كيف بدأت الاشتباكات المميتة في سوريا ومن المسؤول عن قتل المدنيين؟

by Ahmad b..d

*فرات بوست: تقارير ومتابعات 

 

سوريا

اندلعت اشتباكات بين الأجهزة الأمنية السورية والمقاتلين الموالين لنظام الأسد المخلوع يوم الأربعاء، مما أدى إلى خمسة أيام من القتال المستمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، من بينهم “745 مدنياً”، وفقاً لمصادر إعلامية.

كانت الاشتباكات، التي تعد من الاشتباكات الدموية في البلاد منذ بداية الحرب في عام 2011، أكبر تحدٍ واجهته السلطات السورية الجديدة منذ توليها السلطة في كانون الأول.

واجه المدنيون، ومعظمهم من “الأقلية العلوية”، موجة من عمليات القتل الانتقامية من قبل أفراد في الأمن العام والموالين للأسد.

«كيف بدأ العنف ومن يقف وراء قتل المدنيين؟»

في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، أطاحت فصائل المعارضة بقيادة  “هيئة تحرير الشام” بالطاغية بشار الأسد، الذي حكمت عائلته سوريا لمدة 53 عاماً. ثم تولت الإدارة الجديدة السلطة، وشكلت حكومة انتقالية بقيادة الزعيم السابق للهيئة أحمد الشرع، الذي كان يُعرف سابقاً باسمه الحركي “أبو محمد الجولاني.”

سوريا

وأكد الشرع، بصفته “رئيساً جديداً” للبلاد، أن حقوق الأقليات الدينية، بما في ذلك تلك المنتمية إلى الطائفة العلوية التي تنحدر منها عائلة الأسد، ستُحترم في ظل الحكومة الجديدة. ومع ذلك، منذ تولي السلطة، حدثت حوادث قتل انتقامية بشكل متقطع في القرى العلوية، والتي وصفتها الحكومة السورية بأنها “حالات فردية” ووعدت بالتحقيق فيها. كما واجهت قوات الأمن السورية هجمات مستمرة من قبل مقاتلين موالين لنظام الأسد المخلوع.

ومع ذلك، ظل الوضع في شمال غرب سوريا، وتحديداً المحافظات الساحلية التي كانت معقل الأسد السابق، هادئاً إلى حد كبير حتى الأسبوع الماضي.

سوريا

قوات الأمن السورية تطرد الموالين للأسد إلى الريف. تصوير: أحمد فلاحة/EPA

يوم الأربعاء، تعرضت قوات الأمن السورية ونقاط التفتيش لهجوم متزامن عبر الساحل السوري من قبل الفلول الموالين لنظام الأسد. وقالت وزارة الدفاع السورية إن الهجمات كانت “منسقة ومدبرة” بينما قال مستشار لوزير الخارجية إن الهجوم شارك فيه ما يصل إلى 4000 من الموالين للأسد.

  • ويعتقد أن ضابط الأمن السابق في الأسد، مقداد فتيحة، يلعب دوراً قيادياً في العملية.

    سادت الفوضى والارتباك لبضع ساعات بينما فوجئت قوات الأمن بالهجوم، فتم سحقها وقتلها بشكل جماعي. وبدأ الموالون لنظام الأسد في إطلاق النار على السيارات بشكل عشوائي، ومهاجمة المدنيين وإحراق المباني العامة مثل مراكز الشرطة.
    وأصدرت السلطات السورية نداء لإرسال تعزيزات وتدفق آلاف المقاتلين من جميع أنحاء البلاد إلى المحافظات الساحلية. كما انضم مدنيون، وكثير منهم مسلحون، إلى القوافل العسكرية.

«كيف بدأت عمليات القتل؟»

بدأت قوات الأمن، مدعومة بالتعزيزات، بمحاربة الموالين لنظام الأسد وطردهم من القرى في الساحل السوري. تراجع الموالون إلى الريف، وأحرقوا ممتلكات الدولة وقتلوا مدنيين أثناء انسحابهم.

*مواد ذات صلة:

“إسرائيل” تضغط على واشنطن لإبقاء سوريا “ضعيفة” ومواجهة النفوذ التركي

سوريا
ووصف أحد سكان حي قصور ببانياس بريف اللاذقية كيف فر الموالون للأسد من جبلة إلى المنطقة مساء الخميس. “اختبأوا في المستشفى خلف منزلي وبدأوا في إطلاق النار على الأمن العام، وذهب بعضهم أولاً إلى مركز الشرطة وأحرقوه”، قال الرجل متحدثاً لصحيفة الغارديان البريطانية دون الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام.

“أخذوا صبياً يبلغ من العمر 16 عاماً، وأصيب بانهيار عصبي، وطلبوا منهم ألا يقتلوه. لم يقولوا شيئاً، أخذوه وقتلوه”. أفاد سكان آخرون في القرى الساحلية بأنهم يعرفون عشرات الأشخاص الذين قتلوا.

سوريا

تظهر هذه الصورة التي نشرتها وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية (سانا) في 8 آذار/مارس 2025، القوات السورية تحرس نقطة تفتيش في مدينة اللاذقية الساحلية. (سانا/وكالة الصحافة الفرنسية)

وأظهرت مقاطع فيديو شاهدتها وسائل الإعلام مقاتلين يرتدون الزي الرسمي وهم يعدمون أشخاصاً عزلاً من مسافة قريبة، وعشرات الجثث في ثياب مدنية مكدسة فوق بعضها البعض في قرية المختارية في اللاذقية.

«من المسؤول عن عمليات القتل؟»

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي تستخدم معايير توثيقية شاملة وتعتبر مستقلة، قتل الموالون لنظام الأسد 383 شخصاً، بينهم 211 مدنياً و172 من قوات الأمن السورية، بينما قتلت قوات الأمن السورية 396 شخصاً، بينهم مدنيون ومقاتلون سلموا سلاحهم. قتل المقاتلين الذين سلموا سلاحهم مخالف للقانون الإنساني الدولي. لا تأخذ الإحصاءات في الحسبان عدد الموالين لنظام الأسد الذين قتلوا.

الغالبية العظمى من عمليات القتل غير المشروع للمدنيين والسجناء على يد قوات الأمن السورية ارتكبها فصيلان محددان، بالإضافة إلى أفراد انضموا إلى القوافل العسكرية، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وعلى وجه التحديد، كان الفصيلان المسؤولان عن غالبية عمليات قتل المدنيين هما فرقتا “أبو عمشة والحمزات”. وكلاهما من الجماعات المعارضة التي كانت تابعة في السابق للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. وكلا الفصيلين وقادتهما يخضعان لعقوبات أمريكية بسبب انتهاكات خطيرة مزعومة لحقوق الإنسان بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب.

سوريا

أقيمت جنازة بالقرب من إدلب في سوريا يوم السبت لأربعة من أفراد قوات الأمن السورية الذين قتلوا في اشتباكات مع مقاتلين موالين لنظام الأسد الدكتاتوري المخلوع. تصوير: عمر البام/أسوشيتد برس

كلا الفصيلين من بين الجماعات المتباينة التي تحاول الحكومة السورية الجديدة دمجها في جيشها الوطني. وهي تخضع اسمياً لرعاية الدولة الجديدة، حيث عيّن أبو عمشة قائداً للفرقة 25 في محافظة حماة. ومع ذلك، في الواقع، تمارس الدولة سيطرة محدودة عليهم.

وبحسب مؤسس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، فإن هذه الفصائل كانت ترتكب انتهاكات في القرى حتى وصول قوات الأمن التابعة لهيئة تحرير الشام، حيث كانت تنتقل إلى البلدات المجاورة حتى يتم طردها مرة أخرى. ووصف ما لا يقل عن أربعة من سكان قرى اللاذقية عملية مماثلة للفصائل التي تهرب من قوات الأمن التابعة لهيئة تحرير الشام.

«ماذا يحدث الآن؟»

وفي كلمة ألقاها يوم الأحد، تعهد الشرع بملاحقة الموالين لنظام الأسد الذين أشعلوا العنف ومحاسبة أولئك الذين قتلوا المدنيين.

“سنحاسب بحزم تام كل من يشارك في إراقة دماء المدنيين أو يسيء معاملة المدنيين أو يتجاوز سلطة الدولة أو يستغل السلطة لتحقيق مكاسب شخصية. لن يكون أحد فوق القانون”.

وأعلن عن تشكيل لجنة لإصدار تقرير عن الاشتباكات والعنف الذي أعقبها في شمال غرب سوريا، فضلاً عن تشكيل لجنة لمعالجة مخاوف الطائفة العلوية.

  • ينظر إلى محاسبة الجناة وضمان العدالة الانتقالية الحقيقية في سوريا التي مزقتها الحرب على أنها مفتاح لتعافي البلاد من الحرب  المستمرة منذ 14 سنة، ونجاح الحكومة الجديدة.

سوريا


 

 

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy