دير الزور أيقونة الحضارات المنهوبة

by admindiaa

خاص فرات بوست _ قيل قديماً الحضارات العظيمة لا تتوضع إلا على ضفاف الأنهار العظيمة على ضفاف نهر الخلود كما يسميه السومريين في الشرق السوري تعتبر مدينة دير الزور أيقونة الحضارات القديمة التي اختزلت حضارات بأكملها وذلك بسبب موقعها على نهر الفرات الذي له شهرة مستفيضة في العصور القديمة واستوطنت سهوله حضارات كبيرة كالسومريين والبابليين والفرس والرومان والعرب. حيث تضم منطقة وادي الفرات الشمال والشرق السوري ما يقارب 2800 تل أثري وتحوي مدينة دير الزور ما يقارب800 تل أثري بحسب الباحث الأثري الفرنسي بيير لو ريش تتوزع هذه التلال ضمن أطار المحافظة وتعتبر من أوائل الحضارات التي قامت منذ فجر التاريخ ومهد الأنسان القديم الذي عاش في أحضانها منذ أكثر من تسعة الاف سنة قبل الميلاد ودونها التاريخ في العديد من القلاع الشامخة الموجودة ليومنا هذا واللقى والمكتشفات الأثرية ومع اندلاع الثورة السورية تأثرت الكثير من المواقع التاريخية والأثرية في دير الزور جراء القصف والتخريب والنهب والسرقة حيث أضحت تجارة مزدهرة ومصدر كسب للثروات المادية وأصبحت مسرح للتنقيب العشوائي غير المشروع والذي يعتبر جريمة ضد ذاكرة هذا المنجز الانساني التاريخي الذي لن يتكرر أبدا حيث تنشط ورشات التنقيب في العديد من المواقع الهامة وشديدة الحساسية مثل دورا أوربوس أو ما يعرف بصالحية البوكمال التي تبعد 90 كم على طريق دير الزور البوكمال والتي يعود تاريخها للقرن الرابع قبل الميلاد والتي تعتبر الموقع الأغنى لهذه التجارة والسوق الأول بسبب تعاقب الحضارات عليها وموقع مملكة ماري(تل الحريري) الذي يعود للألف الثالث قبل الميلاد وموقع حلبية و زلبية وتل العشارة وتل الكسرة وتل السن والبصيرة وتل الشيخ حمد وشملت نشاطات التنقيب كامل المواقع والتلال الأثرية على امتداد المحافظة بما فيها مركز المدينة والسوق المقبي الذي يتراوح دماره بين التنقيب والقصف العشوائي الذي يمحو في طريقه كل شيء من قبل قوات النظام السوري الدوافع: البحث عن الثراء و والمال والربح حيث يقوم العديد من الباحثين والمنقبين عن الكنوز واللقى الأثرية القيمة في تلك المناطق بحثا عن الربح كما يعتبر الطريق الأسهل للوصل للثراء في ظل ظروف الحرب القاسية والبؤس الشديد الذي يعيشونه تحولت لتجارة معلنة ازدادت مع غياب الرادع الأمني وانتشار الجهل وغياب الوعي بشكل كامل في الحفاظ على هذا الميراث الانساني العريق ألية العمل : تعددت الأليات والخراب واحد حيث تم استخدام أليات ثقيلة وسجل ازالة تلال بأكملها والتي تسببت في كارثة أثرية وتدمير كامل للسويات الأثرية والتي تعمل عليها البعثات منذ سنوات للحصول على بعض المعلومات الاستدلالية في البحث عن تاريخ وحضارة وادي الفرات كما سجل استخدام أجهزة حديثة في البحث والتنقيب وشمل عمل الورشات الأطفال والنساء وأغلب العاملين من المناطق المجاورة للمواقع أو القريبة منها حيث تعمل هذه الورشات لساعات طويلة من البحث بلا كلل أو ملل وينتشر التجار في كامل المناطق المنتعشة بهذه الظاهرة المدمرة في استعداد تام لشراء أي شيء يعثر عليه من خلال عمليات التنقيب ويتم تصديرها عن طريق شبكات خاصة للتجار خارج البلاد ويعتبر النظام السوري الأكثر نشاط في عمليات البيع والتجارة عن طريق دمشق ولبنان ثم أوروبا كما شملت هذه الورشات عدد من كتائب الثوار وجبهة النصرة وأحرار الشام واستقدام الخبراء للعمل ضمن حمايتهم وورشاتهم الخاصة ومع سيطرة تنظيم داعش على المحافظة يزداد هذا النزف الحاد في الارث الحضاري حيث قام التنظيم بتسهيل عمليات التنقيب بشكل مكثف على كامل مساحة سيطرته حيث يقوم التنظيم بمنح تراخيص عبر ما يسمى بديوان الركاز التابع لولاية الخير والفرات كما يسميها التنظيم، على أن يأخذ التنظيم نسبة «الخُمس» من قيمة المكتشفات والتي تنقل الى أماكن مجهولة وبدأت عملية المحو لكل شيء بشكل معلن كتحطيم معالم مدينة تدمر التي تعتبر أحد أهم المواقع في الشرق الأوسط كما نشر التنظيم «داعش» شريط فيديو يظهر عناصره يدمرون بالبنادق والمطارق آثارا في موقع مدينة الحضر العراقية إذ يظهر مسلحان يتحدث أحدهما قائلا إن التنظيم أرسلهما لتحطيم الأوثان والامثلة كثير ولا يمكن حصرها في ظل محو كامل لهذا التراث العميق المتأصل في جذور التاريخ اليونسكو والعجز الدولي: ما فائدة اليونسكو في عالم يحرق كل ميراثه الإنساني على يد عصابات كأنها خارج كل عقاب؟ لماذا لا تتحرك المنظومة الدولية بشكل أكثر فاعلية لحماية الميراث الذي يجعل من الإنسان إنسانا؟ الشعور بالقلق لا يكفي في ظلال الصمت الدولي الذي أصبح قانونا هناك حلول يمكنها حفظ الحد الأدنى من هذا الميراث . صحيح أنه لا يمكن نقل مدينة مثل تدمر بكاملها لكن يمكن تهريب ما يمكن تهريبه من الأطراف المتنازعة أو بقاياها بالاشتراك مع اليونسكو نحو المناطق الأكثر هدوء او الدول المجاورة على شكل معارض تدويرية ما نرى حدوثه اليوم هو عزل للتراث الانساني والحضارة السورية و تصحيرها وتفقيرها وتحويلها إلى كيان ضائع، بلا حياة ولا تاريخ ، بحيث لن تجد الأجيال المقبلة شيئا ترتكز عليه إلا صحراء قاحلة وقاتلة أيضا، لا تثمر في النهاية إلا الخوف فما كان سيحدث لو حدث كل هذا التخريب في الدول المتقدمة

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy