- الضفّة الثالثة والخمسون
*أحمد بغدادي
لم يكن ظهور “رامي مخلوف” على الإعلام في هذا الوقت غريباً، أو مستهجناً، من خلال فيديوهات أخذ ينشرها تحمل رسائل مبطّنة وتهديدات مؤجلة، وشكاوى لابن عمّته ورئيسه بشار الأسد، بسبب حملة تصفية الحسابات المالية في العائلة الحاكمة وأقربائها، حيث إن “الرئيس – ذيل الكلب” يريد نهب أكبر كمية من النقود عن طريق “تشليح” واستنزاف رامي مخلوف اقتصادياً، بالإضافة إلى تجّار كبار ورجال أعمال لهم صلة بالأخير ولديهم مشاريع اقتصادية واستثمارات كبيرة داخل وخارج سورية.
وكلنا نحن السوريين نعرف مسبقاً حتى قبل الثورة السورية أن عائلة مخلوف تُعد طرفاً فعّالاً في مافيا البلاد، مع آل الأسد وشاليش، علاوة على ضبّاط الصف الأول والمسؤولين الكبار، الذين لهم حصة من “تركة” (أموال) الشعب السوري، والأسماء معروفة، لكن، نحن الآن بصدد التوجّه نحو عائلتي الأسد ومخلوف اللتين نهبتا الاقتصاد السوري منذ السبعينيات، بمباركة الدكتاتور الأب حافظ الأسد، ورضاه. فبعد أن سرقَ “محمد مخلوف” والد رامي شركة التبغ السورية، حيث كان مديرها الفعلي، أو بالأحرى (مالكها)، واللص الأول فيها، تم نقله من قبل ” حافظ الأسد إلى منصب آخر وهو مدير المصرف العقاري، ليكمل سرقاته ولصوصيته، وبهذا استمرت عائلة مخلوف بنهب ثروات البلاد، وخاصةً النفظ، من خلال التعاقد مع شركات أجنبية، ومنها وهمية، جلبت مليارات الدولارات ومئات العقارات والقصور والمطاعم، فضلاً عن احتكارهم لشركات الاتصالات الخليوية والمرافئ التجارية.. والحديث يطول عن ممتلكاتهم وحساباتهم البنكية في أوروبا !
أما ماهر الأسد، الذي يعتبر ليس بعيداً عن هذا الصراع الأخير في العائلة، فهو من أكبر لصوص سورية، رغم أنه لا يظهر إلا على هيئة ضابط عسكري، ويحاول الابتعاد عن الأضواء في مجال التهريب والتجارة وفرض الإتاوات في ميناء اللاذقية وطرطوس على السفن التجارية وغيرها من واردات غذائية وقطع غيار سيارات، والأهم، تجارة الأسلحة والتبغ (الدخان) المُهرّب إلى سورية..
اليوم، بدأت هاتان العائلتان تعرّيان بعضهما بعضاً، وتتصارعان على الأموال المنهوبة، وخاصةً بعد أن أشرفت “أسماء الأسد” زوجة “الطاغية الأهطل” بشار على مراقبة كل أعمال وشركات رامي مخلوف، ومراجعة حركة المال في حساباته المصرفية، الأمر الذي دفع رامي إلى “التنمر” والظهور في الإعلام ليوجّه رسائل تحذيرية للطاغية ومنها مسمومة كالتي قال فيها إن “الطرف الآخر سوف يستفيد“.. وهنا يقصد أهل “السنة”، وأيضاً، خلال تصريحاته التي امتزجت “بالتقوى والورع وشدّة الإيمان بالله” وكأنه قد تخرّج من جامعة الأزهر أو “معاهد حافظ الأسد لتحفيظ القرآن!“، تحوّل هذا الأخطبوط الاقتصادي إلى “فأر مهزوم“، وهذا ليس من العجب، حيث يصبح اللص مؤمناً فجأة ويبدأ بالوعظ والنصائح الدينية مثل الأبله، وقد تناسى فضيلة الشيخ رامي مخلوف تاريخه الأسود وسطوته في سوق الاقتصاد السوري عن طريق النهب وابتزاز المستثمرين وسرقة أموال سورية مع أولاد عمّته بيت الأسد وشبيحته وضبّاط المخابرات.. !؟
ومن الجميل أن رامي لم ينسَ أهم التصريحات .. ولا ندري إن كانت زلة لسان أعوج أم قالها متقصداً “بأنه موّل أجهزة المخابرات السورية وضباطها ورؤساء أقسامها خلال حرب النظام على الشعب السوري“، أي أنه يعترف بكامل قواه العقلية وأمام العالم قاطبة بتمويل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية، وأيضاً، قام بمساعدة هؤلاء المجرمين على قتل مئات ألوف السوريين وتعذيبهم وتهجيرهم، وخنق المتبقي من الناس اقتصادياً ودعم الميليشيات الطائفية القادمة من العراق وإيران ولبنان!
طبعاً، هذا التصريح وحده كفيل باقتياده نحو محكمة الجنايات الدولية، عدا عن باقي الجرائم الاقتصادية ونهب الأموال واستنزاف مقدرات وثروات الوطن!
لم يبق لــ رامي مخلوف سوى فيديو واحد فقط، ونعتقد ذلك، إما سوف تتم تصفيته من قبل ماهر الأسد وبشار بطريقة ما، أو لربما سيهرب إلى روسيا التي تحاول منذ فترة إذلال عائلة الأسد وتقويضها بعد أن تمكّنت في سورية وأصبح لديها القرار الفعلي عسكرياً وسياسياً، عوضاً عن سيطرتها على قاعدة حميميم وميناء طرطوس ومعامل الفوسفات ومراكز حيوية في سورية..
لن يطول الأمر مع هذه العائلة المجرمة، قريباً سوف ينهار هذا النظام من الداخل، وتبدأ المساءلة والمحاسبة على كل الجرائم التي اقترفها بحق الشعب السوري الحر، ورويداً رويداً كما صبرنا عشرة أعوام أمام هذا الدمار الشامل والموت الأسود، سوف نجتث كافة الاحتلالات وعلى رأسها الاحتلال الروسي والإيراني، لتعود سوريا إلى أبنائها وسكانها الأصليين ضمن دولة تعددية وديمقراطية تخلو من الضباع والطائفيين والقتلة.