السوريون يصرون على عدم التفريط بسلاح “حرية التعبير”.. مظاهرات دير الزور أنموذجاً

by admindiaa


عندما ردد المتظاهرون في بداية انطلاق الثورة السورية “الشعب يريد إسقاط النظام”، جوبهت مطالبهم بقمع كبير من قوات الأسد ورجال أمنه، قبل أن تتصاعد الأحداث، ليستقدم فيها بشار الأسد قوات وميليشيات ومرتزقة من مختلف أصقاع الأرض، من أجل تثبيت نظامه ومنعه من السقوط.
بعد كل المجازر والفظائع المرتبكة ضد السوريين خلال السنوات الماضية، كثرة الآراء والتحليلات التي تتحدث عن وجود قرار دولي وشبه إجماع من القوى الدولية والإقليمية بمنع سقوط النظام، وهو ما فسر الضوء الأخضر الممنوح للأسد لارتكاب ما ارتكبه من جرائم منذ مارس/ آذار 2011 وحتى يومنا هذا.
رغم صحة هذا الرأي، إلا أن الجانب المغفل منه، هو أن ما منع سقوط النظام حتى الآن والرغبة الدولية ببقائه، ارتبط بالشعار الأول، وهو أن “الشعب يريد” هذا السقوط، وهذا ما أخاف الغرب وإسرائيل ووكلائهم من قادة الأنظمة العربية، أكثر من خوفه من “اسقاط النظام”.
المشكلة إذا ليست في سقوط النظام، بقدر أنه إن سقط، فإنه سيفتح الباب واسعاً لإطلاق حرية الشعوب، واثبات أن ما يرغب به هو الفيصل، وأنه صاحب القرار الأول والأخير في المنطقة، وبالتالي تهديد المصالح الغربية والإقليمية داخل سورية، وفي غيرها دول الربيع العربي الذي فشلت الثورات المضادة حتى اليوم في وأده وإيقاف امتداده.
الجزء الشرقي في سورية، أو ما كان يُطلق عليها النظام اسم “المناطق النامية”، وتضم محافظات عدة، ومن بينهما الرقة ودير الزور، كان من المناطق الرئيسة التي تفشت فيه ظاهرة حرية التعبير بكافة أشكاله عقب الربيع العربي، ومن بينه التظاهر والاحتجاجات السلمية، والتي أصبحت تطال وتقف في وجه قوى مختلفة، ولم تقتصر على النظام فحسب.
حرية التعبير والاحتجاج والمظاهرات، والتي أُريد في بداية الثورة التخويف منها، والتحذير من أخطار قد تدفع إليها بسبب ردود أفعال من تستهدفهم، لم تفشل في القضاء عليها، مع إصرار السوريين على استمرار السير في هذا الطريق، لأنهم أيقنوا أن ثمن الطرق الأخرى المغايرة ومن بينها السكوت والخنوع، أفدح وأمر.
نظام الأسد الذي لم يتورع عن ارتكاب كل سلاح محرم كماً ونوعاً ضد شعبه، ما زال يجهد لإعادة السوريين إلى قفص الصمت والعبودية، والذي من دونه، لا يستطيع بأي حال ضمان البقاء والاستمرار.
وبناء على ذلك، وجدنا كيف ارتعدت فصائل النظام من المظاهرات في ريف دير الزور خلال الأسابيع الماضية، والتي طالبت بطرده وطرد الميليشيات الإيرانية الموالية له من بلدات وقرى يسيطر عليها شرق المحافظة، وكيف أنه سعى إلى استمالة قادة ميدانيين في “قسد” بالمال من أجل العمل على إيقاف التظاهرات.
ومن جانب آخر، فتح جبهة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي رآها فيها أحد أبرز الأسلحة التي تهدد وجوده، نظراً لخروجها عن نطاق سيطرته، ولأنها المتنفس الرئيس اليوم للسوريين للتعبير والاحتجاج وفضح ممارساته وسياساته وإجرامه.
مظاهرات دير الزور الأخيرة ضد “قسد” ومن ثم ضد نظام الأسد عند معبر الصالحية، تدل على القناعة التي أصبحت راسخة لدى السوريين من أبناء المنطقة، والتي تؤكد أن حرية التعبير من العوامل الرئيسة التي تدفع إلى الأمام، ولتحقيق المطالب، وأنها (حرية التعبير) مكسب رئيس من مكاسب الثورة السورية، ولا جدوى من “تقزيمها” أو التقليل من أهميتها ومحاولة طمسها وإلغائها، واقتلاعها من أيادي السوريين، الذين يرون فيها سلاح رئيس الآن، وفي المستقبل، وصالح في كل زمان ومكان.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy