- الضفّة الثانية عشرة
*أحمد بغددي
ولتحفروا قبري عميقاً وادفنوني واقفاً حتى أظل أصيح بين الناس: لا تحنوا الجباه!
موتوا وقوفاً لا تمُوتوا تحت أقدام الطُغاة. – أمل دنقل / شاعر مصري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- عادةً ما تستخدم العصا عند العرب لرعيّ الأغنام ولتوجيه الأنعام كالإبل والخيول و… الحمير؛ إنما بعد مجيء زمن الطغاة في الشرق الأوسط، وخاصةً عُقب ما تسمى اتفاقية “سايكس بيكو” التي قسّمت البلاد، وزرعت أخبث وأرخص عملاء في التاريخ المعاصر ضمن الأنظمة العربية والإسلامية، على أنهم (قادة للشعوب)، أصبحت العصا لدى المتغطرسين أداة لتوجيه الجماهير! وخاصة، تلك التي تستمتع بالعبودية، وكأنها وجبات طعام يومية، وضرورية.
وبناءً على ذلك، استخدمت الأنظمة الدكتاتورية العصي بطرق متعددة، منها كانت مستوردة من “بريطانيا أو أمريكا”، ومنها صناعة محلية؛ ولقد كانت الأخيرة، أي التي ابتدعها الطغاة، أكثر جدوى، حيث جوهر المثل الشعبي “لا يحنّ على العود إلا قشره” قد جاء جملةً وتفصيلاً وعلى _الزئبق _ لكلّ من استرضى بالهوان وكان تابعاً وراضخاً لهؤلاء الطغاة ورجالاتهم!
فالشعب السوداني الحرّ قد برهن لباقي الشعوب العربية وللعالم أنّ الحريّة تنبثق من العدم؛ كما فعل الجزائريون أيضاً، ذلك العدم الذي صنعته الإمبريالية العالمية، وطوّرته أدوات الاستعمار في بلداننا، على أنّ الخلاص من القيود ومن قمقم هذه الأنظمة هو عدمٌ محض، وضربٌ من ضروب المستحيل. لكن، قبل انتفاضة السودانيين على _جرذ الأوساخ المتضخّم_ أي بعد تونس ومصر، عام 2011، كان للشعب السوري حديثٌ آخر، ابتدأ من _درعا حتى دير الزور _ في شرق سورية؛ وهذا الحديث، كان ثورةً من أعظم الثورات في التاريخ، أذهلت الطغاة وأسيادهم في واشنطن ولندن وتل أبيب! لذا، دفع الشعب السوري فاتورةً باهظة، تتمثّل في مليون شهيد، وملايين المهجّرين، ومئات الألوف من المعتقلين والمفقودين، فضلاً عن دمار المدن المنتفضة ضد الطاغية الوريث، صاحب نظرية التجانس والمؤامرة الكونية!
إذن، كسّرت الثورة السورية كل عصيّ الاستبداد، والإرهاب الأمني الأسدي، والخوف، وفكّت عن السوريين الأحرار أَلجِمَة الصمت، وألهمت شعوباً أخرى هي الآن تزيح عن جلودها عفنَ الدكتاتوريات لتخرجَ من جديد حرّة كما اليوم الأول للولادة.
أما “عصا البشير“، التي كان يظنها “اليهود الصهاينة” _ عصا موسى _ لخدمة مخطّطاتهم في السودان، وخاصةً بعد تقسيمه، ونهب ثرواته، بمساعدة “فتاهم المطيع “، سوف تستحيل إلى وتدٍ من أوتاد المشانق، التي سوف تنصب في الساحات العامة، ليتأرجحَ عليها كل طاغية {جزاءً وفاقاً} لما اقترفوه بحق الأبرياء.
وأخيراً… نعتقد نحن كسوريين لدينا خبرة واسعة في خلخلةِ الكرة الأرضية، أنّ “بشار الأسد” ينظر إلى عصا البشير ويرتجف، وأظنه قد عرفَ مقاساتها حينما زاره الأخير في دمشق، وهذا يعني، أنّ خلاص الشعب السوداني سوف يمهّد الطريق لباقي الشعوب العربية والإسلامية، لوضع العصي في مؤخرات (ملوكهم ورؤسائهم وأمرائهم)، على غرار تجربة الطاغية معمّر القذافي.
- طول رقبة بشار الأسد + اتساع مؤخرته وثخانة عصا البشير = خازوق تاريخي.