فرات بوست / أخبار / تقارير
يعاني المدنيون في مناطق سيطرة “قسد” في شرق الفرات بمحافظة دير الزور من نقص حاد في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه والصحة والبنية التحتية، على الرغم من انتشار العديد من المنظمات العاملة في المنطقة.
نقص الكهرباء والمياه
في مدينة الشحيل، يُعاني الأهالي من غياب خدمة الكهرباء رغم وجود محطة توليد تعمل بطاقة 15 ميغاواط، يتم توزيعها على النحو التالي:
- 8 ميغاواط لري منطقة الصبحة.
- 1 ميغاواط لحقل العمر النفطي.
- 6 ميغاواط تُوزع على الأهالي بالتساوي، حيث يتم تزويد كل منطقة بالكهرباء لمدة 12 ساعة.
إلا أن هذه التوزيعات غير كافية، حيث تستهلك مدينة الشحيل وحدها 4 ميغاواط، مما يترك 2 ميغاواط فقط لباقي المناطق، وهي غير كافية لتلبية احتياجات أهالي بلدات الحوايج وذيبان والطيانة.
حيث يلجأ السكان إلى استخدام ألواح الطاقة الشمسية باهظة الثمن، التي تُكلف نحو 1000 دولار، أو مولدات الكهرباء، والتي يُكلف الأمبير الواحد منها 24 ألف ليرة سورية ويعمل لمدة 4 ساعات فقط يوميًا. كما يعتمدون على المياه المنقولة بصهاريج، حيث يبلغ سعر خزان المياه (10 براميل) نحو 50 ألف ليرة سورية، بالرغم من أن المحافظة تقع على ضفة نهر الفرات الغزير بالمياه .
وعلى حسب كلام مسؤولين محطات المياه فأن الوقود لا تكفي لتشغيل أكثر من 3 ساعات باليوم. حيث يحتاج الأهالي إلى مادة الثلج بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وقد وصل سعر قالب الثلج إلى عشرين ألف ليرة سوري وحالياً وسط ازدحام شديد للحصول على الثلج،
ونتيجة لذلك سجلت عشرات حالات الغرق في نهر الفرات بسبب لجوء سكان المنطقة لنهر الفرات هربًا من حرارة الطقس وعدم توفر الكهرباء.
الوضع الصحي
الوضع الصحي في المنطقة صعب للغاية، حيث يُعاني الأهالي من نقص حاد في الخدمات الصحية وارتفاع تكاليف المعاينات الطبية والأدوية. بالرغم من وجود عدة مستشفيات عامة تحت رعاية لجنة الصحة، أبرزها: مشفى الفرات العام – مشفى هجين العام – مشفى الكسرة العام – مشفى جديد عكيدات العام – مشفى الشحيل – مشفى الشعفة.
إلا أن الأهالي لا يثقون بها، لعدم تقديمها جميع الخدمات الطبية ولاضطرارهم لشراء الأدوية من خارج المستشفى.أيضاً بسبب انتشار ظاهرة شراء الشهادات الطبية بالمال حيث يوجد عدد كبير من الصيادلة والأطباء في المنطقة هم غير حاصلين حتى على شهادة الثانوية العامة.
فيما تُعتبر مشفى الشعفة الخيرية، التي تم بناؤها على نفقة أهالي المدينة، استثناءً لتقديمها خدمات صحية لريف البوكمال جزيرة شعفة وباغوز وسوسة.
وتعاني مشفى هجين حالياً من عدة مشاكل تتمثل بإغلاق قسم بنك الدم وتسعى لجنة الصحة إلى إعادة افتتاح قسم التلاسيميا وبنك الدم في مشفى هجين العام بعد إغلاقه مؤقتاً ليقدم خدماته لأكثر من 150 طفلاً.
ويسعى الكثير من الأهالي إلى السفر إلى محافظات دمشق وحلب بحثًا عن علاج وأطباء مختصين، بالرغم من مشقة الطريق وصعوبة التنقل عبر نهر الفرات، مما يزيد من معاناة المرضى وأسرهم.
نقص الخبز وارتفاع أسعاره
يعاني الأهالي من شح مادة الخبز وسوء جودته، حيث تحتوي الأرغفة في بعض الأحيان على حشرات وتنبعث منها روائح كريهة. يُعزى السبب إلى انقطاع مادة الطحين من منطقة المعامل التي تُشرف عليها مديرية المطاحن بمجلس دير الزور المدني.
تضطر الإدارة الذاتية التابعة لقسد لرفع سعر ربطة الخبز إلى الضعف، حيث يبلغ سعر الربطة (وزن 1100 غرام) 900 ليرة سورية مع هامش ربح للمندوب 100 ل.س، بعد أن كانت تُباع بسعر 500 ليرة. ويتهم الأهالي بعض أصحاب الأفران بالتحجج بعدم وجود الطحين لبيعه في السوق السوداء بسعر 3000 ليرة سوري، بينما يباع كيس الطحين وزن 50 كغ بسعر 300 ألف ل.س.
تأثير الوضع العسكري والأمني
يتأثر توريد الطحين بالوضع العسكري والأمني، حيث تنقطع الطرق بين مكان تواجد الأفران والمعامل، مما يؤدي إلى توقف الأفران عن العمل. آخر هذه الأحداث كانت المعارك بين قسد ومقاتلي العشائر، التي أدت إلى توقف الأفران لأكثر من شهر.
يتهم الأهالي غياب الرقابة بشكل كامل من المجالس المحلية التابعة لقسد، حيث وجه الأهالي نداء للجهات المعنية بتفعيل دور الرقابة على الأفران العاملة في المنطقة.
الوضع الأمني
تعتبر مناطق سيطرة قسد سيئة من الناحية الأمنية، حيث يعاني الأهالي من الفلتان الأمني وعدم الشعور بالأمان وذلك لعدة أسباب:
- هجمات خلايا تنظيم الدولة: تستهدف هذه الهجمات العسكريين والمدنيين على حد سواء بتهم عديدة، مما يعرض الأهالي لحالة من الخطر الدائم. تزداد هذه المخاطر مع انتشار مقرات وحواجز قسد قرب منازل الأهالي.
- هجمات مقاتلي العشائر: في الآونة الأخيرة، أصبحت هجمات مقاتلي العشائر تشكل قلقًا كبيرًا للأهالي بسبب الاشتباكات العنيفة التي أدت إلى قصف متبادل بين قسد والمقاتلين، وأوقعت ضحايا في صفوف المدنيين، خاصة مع قيام قسد بالرد على مصادر النيران عشوائيًا باستخدام أسلحة ثقيلة وقذائف هاون.
- عمليات السل و التشليح: ينفذها مجهولون غير معروفين، مما يثير الشكوك حول انتمائهم، سواء كانوا أفرادًا عاديين أو من قسد أو من خلايا تنظيم الدولة.
- الاشتباكات العشائرية: زادت خلال الفترة الأخيرة، ويتم استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة فيها، مما يساهم في زعزعة الأمن.
- خلايا مخابرات النظام والميليشيات الإيرانية: تعمل هذه الخلايا على زعزعة الأمن من خلال عمليات اغتيال وإرسال تهديدات للأهالي والدعوة إلى مصالحة النظام، بالإضافة إلى إرسال تقارير كيدية لنظام الأسد عن المدنيين في مناطق قسد.
- عمليات قسد والتحالف الأمنية: تشمل هذه العمليات مداهمات تقوم بها قسد تؤدي إلى اعتقالات تعسفية بتهم كيدية، وترافقها تكسير للممتلكات والاعتداء على الأهالي وسرقة محتويات المنازل. كما تشمل عمليات الإنزال التي ينفذها التحالف الدولي، والتي أدت إلى وقوع ضحايا أبرياء بسبب إجرائها في أحياء ضيقة ومنازل مكتظة بالأهالي.
- حواجز قسد: تنتشر على الطرقات بين القرى، وتقوم باعتقال شبان قصر والأطفال بداعي التجنيد الإجباري، وفرض رسوم على الآليات والبضائع، بالإضافة إلى سوء معاملة الأهالي وابتزازهم.
في ظل هذه الظروف، يستمر الأهالي في مناشدة الجهات المعنية لتوفير الأمان والخدمات الأساسية التي يحتاجونها، وسط غياب الحلول الفعّالة من الجهات المسؤولة.