهيدا لإنشاء جيل مقاتل جديد.

أشبال الخلافة والزواج القسري:

يسجل ملحق الأجانب شهريا 60 حالة ولادة على الأقل، رغم أن هؤلاء النساء أتين مع أطفالهن الصغار منذ 4 أعوام فقط، ما يؤكد عمليات التزويج للأطفال، بهدف تعويض النقص البشري، وخلق قوة مقاتلة جديدة. عبر استغلال الأطفال جنسيا.
تنفذ هذه العملية عبر إخفاء البالغين الشبان في أنفاق فيديو خشية عزلهم عن قسم الأجانب وزواج النساء منهم، أو تزويجهم لطفلات قاصرات.  كما يتم عبر تسلل سكان المخيم الآخرين إلى قسم الأجانب، وإجراء عمليات الزواج الديني، وإتمام النكاح، وكل هذا بهدف إنجاب الأطفال لبناء جيل مقاتل قادم للتنظيم. مصدر

وبحسب صحيفة المونيتور وفق تقرير “الأطفال أدوات جنسية” فإن نساء التنظيم يقمن بإجبار الأطفال البالغين على الزواج منهن، ويعملن على إخفاء المواليد الجدد، تنفيذا لأوامر قيادات التنظيم الذي يهدف إلى إنشاء “أشبال الخلافة”.

“قابلنا صالح البالغ من العمر 15 عاما، في مركز إعادة تأهيل في القامشلي، بعد أن كان قادما من مخيم الهول، وأكدت لنا قياديات في قسد أن صالح اجبر على ممارسة الجنس مع امرأتين أكبر منه سنا بهدف إنجاب الأطفال وتكاثرهم”. مراسلة المونيتور امبارين زامان 10 أيار 2023
أما فكرة إنشاء جيل جديد من أشبال الخلافة بعد سقوط مئات القتلى خلال معارك التنظيم عام 2019، والقبض على معظم مقاتليه في مناطق متفرقة من سوريا. والانتكاسات المتكررة، ما أدى إلى فقدان التنظيم خلافته المزعومة والقوة البشرية، وانخفاض أعداد حاملي السلاح ومنفذي العمليات. الأمر الذي دفع قياداته إلى التكيف مع الوضع الجديد والعمل على إيجاد بديل جديد لهذه القوة البشرية، وكان الاختيار على الأطفال في قسم الأجانب
تأسست فكرة أشبال الخلافة مع ظهور إحكام التنظيم سيطرته على المدن السورية والعراقية، حيث استقطبت الأطفال الذين تبلغ أعمارهم من 8 سنوات إلى 14 عاما، لإخضاعهم لمرحلة الإعداد الديني، وتلقينه الفكر الأيديولوجي، ثم تعريضه لمعسكرات تدريب قاسية في مدن سورية وعراقية عدة، كما أنه صور هؤلاء الأطفال خلال انخراطهم في العمليات العسكرية وتنفيذهم للاغتيالات ومشاركتهم في الإعدامات. وكان يهدف من خلالهم إلى تجهيز جيل مقاتل جديد أكثر تشددا، ويحرص من خلاله على عدم تعريضه للحياة الطبيعية وتطبيق الأفكار المتشددة في حياته اليومية المعزولة. ما يمثل ذلك خطرا كبيرا للمجتمع والأسرة والمنطقة كلها،

مدارس الإرهاب والتطرف:

نستعرض إليكم خطط التنظيم في بناء جيل جديد من مقاتليه عبر خطة محكمة تحاول المنظمات المحلية مواجهتها عن طريق إبعاد الأطفال عن خطر الفكر المتطرف.

عملت النساء الأجنبيات في ملحق الأنيكس على نشر عدة مدارس، لتعليم الأطفال الفكر المتطرف، ودربتهم على تنفيذ عمليات تخريبية ودموية ضد سكان وقوات أمن المخيم، كما استغلتهم لنقل الأسلحة البيضاء لتنفيذ الاغتيالات، ووردت تقارير عدة أنهن دفعوا بالأطفال لتنفيذ عمليات القتل ضد نساء رفضن الانصياع لطلباتهن.
وتقوم تلك المدارس بتعليم ما يقارب خمسة مستويات (قراءة وكتابة – تعليم ديني – دروس الولاية للتنظيم – دروس الجهاد – دروس التكفير ). ثم يتلقى فيها الأطفال الأكبر سنا تدريبا أيديولوجيا وعسكريا شاقا. وهذا ما أظهرته مقاطع فيديو منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

فيديو التدريبات 


وعلى الرغم من الرقابة الكبيرة التي تفرضها قسد والقوات الأمنية على هذا الملحق، إلا أن النساء استطعن من إنشاء هذه المعسكرات تحت غطاء المدارس الدينية، ورغم استطاعتها سرا في هذا الصدد، لكن لولا المراقبة الأمنية مصدر عن  هدم خيام كانت معسكرات للأطفال لكان وضع الملحق أسوأ من الآن بكثير، لأن الحملات الأمنية قوضت انتشارها وكشفت مخابئ الأسلحة المستخدمة في التدريب، وضبطت البالغين الذين يتم استخدامهم في عمليات الزواج والاغتيال.

هذه الخيام التي يبلغ عددها ثلاثة قرب سور المخيم في القطاع الرابع من أنيكس، ووسط القطاع الثالث من أنيكس، وفي القطاع السادس بعيدا عن مدارس المنظمات، افتتحتها النساء تحت اسم “دورات القرآن الكريم والحديث النبوي” لكن في حقيقتها تخفي جانبا مظلما من عمليات أدلجة الأطفال، وغسل أفكارهم، وتحويلهم إلى جيل جديد من ما يسمى “أشبال الخلافة”. تغريدة

وبحسب ما شاهدناه في الداخل ومقاطع الفيديو التي انتشرت فإن المدارس تتبع منهاج التنظيم في تعليمها، وتضع “الولاء للخليفة” مبدءاً أساسيا لطلابها، كما تنطلق بأفكارها من “دولة الخلافة” عبر تغييب ممنهج لواقع التنظيم المأزوم، وتمويه لحقيقة هزيمته، وفقدانه لكل أركان قوته خلال الأعوام الماضية.

كما تعمل هذه المدارس على تدريب الأطفال بدنيا، عبر دروس شاقة يخضع لها الأطفال، ويسود الاعتقاد أنهم يتدربون على مبادئ الرماية، والاغتيال، والقتل.
إضافة إلى استخدام النساء للأطفال  في بعض عمليات الاغتيال، وذلك عبر حرق الخيام بأهلها، والطعن، وضرب الرؤوس وتهميشها بالحجارة، والطعن بالسكاكين. وهذا ما تسميه هذه المعسكرات “التطبيق العملي” لدروس أشبال الخلافة.

ولاحظنا العنف الذي يبديه الأطفال عند دخول وسائل الإعلام والصحافة، مثل إيماءات الذبح، وإشارة السكين، والتهديد والوعيد. ما ينذر بصعود جيل أكثر تشددا تجاه الآخر، يتبنى فكرة الانتقام بسبب الظروف المعيشية التي يقبع فيها، ويذهب إلى استخدام العنف كحل وحيد، وهذا نتاج وابل من الأدلجة الفكرية المميتة.

فيديو تدريبات


وتقول بعض المصادر أن نساء التنظيم عملت على إسكات من يعارض إرسال أطفاله إلى المخيم، وذلك عبر جهاز يسمى “الحسبة”. الجهاز يفرض على النساء إرسال الأطفال إلى معسكرات التدريب، والخضوع الكامل للتعليمات، وتنفيذها حرفيا. ويتم تطبيق حد “القصاص” على كل من يرفض هذه التعليمات تحت ذريعة “الردة”.

جهاز الحسبة في مخيم الهول “قسم الأجنبيات” مكون من نساء التنظيم المتشددات وأشارت بعض التقارير سابقا أنهن من “لواء الخنساء” المؤلف من نساء التنظيم ويقاتل في صفوفه حيث احدثه داعش عام 2014 وبدأ بتنفيذ العمليات ومسؤول عن مقتل عشرات المدنيين والقوات الأمنية. وبعد هزيمة داعش عام 2019، واستسلامه، تم نقل هؤلاء النساء “لواء الخنساء” إلى مخيم الهول، ليشكلن نواة إجرامية داخله، نفذن أكثر من 80 اغتيالاً.
حيث تتلقى نساء داعش فتاوى وأوامر من “قضاة التنظيم” المتخصصين في القضايا المتعلقة بمخيم الهول، وقد تكون رسائل الفتاوى بالقتل، مثل حادثة نوفمبر الماضي، حيث عُثر على قاصرتين مصريتين مقتولتين ورأسيهما منفصلين في مجاري مخيم الهول.  وبحسب مصادر إعلامية ، أصدر القاضي فتوى بقتلهما ، كما أصدر القاضي نفسه فتاوى بقتل مغربيات أخريات.
“إن وفاة الأختين الشابتين- اللتين عانتا بالفعل من الكثير من بؤس- أمر مؤلم للغاية. ملابسات وفاتهما، والطريقة التي قُتلتا بها، أمر يفوق الخيال” مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك عن القضية حينها مصدر1. 2

رغم هذا إلا أن الجهاز فقد قوته بعد عمليات نفذتها قسد بدعم من التحالف الدولي في العام الماضي (عملية الأمن والسلام). ويحاول أن يفرض دور المراقب على سلوك السكان في قسم الأجانب بالتحديد، ويوسع عملياته أحيانا إلى خارجه، لكن يواجه صعوبة في توسعه، بسبب التشديدات الأمنية المستمرة.

جهود حثيثة لمواجهة مخطط التنظيم:

المنظمات المحلية والإنسانية لم تترك الأطفال في ملحق الأجانب لمصيرهم، بل افتتحت مدارس داخل القطاع، وأبرزها هي “منظمة أنقذوا الأطفال”، ويتركز التعليم في معرفة القراءة والكتابة والحساب إضافة إلى اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم. عبر منهاج اليونسيف التابعة للأمم المتحدة.
وتنتشر المدارس في عموم مخيم الهول، التي تدرس الأطفال منهاج اليونسيف التعليمي، والذي يقدم موادا علمية متوازنة، وهذا واجه معارضة شرسة من نساء التنظيم حيث تهدد تلك المدارس خطتهم بإحياء جيل جديد من أشبال الخلافة.

تقول التقارير إن الأطفال الذين يتم إخضاعهم للمعسكرات المتشددة يهاجمون بشكل متكرر هذه المدارس، بتعليمات وتوجيهات وتحريض ممنهج، يتعرضون لها خلال عملية الأدلجة الفكرية. ورصدنا خلال إعداد التقرير هجوماً نفذه هؤلاء الأطفال بالحجارة، وعبوات الزجاج على المدارس، كما تعرضوا لطلاب المدرسة بالضرب، ووصفوهم بالكفار. مع الهتاف باسم الدولة، والخليفة، والتهديد والوعيد للمعلمين والطلاب.
ومن هذه الحوادث التي وثقتها فرات بوست كانت مهاجمة خلايا التنظيم لمقرات منظمة “شمس للتأهيل والتنمية” في القطاع الرابع، وحرق مقرها المخصص لعقد الندوات والاجتماعات بزجاجات المولوتوف، إضافة إلى تعرضهم للحرس الموظفين لدى المنظمة وضربهم بالعصي.
واستهدفت الخلايا هذه المنظمة لأنها تنفذ حملات توعوية فضلا عن تنظيم مسابقة للنساء تهدف زيادة المعرفة الثقافية والعلمية وتقوية الروابط الاجتماعية في بيئة ترفيهية وهذا ما يعارض أهداف ومخطط التنظيم داخل المخيم.

كما قامت نساء التنظيم بتهديد الأهالي الذين يرسلون أطفالهم إلى تلك المدارس وطلبن منهم إرسالهم إلى المدارس الشرعية، لتعليمهم “الدين” على حد قولهم.

خاتمة .. بزوغ الأمل:

رغم تهديد نساء التنظيم للأهالي والهجمات التي تم تنفيذها ضد المدارس، والاعتداء على الكوادر التعليمية، إلا أن أعداد الوافدين إلى هذه المدارس يتصاعد، وذلك بعد اقتناع كثير من الأهالي أن نهاية المعسكرات التي يروج لها ستكون قاسية، وربما تنهي حياة الأطفال وتدفع بهم نحو الجحيم.

لذا عملت المنظمات المحلية والإنسانية على نشر المدارس وتكثيف الدورات التعليمية والأنشطة الترفيهية، وذلك بدعم من إدارة المخيم، وتزامنا مع حملات أمنية ضد خلايا التنظيم التي ترسل التهديدات.

كما أكدت اليونسيف مرار وتكرارا إلى استمرار جهودها في دمج الأطفال في المخيم وناشدت إلى فعل كل ما يمكن من أجل إعادة الأطفال الموجودين في المخيم الى بيوتهم، وإعادة دمجهم في المجتمعات المحلية وإجلاء كافة الأطفال الأجانب إلى أوطانهم الأصلية بطريقة كريمة وآمنة، وطالبت المنظمة بتزويد أطفال المخيم بأوراق الأحوال المدنية من أجل تجنب أن يصبح هؤلاء الأطفال بدون جنسية.
وقالت إدارة المخيم في تصريح سابق إنها دعمت دمج أطفال مخيم الهول وعلى وجه الخصوص أطفال مقاتلي التنظيم عبر افتتاح 16 مدرسة، يتعلم ضمنهم قرابة 5 آلاف طفل، على شكل 3 فترات تدريسية يومياً، ويتلقون ضمنها مناهج تم اعدادها من قبل يونيسف.

وضمن المشاريع الترفيهية تم افتتاح 17 ملعب لكرة القدم، بالإضافة لفتح 5 ملاعب كرة السلة، جميعها دخلت الخدمة ومزودة بجميع المستلزمات الرئيسية، يقصدها الأطفال. المصدر

تقول إحدى نساء المخيم وتدعى أم أحمد: “أنا هنا بسبب الدواعش، هل أرسل ولدي مرة أخرى إليهم؟ هذا لن يحصل، وعلى كل الأهالي أن يرسلوا أطفالهم، وعندها لن يستطيع أحد أن يواجهنا، علينا أن نحافظ على أطفالنا ولا نرسلهم إلى الموت، يكفينا ما تعرضنا له بسببهم. أنا سأرسل ولدي يوميا إلى المدرسة النظامية، والدورات، والأنشطة، أريده أن يصبح طبيبا أو مهندسا، وليس قاتلا لأجل فلان وعلان”.

 

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy