داخل الحياة الرقمية لنساء الدولة الإسلامية

by admindiaa

 

*فرات بوست | ترجمات: أحمد بغدادي

المصدر: FOREIGN POLICY 

لا يمكن أن يخبرنا مجموعة الناس عن أنفسهم أكثر من اتصالاتهم الهاتفية الخاصة. ولفهم بقايا “تنظيم الدولة الإسلامية” في سوريا، هناك القليل من المصادر الأفضل من محادثات “تليغرام-Telegram” لنساء داعش حالياً في مخيمات الاعتقال السورية.

الهواتف المحمولة محظورة هناك، ويمكن أن تكون العقوبة على وجودها شديدة. ومع ذلك، تجد الرسائل النصية طريقها بين النساء.

من بين المحادثات بين الأجنبيات، تعد المحادثات باللغة الروسية هي الأكبر (مع أكثر من 400 عضو) والأكثر نشاطاً، مع ما يصل إلى 200 منشور جديد يومياً. وللانضمام إلى الدردشة الجماعية، يجب أن يوصي أحد الأعضاء الحاليين والموثوقين بالعضو الجديد. كما هو الحال في العديد من الدردشات عبر الإنترنت، لا يستخدم أعضاؤها أسمائهم الحقيقية، لكن أسماء “البروفايلات” تتراوح بين الألقاب الإسلامية مثل أم يوسف (والدة يوسف) وسمية أوزبكي (سمية من أوزبكستان) إلى ألقاب مستوحاة من تنظيم الدولة الإسلامية مثل “مهاجرة” (عضوة في مجموعة أجنبية) و (سجين في الحياة). والعديد من الأسماء موالية علناً لتنظيم الدولة الإسلامية، مثل “رباني” و حتى “انظر..أنتَ في دابق” – في إشارة إلى بلدة في سوريا حيث من المفترض، وفقاً للدولة الإسلامية، أن تدور المعركة الأخيرة مع “الكفار”. وتتراوح صور الملف الشخصي أيضاً من المناظر الطبيعية إلى “اللبؤات” (التي غالباً ما تقارن عضوات الدولة الإسلامية أنفسهن بها) إلى الأعلام السوداء والأسلحة.

ونظراً لأن النساء يعشن الآن في مخيمات الاعتقال هذه منذ أكثر من عامين، فإن القضايا الرئيسية التي يتم مناقشتها عبر الإنترنت هي قضايا عادية؛ بيع المواد الغذائية، والخيام والملابس والمجوهرات والأدوية، وحتى الحيوانات شائعة جداً. ولأن العديد من النساء يربين حيوانات أليفة، فهناك الكثير من الرسائل المتعلقة بتربية الأرانب، وهي ليست نادرة؛ (رسائل مثل “من لديه أرنب ذكر ذو لون مثير؟ أود استعارته ليوم واحد للتربية”).. وعمليات البحث اليائسة عن القطط المفقودة والمسروقة. ومنشورات أخرى تدور حول البستنة. هذا الصيف، تمكنت امرأة من زراعة بطيخة، وشاركت الصورة، وهنأتها أخريات.

بحثاً عن طرق لكسب المال في المخيمات، فتحت العديد من النساء أعمالاً واستخدمن مساحات عبر الإنترنت للإعلان. تعلن سيدات مختلفات عن فصول دراسية للأطفال وتحويل الأموال بشكل غير قانوني وخدمات غسيل الملابس واستئجار أحواض السباحة للأطفال. هناك أيضاً إعلانات لدروس الأيروبيك (تحظى بشعبية كبيرة في المخيمات) وحتى دروس لتمارين كيجل.

سيدة قيرغيزية تملك محل كوكتيل “بلا كحول” لديها إعلانات ذات مظهر احترافي للمكان “مذاق الكاريبي في مخيم الهول“، بما في ذلك صورة لبحر جميل – وهو اختلاف شاسع، عكس واقع المخيمات.

حملة تفتيش في مخيم الهول بحثاً عن الأسلحة والهواتف المحمولة من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)


على الرغم من أن غالبية المنشورات تتطرّق إلى القضايا الاقتصادية، إلا أنه من الصعب تجنب الموضوعات الدينية حتى في هذا السياق. على سبيل المثال، عادةً ما تكون المناقشات الأكثر سخونة حول الأسعار، لا سيما العناصر الأساسية مثل الطعام والخيام ومواقد الطهي. في كثير من الأحيان، يُتهم البائعون بوضع أسعار مرتفعة للغاية، وعلى الرغم من أن بعض النساء يدافعن عن التجارة الحرة واختيار البائع لتحديد السعر بناءً على الطلب، تشير أخريات إلى الدين والحاجة لمساعدة الأخوات الفقيرات، مع اتهام البائعين بشكل أساسي بعدم اتباع الإسلام.

كما أن المنشورات المتعلقة بفضائح الفساد موجودة؛ حيث تساعد قيادات الدولة الإسلامية ومؤيدو التنظيم في الخارج النساء من خلال إرسال الأموال لعدد قليل من النساء في المخيم. ولكن النساء المسؤولات عن توزيع الأموال كثيراً ما يتهمن بالحصول عليها بدلاً من توزيعها وإهمال النساء الأكثر احتياجاً. لذلك على الرغم من أن هذه التحويلات المالية من المفترض أن تكون سرية، عندما يتم الكشف عن الفساد، فإن العديد من النساء يدخلن في موجة غضب، لدرجة أنهن يتوقفن عن الاهتمام بمن يرى المنشورات.

على الجانب الآخر، غالباً ما تستخدم الدردشات أيضاً لأغراض الأمان. على سبيل المثال، في الوقت المناسب، يمكن للنساء إخبار بعضهن بعضاً بمكان حراس المخيم حتى يتمكن من حولهن من إخفاء هواتفهن. كما يناقشن الصحفيين والمسؤولين في أوطانهن الذين شوهدوا في المخيم.

ومع مرور الوقت في المخيمات ونفاد الأموال، فإن الجريمة مشكلة ملحة أيضاً. بدأت عصابات من الصبية الصغار في سرقة الخيام أثناء الليل، وأصبحت هذه الظاهرة موضوعاً رئيسياً للمناقشة عبر الإنترنت. بعض النساء يهددن اللصوص على الإنترنت، قائلات إنهن سيطلبن من الله معاقبتهم؛ ويحاول آخرون الإمساك بهم بأنفسهم أو على الأقل ينظمون حارساً لحماية ممتلكاتهم. كما يناقشون ما يمكنهم القيام به مع أولئك الذين يمسكون بهم. وفي الوقت نفسه، يبدو أن سكان المخيم الأكثر تطرّفاً، هم أكثر قلقاً من أن الصبية الذين يسرقون الخيام قد يرون النساء نائمات دون حجاب ونقاب، ونتيجة لذلك ينصحون النساء بالنوم بالغطاء الكامل.

غالباً ما يقوم أعضاء الدردشة المتطرفون أنفسهم بإعادة نشر الأخبار حول الأحداث الكارثية في الغرب، مثل حرائق الغابات في كاليفورنيا. وتأتي عقب هذه المنشورات تعليقات تعبّر عن السعادة، على الرغم من أن الحماس الآن أقل بكثير مما كان عليه في الماضي. ومع ذلك فإن العديد من الدردشات مخصصة للناطقين باللغة الروسية، إلا أن الأخبار من فرنسا هي الأكثر شيوعاً منذ قطع رأس مدرس هناك على يد مهاجر شيشاني، وهو أمر كان المتطرفون من سكان المخيم يفتخرون به.

صورة تعبيرية 


وفي الكثير من الأحيان ينشرون أيضاً إرشادات ونصائح دينية طويلة مختلفة، حول كيفية تربية الأطفال، إلى أهمية الجهاد، ولكن غالباً ما يتم تجاهلها أو الرد عليها بشكاوى من بعض النساء بالقول إن هذه المنشورات تجعل الدردشة أقل فائدة.

بشكل عام، يحاول كل من أعضاء “تنظيم الدولة الإسلامية” والمناهضين لتنظيم الدولة الإسلامية البقاء مهذبين ومتواصلين في الدردشات، مدركين أنه من خلال العيش بجانب بعضهم بعضاً، يتعين عليهم التعاون على الرغم من خلافاتهم. لكن السلوك في الأدب متقلب. يتطلب الأمر شرارة واحدة فقط، وتصبح الانقسامات واضحة. في هذا الصدد، تتضمن أخطر مواضيع الدردشة اللباس المقبول للنساء في المخيم، وأنواع التفاعل المسموح بها مع عمال المخيم الذكور، والآراء حول إمكانية العودة إلى الوطن، وما إذا كانت شخصيات معينة من الدولة الإسلامية مسلمة أم لا. إذا تم لمس هذه الموضوعات، فإن الدردشات تنتهي على الفور. عدة مرات، كان لا بد من حذف المنشورات والمواضيع التي يتم مناقشتها، وبدء محادثة جديدة لوقف الخلافات.
في الماضي، بُذلت محاولات أيضاً لإنشاء أسواق منفصلة على الإنترنت للنساء المؤيدات والمعارضات لتنظيم الدولة الإسلامية حتى تتمكن المشاركات من التواصل والتجارة فيما بينهن فقط. لم تكن مثل هذه الرسائل نادرة: “للتأجير أرجوحة عملاقة للأطفال ذات لون وردي على شكل فراشة، ولكن لأخت تخاف الله” (موالية لتنظيم الدولة الإسلامية). ولكن مدفوعةً بالقواعد الاقتصادية التي غالباً لا تحترم الاختلافات الأيديولوجية، فشلت الأسواق المنفصلة والمحاولات الأخرى على الفور وتجمّع الكل في أكبر سوق على الإنترنت.
تظهر سنوات من التواصل عبر الإنترنت من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية المسجونين أنه مع مرور الوقت، تصبح النساء أقل اهتماماً بالمواضيع المتطرفة وأكثر اهتماماً بالقضايا اليومية. حتى الأطفال الذين يرشقون حراس المخيم بالحجارة يواجهون الآن انتقادات أكثر من الدعم. قد يكون هذا هو الحال، إما لأن النساء الأكثر تطرفاً قد أعيدن بالفعل إلى أوطانهنَ (أو استطعن الفرار) أو لمجرد أن النساء في المخيم يدركن أن التطرف غير مستدام.

 

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy