الضفة الأولى
*أحمد بغدادي
لم يُغرّد هذه المرّة “رياض درار” القيادي ضمن ما يسمى “مجلس قوات سوريا الديمقراطية” على “تويتر”، كباقي دهاقنة السياسة في العالم العربي والغربي؛ ولم يفرد جناحيه المبلّلين وذيله (المزركش بالولاءات المؤقتة) على “أغصان الديمقراطية”، ليطلق تغريدة “شاقولية” تصل إلى كوكب زحل، على غرار “تغريدات ترامب”، التي تُحدّد أسعار النفط في منظمة “أوبك OPECالعالمية”، أو أعداد القتلى في دول العالم الثالث، وأعداد بائعات الهوى الروسيات في دول مجلس التعاون الخليجي؛ أو كتغريدة “محمد بن سلمان” التاريخية التي سمحت للمرأة السعودية بقيادة ( الجمل الحديدي في شوارع المملكة)، ولربما تدخل هذه التغريدة مخاتلةً أبواب الفقه ضمن كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” لابن رشد. إنما، لن نقول قد تورّط الرجل (الدرار)، بل إنه قد فعل ذلك متعمّداً، ونشر “بوستاً فيسبوكياً” البارحة على صفحته الشخصية في “الفيس بوك”، أسماه بالبيان!
وأي بيانٍ وتبيين هذا، وما هو القصد، أو المخفي وراء هذه الأكمة: “المطالبات الخطيرة” ؟!
فللترفيه عن قارئ بيان “الدرار” نضع في سياق هذه الضفة ما يلي، ولا نطلق عليه اقتباساً كما يتقيّأ دائماً “بشار الجعفري” شاعر المروحة:
إذا عمدَ أبو عثمان (الجاحظ) إلى تصنيف هذا (البيان) في معرض كتابه “البيان والتبيين”، نعتقد نحن السوريين قاطبةً _ مع الشعب الكردي _ الذين عهدنا وشهدنا “الخوازيق الشاهقة” التي تلقاها “مجلس قوات سوريا الديمقراطية وجناحه العسكري قسد” من قبل الأمريكان والروس والنظام السوري، أنّ (الجاحظ) سوف يتخلّى عن ذلك بعد قراءته، ليمنحه مجّاناً لــ ابن الجوزي، كي يضعه في كتابه الشهير” أخبار الحمقى والمغفلين”، بعد أن يُهدي الأخير _ ابن الجوزي _ قِدْراً فخّارية مليئة بالــ “فالوذج” كي يعزّي نفسه حينما يقرأ هذا البيان الدرّار، والذي يدرُّ درراً و إبداعاً، وحليباً كاملَ الدسم على أشداق النظام السوري!
***
لقد أرادَ الــ”درّار” أن يرسل رسالة بشقين، يظنّها مُبطّنة، للأتراك وللأمريكان، التي نشرها باسم “بيان للرأي العام”؛ مفادها: سوف نتفرّغ لحرب تنظيم “داعش” والمجموعات الإرهابية، وعليه ندعو (الدولة السورية) التي ننتمي إليها أرضاً وشعباً وحدوداً، لاستلام النقاط التي كنا نسيطر عليها.
نعم، نعم يا “درار”؛ البارحة، كنتم تطالبون بـإقليم منعزل، ومن باب الخجل المفرط، لن نقول “منفصلْ” عن “الدولة السورية” في الشمال الشرقي السوري؛ مع أقاويل بعض من المتفقهين بالديمغرافيا “الكردية” الذين أخرجوا مُسميات “كردية” لقرى ومدن عربية منذ آلاف السنين!
البارحة يا “درار” .. وكما يغنّي سعدون جابر كلمات الشاعر زهير الدجيلي: البارحة /غنيّت الك كل الأغاني الليّ تحبها البارحة/ وردتك تجي/ وكنت أحسب العشاق يلتمّون عندي البارحة.
فلماذا حينما بدأ التنصل من ” القوى الكردية” كالعادة، ذهب اليوم المجلس “مسد” بأمنياته إلى القاتل بشار، وأخذ يصرّح ويلمّح على أنه جزءٌ من (الدولة) ومن (الحدود) ومن (الانتماء) ؟!
كنّا يداً واحدة… فمنذ البداية كان الشعب الكردي مع الثورة السورية، وقد خرج ضد النظام القاتل مع كافة المكونات؛ وله انتفاضة صارخة عام 2004 شهد عليها كل السوريين بالجرأة، والقوة الشعبية التي هزّت أعمدة “آل الأسد” وأسياده في “تل أبيب”.
نحن لا ننكر أن هنالك الآلاف من القتلة، ممن يطلقون على أنفسهم “الجيش الحر”، هم: لا يمثلون الشعب السوري والثورة السورية، بل هم لصوص، ومرتزقة منتفعون، يقاتلون تحت مصالح البلاد التي تدفع لهم أكثر، وتحميهم مؤقتاً، كحال أغلب القوى العسكرية في سورية الآن!
الشعب السوري الحرّ لا يتشفّى، ولا يحمل أية ضغينة تجاه أي سوري لم يشارك بقتل السوريين الأبرياء، أو كان مناصراً للطاغية بشار وأزلامه وحلفائه، بل هو يريد خطاباً واضحاً، وموقفاً أكثر وضوحاً من هذه (التقيّة) التي يمارسها كل السياسيين، من المعارضة الكردية أو العربية، أو حتى معارضي الخنادق الوهمية؛ (الإسلاميون).
غداً سوف يحتوي النظام السوري القاتل قوى (مسد وقسد)، طبعاً بعد أن قبل شركاء “الدرار” بالمفاوضات منذ شهور، ضمن اجتماع الذل مع مدير مكتب رئيس الأمن الوطني المجرم “علي مملوك” في أغسطس/ آب الماضي 2018، وبعد هذا الاحتواء، لن يصل المعنيون باستجداء “الأسد” لدخول منبج إلى نهاية جليّة تنقذهم، غير أن الذي يريد البقاء تحت “سقف الوطن” من (القادة) فله ذلك، مع أوسمة ونياشين فخرية، وعلبة “متة” أو “ماعز حلوب”؛ ومن يريد الفرار من “إسطبل الأسد”، قادة أو عناصر، سوف يُصنّف إرهابياً، مثل أي إرهابي يدّعي “مجلس قوات سوريا الديمقراطية” محاربته الآن!
ومن فروض القول وليس من نوافله في الثورة السورية، دائماً نصرخ:
عاش الشعب الكردي، كباقي مكونات الشعب السوري الحر.
وإليكم أيها السادة “البوست” السايكولوجي لــ رياض درار: