سعي تركي متواصل لـ”منطقة آمنة”.. وسوريون يتساءلون ويشككون

by admindiaa


أصبح حديث “المنطقة الآمنة”، ديدن السياسة التركية خلال الأسابيع الماضية فيما يتعلق بالقضية السورية، خاصة بعد إعلانها التوصل لاتفاق بهذا الشأن مع الجانب الأمريكي المتحفظ سابقاً على هذه المنطقة، والداعم لموقف حلفائه الأكراد الذين بدورهم كانوا من أشد الرافضين لإنشاء هذه المنطقة، قبل أن يقبلوا بها اليوم، لكن بشروط.
بغض النظر عن تفاصيل ما يتم الإعداد له بين الجانبين التركي والأمريكي فوق الطاولة، وبين الجانبين التركي والروسي وربما الإيراني أيضاً من تحت الطاولة، فإن “المنطقة الآمنة” التي تجاهر أنقرة بأن الهدف منها الحفاظ على الأمن القومي التركي، ووضع خط عازل بينها وبين فكرة إنشاء دولة كردية ترفضها تركيا جملة وتفصيلاً، آثارت اعتراضات سوريين عبر طرحهم تساؤلات استنكارية، لا يعتقدون أن أنقرة تملك أجوبة لها، أو مستعدة للبوح بإجابات لها، لأنها تناقض كثير من تصريحاتها ومواقفها السابقة تجاه القضية السورية، عدا عن كونها تحمل الضرر الكبير على هذه القضية وأصحابها.
التوجس السوري من مشروع “المنطقة الآمنة”، حمل العديد من الأسباب المقنعة، وعلى رأسها من يدير هذه المنطقة وكيف وإلى متى؟
الإدارة التركية أو الأمريكية للمنطقة أو كلاهما، لا يعني أبداً نجاحها، خاصة وأن للسوريين تجارب مرّة مع كلا الطرفين، فأمريكا التي تخضع لها مناطق واسعة في الشرق السوري عبر بوابة التحالف الدولي المناهض لـ”تنظيم الدولة”، فشلت كلياً في إدارة دفة المنطقة، التي تعاني حالياً من أسوأ أنواع الفساد وسوء الخدمات، والترهل الإداري، وانتشار خلايا “تنظيم الدولة”، وضعف الأمن، وغيرها من المعوقات التي بقيت حافزاً لرفض أبناء المنطقة النازحين منهم العودة، وللاحتقان الكبير من قبل سكانها الموجودين، والذي دفعتهم سوء ظروفهم المعيشية والخدمية والأمنية إلى إشعال تظاهرات ضد الواقع الذي يعيشونه.
تركيا بالمقابل، للسوريين تجربة سيئة معها عبر منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” الخاضعتين لها، وتعيشان اليوم واقعاً خدمياً واقتصادياً وأمنياً سيئاً، ناهيك عن اعتماد أنقرة على رجالات وشخصيات عسكرية ومدنية غير مؤهلة، بل وبعضها متهم ومدان بارتكاب جرائم وسرقات ونهب وسلب، ومع ذلك تصر الإدارة التركية على الاعتماد عليهم، وتسليطهم على المدنيين وأرزاقهم وأرواحهم، دون وجود أدنى استجابة لمطالب الناس في المنطقة، أو رغبة لاسترداد الحقوق لأهلها، وبالتالي هناك كل الخشية بأن تعاد هذه التجربة في “المنطقة الآمنة” المزمع إقامتها.
من الاعتراضات المطروحة على “المنطقة الآمنة” ما ذكره بعض الناشطين والصحفيين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمثلت في خطورة أحد أهداف هذه المنطقة، المتمثلة في إعادة اللاجئين السوريين، وبالتالي سحب أهم الأوراق الضاغطة على الأسد وحلفائه، والتخلص من الورقة السياسية والتفاوضية التي كانت بيد السوريين المعارضين للأسد، وهي ربط عودة السوريين بعملية سياسية شاملة وفق ما تقره قرارات مجلس الأمن ومسار مفاوضات جنيف، وكانت تركيا من الداعمين لهذه الورقة ومن الرافضين مع الأوروبيين والأمريكيين والأمميين وحتى العرب، منحها للأسد.
وبحسب أحد التعليقات، فإن تركيا عبر هذا الهدف (إعادة اللاجئين)، ستوصل للعالم رسالة مفادها، أن السوريين الذين هربوا مما فعله الأسد لم يعودوا لاجئين بنظر العالم، ولا يشترط الحل السياسي الذي يتضمن الانتقال السياسي لعودتهم.
اعتراضات على شكل أسئلة، من بينها أيضاً، من هي الجهة التي ستمنح الوثائق الرسمية للمقيمين والعائدين للمنطقة، سواء ما تعلق بوثائق السفر والهويات الشخصية وأوراق الزواج والطلاق والولادات وغيرها من الإجراءات الرسمية التي تحافظ على الحقوق، وتمنع من حدوث انتهاكات وتجاوزات؟
ومن ناحية أخرى، إن تم منحها، فمن سيعترف بها رسمياً من الدول، أم أنها ستبقى حبيسة اعتراف من يدير هذه المنطقة، وعلى نطاق محلي فقط، وبالتالي ليس لها أي قيمة في مناطق ودول أخرى مثل تركيا، لتتحول في هذه الحال “المنطقة الآمنة” إلى سجن كبير للسوريين يمنع على سكانها مغادرتها، وهذه إحدى المآخذ المهمة على إنشاء منطقة وإعادة لاجئين إليها دون ربطها بحل سياسي طالما رأى الشرق والغرب بأنه مفتاح إعادة السوريين إلى بلدهم سواء، ولا مفاتيح أخرى صالحة لباب هذه العودة، حتى وإن تسترت تحت مسمى “منطقة آمنة” التي هي ربما يكون الهدف منها فعلاً أن تكون “آمنة”، لكن السؤال، لمن ستمنح الأمان، للسوريين المقيمين والعائدين قسراً إليها..؟! أم أنها هي “منطقة آمنة” لكن ليس لهم، لكن لأمن دولة أخرى تسعى جاهدة لإقامتها، وهي تركيا..؟!

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy