*ترجمات فرات بوست: رأي
المصدر”NEWSWEEK-نيوز ويك“
قليل من الناس اليوم يعرفون اسم “ألويس برونر“؛ بصفته اليد اليمنى للمسؤول النازي “أدولف أيخمان“، كان أحد أكثر الشخصيات شهرة في “الهولوكوست“(المحرقة التي يدعيها اليهود)، حيث كان مسؤولاً عن “وفاة ما يقدر بنحو 130000 يهودي في معسكرات الإبادة.”
بالنسبة لأفراد الأسرة الذين حطم حياتهم، يعد ألويس برونر رمزاً لا يمحى لرعب الهولوكوست. كانت أفعاله المتعمدة تهدف إلى محو شعب بأكمله وتراثه.
بالتأكيد، نفترض أنه احتجز للمساءلة عن جرائمه. الجواب قد يفاجئك. بعد هزيمة ألمانيا النازية، بدلاً من مواجهة الانتقام، وجد برونر اللجوء في سوريا، وعاش باسم الدكتور “جورج فيشر”.
سمح قرار الحكومة السورية بحماية برونر لمجرم حرب سيئ السمعة بالإفلات من العدالة. إنه بمثابة تذكير مظلم بالعواقب التي يمكن أن تنشأ عن فشل المجتمع العالمي في التحرك أو محاسبة المسؤولين عن إيواء مثل هذا الهارب على أفعالهم.
وبالتأمل في مثل هذه اللحظات من التاريخ، أكد رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق “ونستون تشرشل” ذات يوم: “أنا لا أقلق أبداً بشأن العمل، ولكن فقط بشأن التقاعس عن العمل”. ويصدق هذا الشعور بشكل خاص اليوم حيث تتصارع الولايات المتحدة مع تدخلها في سوريا. هناك، تلعب القوات الأمريكية حالياً دوراً حاسماً في القتال ضد “تنظيم الدولة“، المعروف أيضاً باسم (داعش)، حيث تحقق التوازن بين النفوذ الإقليمي لإيران وروسيا، وتوفر قدراً من الحماية في أزمة إنسانية ذات أبعاد مذهلة.
لا يزال الوضع الحالي في سوريا مأساة ملحمية من الفقر والصراع واليأس. لاحظ الجنرال الأمريكي السابق “جورج سي مارشال” ذات مرة أن “الحروب يولدها الفقر والقمع. ولا يمكن تحقيق السلام المستمر إلا في عالم حر ومزدهر نسبياً”. تعمل كلمات مارشال على إثراء الاستراتيجية الأوسع المطلوبة في سوريا. إن المبادرات التي تركز على التنمية الاقتصادية والحرية السياسية هي مكونات أساسية لاستراتيجية مستدامة للسلام في سوريا ويجب أن تكون محوراً لسياستنا هناك.
ومع ذلك، تواجه الولايات المتحدة عقبات كبيرة في سوريا، بما في ذلك احتمال توسيع المهمة والديناميكيات المعقدة للصراع. إن وجود سياسة واضحة وقابلة للتحقيق أمر ضروري – سياسة تحددها أهداف ملموسة وفهم للحقائق التاريخية والثقافية والسياسية في المنطقة. يجب التخطيط لاستراتيجيتنا العسكرية بدقة كجهد للتحالف، مع أهداف محددة وجدول زمني لتجنب التزام مفتوح.
*مواد ذات صلة:
الولايات المتحدة تخصّص 156 مليون دولار لتمويل “حزب العمال الكردستاني”
إذا سحبت الولايات المتحدة جميع قواتها من سوريا، فسنرى فراغاً في السلطة سيستغله نظام الأسد وإيران وروسيا على الفور، وسيسمح لهم بترسيخ وجودهم ونفوذهم في المنطقة. وسيكون ذلك مفيداً بشكل خاص لإيران، حيث تسعى إلى الحفاظ على ممر نفوذ يمتد من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط. ومن المحتمل أيضاً أن تتصرف تركيا بحرية أكبر في شمال سوريا، وسيكون لذلك تداعيات خطيرة على القوات الكردية في المنطقة التي كانت حليفة للولايات المتحدة.
يمكن اعتبار انسحابنا خيانة ل”قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد، والتي كانت “شريكاً حاسماً في الحرب ضد داعش”. وهذا لا يمكن أن يؤدي فقط إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، ولكن أيضاً، في أعقاب خروجنا المفاجئ من أفغانستان، من شأنه أن يزيد من تآكل مصداقية الولايات المتحدة في الخارج. ومن المرجح أن يؤدي غيابنا إلى تفاقم الصعوبات في إيصال المساعدات وحماية المدنيين في المناطق التي تمزقها النزاعات في سوريا، مما يزيد من تفاقم الظروف الإنسانية الخطيرة أصلاً، حيث ترك النزاع الواسع النطاق والمصاعب الاقتصادية وتأثير الكوارث الطبيعية الأخيرة الكثيرين في حاجة ماسة.
وكما سعت خطة مارشال إلى استعادة التوازن والنظام من خلال المساعدات الاقتصادية وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، فإن استراتيجيتنا في سوريا يجب أن تسعى جاهدة لتحقيق التوازن والاستقرار النسبي.
يجب أن تستمر مبادئ العدالة والمساءلة بعد الحرب العالمية الثانية في توجيه سياستنا بشأن سوريا لمنعها من أن تصبح ملاذاً للمتطرفين. من خلال القيام بذلك، سنساعد في تصحيح أخطاء الماضي، كما شهدنا في هروب ألويس برونر تحت الحماية السورية. وفي حين أن انسحاب القوات الأمريكية قد يحقق هدفاً قصير الأجل يتمثل في الحد من الوجود العسكري الأجنبي، إلا أنه يخاطر أيضا بزعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر.
واليوم، لدينا فرصة للتعلم من ماضينا النقدي المشترك والحفاظ على دورنا كقائد في منطقة يبدو فيها السلام والاستقرار دائماً في الميزان.
*هامش:
- “العقيد جون فينزل هو ضابط متقاعد في القوات الخاصة بالجيش ، والرئيس التنفيذي لمؤسسة الحرب العالمية الثانية.”