ما الذي دفع روسيا للحملة على إدلب ونقض تصريحاتها السابقة بعدم وجود عملية عسكرية؟

by admindiaa

 

فاجئت الحملة العسكرية التي بدأها النظام وحليفه الروسي، العديد من المراقبين للشأن السوري، والذين لم يكن في حسبانهم انطلاق عملية ضد إدلب، وفق مؤشرات قرؤوها على الأرض، ناهيك عن تصريحات الساسة الروس، الذين زعموا حتى ما قبل انطلاق هذه الحملة بأيام، بعدم وجود أي نية لعملية عسكرية شمال سوريا، وكان آخرها تصريح للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بعدم وجود نية لشن أي عمل عسكري ضد إدلب حالياً.
قد لا يكون مستغرباً كثيراً قيام النظام أو حليفته إيران بعمليات عسكرية في الوقت الحالي، لتخفيف الضغط الذي تتعرض له الأخيرة خاصة، مع الحملة الشرسة التي تُقاد ضد تواجد قوات إيران وميليشيات مدعومة من طهران في سوريا.
لكن القراءة تختلف الآن مع مشاركة روسية واسعة في الحملة العسكرية الحالية، رغم أنها قد لا تصب في مصلحتها من حيث الظاهر، لكنها بالتأكيد كانت لها أسباب، وربما أهداف دفعت موسكو لقلب الطاولة، ودعم النظام بشكل كبير في حملته ضد ما تبقى من مناطق تحت سيطرة المعارضين للأسد.
لعل من أهم العوامل التي دفعت موسكو لاتخاذ قرار الحملة الأشرس ضد مناطق المعارضة في الشمال السوري منذ اتفاق سوتشي المنعقد قبل 15 شهراً، هو فشل روسيا السياسي الذي تمثل في عدم قدرتها على فرض البدء بعمل اللجنة الدستورية، بسبب تشدد المعارضة المدعومة من تركيا، وكان آخر أوجه هذا الفشل في اجتماع أستانا الأخير، ناهيك عن فشلها في ملف اللاجئين السوريين بعد أن جهدت على مدار عام سبق لإعادتهم لمناطق سيطرة النظام، لكن جهودها باءت بالفشل.
وطبعا إعادة اللاجئين لم يكن الهدف منه إنساني، بقدر ما هو سياسي داعم للأسد ولرواية انتصاره التي تروجها موسكو، وفي الوقت ذاته لدحض حقيقة أن أغلب هؤلاء هرب من بطش النظام وقصفه وظلمه، وليس بسبب الحرب فقط.
ومن أوجه الفشل السياسي لروسيا أيضاً، عدم قدرتها على تسويق أن الحرب قد انتهت والنظام قد انتصر وبالتالي يتوجب على أمريكا وأوروبا التعامل معه، وإعادة إعمار سوريا، لتنال نصيبها من كعكة إعادة الإعمار، مع اشتراط واشنطن والغرب الحل السياسي الكامل في سوريا وبدء عملية انتقال سياسي لإعادة الإعمار، وبمعنى آخر رفض الرواية الروسية حول أن الحرب انتهت وانتصار الأسد.
لعل من الأسباب الأخرى التي دفعت روسيا للقيام بهذه العملية، هو قطع الطريق على التقارب التركي الأمريكي فيما يتعلق بإقامة المنطقة الآمنة شمال سوريا، مع إعلان أنقرة مؤخراً أنها وصلت إلى مراحل متقدمة في هذا المجال، ما يصب في النهاية ضد الرؤية الروسية للحل في سوريا، والمتمثلة في إعادة بسط النظام سيطرته على جميع الأراضي السورية وبالتالي المنطقة الآمنة المحمية أمريكياً تعد عائقاً أمام هذا الهدف، ناهيك عن كون نجاح هذه المنطقة إن أقيمت، سيقرب أنقرة من واشنطن أكثر وذلك على حساب التقارب التركي الروسي.
تصريحات صادرة من “قسد” حول وجود حوار غير مباشر مع تركيا، قد يكون من الأسباب التي دفعت روسيا إلى اتخاذ قرار الميدان، من أجل خلط الأوراق وإغلاق جميع بوابات الحل بالنسبة لـ”قسد” فيما عدا بوابة النظام التي فشل الأكراد بعد أن دخلوها سابقاً، في إحداث أي اختراق جراء تعنت النظام.
مع ذلك، فإنه ليس من المصلحة الروسية وجود بوادر حل كردي مع تركيا على حساب النظام الذي تدعمه، ومن ناحية أخرى يعني هذا التقارب خروج ورقة أخرى من أوراق اللعبة في سوريا، والتي تحرص روسيا على أن تكون جميعها بيدها، بعد أن جمعتها (هذه الأوراق) في وقت سابق عن طريق القوة، لذلك عادة إلى استخدام القوة من جديد لفروض شروطها وأجنداتها ومصالحها السياسية والاقتصادية فيما يتعلق بالقضية السورية، أكثر منها لتحقيق أهداف وأجندات عسكرية.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy