دير الزور .. بنك النفط والدماء

by admindiaa


خاص/ فرات بوست

***

لعنة النفط والسلاح، طاردت السوريين طلية أربعين عاماً من حكم “الأسدين”، ابتداءً من نهب مقدراتهم وتفقيرهم بذريعة _ المقاومة _ وصولاً إلى استخدام هذه المقدرات _ النفط والسلاح _ ضدّهم بالقتل والتهجير، بدل أن تستخدمَ لتحسين ظروفهم المعيشيّة، والدفاع عن سورية في حال تعرّضت لخطرٍ من قبل العدو _ المزعوم _ “إسرائيل”، التي تحاول تعويم النظام السوري، وتثبيت أركانهِ من جديد في سورية، بسبب (حسن الجوار) الذي يتمتّع به النظام خلال عقود مضت.

قبل الثورة السورية بعقود، في عهد نظام الأسد الأب، تم اكتشاف حقول نفطية كبيرة في محافظة دير الزور، تدرُّ _ ملايين الدولارات_ على النظام السوري، رغم ذهاب حصّص من وارد هذا النفط لشركات أجنبية تعاقدت مع ” آل الأسد وأزلامه “؛ إذ يقدر إجمالي الإنتاج حينها بــ 450 ألف برميل يوميّاً، لم يدخل الموازنة العامة للدولة ثمن برميل واحد منذ مرحلة بدء الإنتاج.

اللعنة استمرت على السوريين عامةً، وعلى أهالي دير الزور بشكل خاص. فالبنية التحتيّة بقيت في المحافظة شبه معدومة، بل وزاد إصرار النظام السوري على تهميش المحافظة، وجعلها من المدن المنسيّة التي يظنّها بعضُ   من أبناء المحافظات الأخرى بفعل مخططات النظام الخبيثة، مدينة تزخر بالجهل وذات طابع اجتماعي متخلّف.

تعتبر هذه الحقول والمحطات من أهمّ موارد الطاقة في سورية، ولكل حقل نفطي تجمّع آبار تتفاوت نسبة إنتاجها حسب الآلية المستخدمة؛ فبعد اندلاع الثورة السورية، وسيطرة تنظيم “داعش” على أغلب الحقول، أصبح استخراج النفط وتكريره بشكل يدوي “محارق” بدائية، من قبل الأهالي والجهات المسلّحة هناك.    أما  بالنسبة  لأسعار  النفط والغاز من  هذه الحقول   تحت ظل “داعش” ، تقدّر  بــ 2.031  مليون  دولار أمريكي في اليوم، إضافةً إلى 10 آلاف دولار يومياً  من وارد الغاز حسب دراسة أعدّها فريق بحث نشرت في مجلة عين المدنية عام 2015 .

تعرّضت محافظة دير الزور لدمار شبه كامل، من خلال حملة عسكرية  قادها النظام  بعد الشهور الأولى من انطلاق الثورة السورية،  مستخدماً  كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، والطيران الحربي، إضافةً إلى حملات حصار وتجويع ممنهجة. من بعد ذلك، سيطرت  القوى الراديكالية على أغلب المدينة  وريفها، وقد تمّ طرد الجيش الحرّ النواة الحقيقية للمعارضة العسكرية، التي انشقت عن جيش النظام، لحماية المدنيين والمظاهرات السلمية. وحتى هذا التاريخ، تتعرّض المدينة لأقسى المعارك والمواجهات التي يذهب خلالها مئات المدنيين الأبرياء.

فيما يلي إحصائية عن عدد شهداء المحافظة منذ عام 2011  خاصة بـ” مركز توثيق الانتهاكات في ديرالزور:

2011: 184 شهيداً منهم 27 طفلاً و3 سيدات و11 تحت التعذيب

2012: 2888 شهيداً بينهم 366 طفلاً و240 سيدة و48 تحت التعذيب

2013: 1807 شهداء بينهم 145 طفلاً و102 سيدة و99 تحت التعذيب

2014: 1631 شهيداً بينهم 90 طفلا و58 سيدة و313 تحت التعذيب

2015: 1093 شهيداً بينهم 140 طفلاً و111 سيدة و82 تحت التعذيب

2016: 1535 شهيداً بينهم 176 طفلاً و136 سيدة و157 معتقلاً /داعش_نظام/35 تحت التعذيب

2017: 2822 شهيداً بينهم 254 طفلاً و262 سيدة و28 معتقلاً ومختطفاً /   15 تحت التعذيب

الحصيلة النهائية 11.945 شهيد منهم: 1589 طفلاً و1278 سيدة، و820 تحت التعذيب.

ليس بعيداً عن “نظام مافيوي” سلب الشعب السوري حريّته وأنفاسه حتى، أن يضعَ يده على محافظة غنيّة بالثروات الهائلة كالنفط والغاز، عدا عن الثروات الزراعية _ القمح والقطن _ اللذان يُعدّان مصدراً آخر تتميّز به محافظة دير الزور.

 

*أشهر شركات النفط المتعاقدة مع النظام السوري

 

دبلن للنفط:  تعمل على تطوير حقول الشركة السورية للنفط وزيادة مردود النفط لنحو 30-35 %  كما تسعى لحفر آبار منذ عام 2006 . توقف عملها بعد 2011

المجموعة النفطية الكرواتية أينا : باشرت عملها في الشهر العاشر 2005 و مهمتها تطوير حقول غازية وإنشاء معمل لمعالجة الغاز . بلغ إنتاجها في العام 2005 نحو 1500 برميل في اليوم. أوقفت عملها داخل سورية في شباط /  2012 .

شركة بتروكندا:  في بداية 2004  وقعت عقداً  مع الحكومة السورية لإنشاء أكبر مشروع غاز في تاريخ سورية، تبلغ قيمته حوالي 700 مليون دولار لإنتاج 9 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي.

شركة شل : أوقفت نشاطها ضمن سورية في نهاية عام 2011 بعد العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على صناعة النفط. وقد بدأت الشركة عملها في الداخل السوري عام 1949 . أخذت فيما بعد تنفذ عملها عبر شركة الفرات للنفط.

شركة تات نفت الروسية : بدأت الإنتاج الصناعي في عام 2010  مع الهيئة السورية العامة للبترول  في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق ؛ قدرت الاحتياطات النفطية القابلة للاستخراج فيها بـ4.9 مليون طن. ولم تلغ ِ الشركة إلى الآن نشاطها بشكل رسمي.

شركة ستراتيك انرجي الكندية :  في 2005 وقعت الشركة عقدها مع حكومة النظام السوري و الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية للتنقيب عن النفط والغاز، وإنتاجهما في القطاع 17 / حمص وريف دمشق جنوب غرب تدمر، ولاحقاً في دير الزور. توقف عملها بعد 2011

شركة كولف ساندز البريطانية :  تستمر الشركة حتى الآن في التنقيب عن النفط بعد العقوبات الأمريكية والاتحاد الأوروبي على سورية. حققت الشركة أرباحاً قبل الضرائب بلغت 31.2 مليون دولار  في الأشهر الستة المنتهية 30 يونيو / حزيران وذلك بزيادة 87 بالمائة عن أرباح الفترة ذاتها في 2010

شركة IPR الأمريكية : تعمل شمال مدينة دير الزور منذ 1995 وعملها يتضمن حفر آبار واكتشاف مناطق صالحة للتنقيب وإجراء المسح السايزمي ثنائي الأبعاد أو ثلاثي الأبعاد ومعالجة البيانات الزلزالية.

شركة H.B.S التونسية وقعت عقدها مع السورية للنفط عام 2005  ضمن البلوك 22 ــ محافظة الرقة ــ وبعدها البلوك 7 للتنقيب عن النفط والغاز في محافظة دير الزور عام 2011.

طبعاً، أغلب هذه الشركات بدأت عملها ما بعد عام 2000م ، أما عن واردات النفط والشركات الأجنبية قبل توريث الحكم للطاغية الصغير، فحدّث ولا حرج؛ إذ من الممكن أن  يتعرّض أي مواطن للخطر، إن حاول الاستفسار عن واردات النفط، وكل ما يخصّ الثروات في سورية.

* حقول النفط والغاز في دير الزور

1- حقل العمر النفطي: 15-كم شرقي بلدة البصيرة.

2- حقل التنك: بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي.

3- حقل الورد: بالقرب من قرية الدوير بريف دير الزور الشرقي.

4- حقل التيم: 10-كم بالقرب من مدينة موحسن جنوب مدينة دير الزور.

5- حقل الجفرة: 25-كم شرق مدينة دير الزور.

6- حقل غاز كونيكو: 20-كم شرق مدينة دير الزور.

7- محطة نفط الخراطة: 20 كم جنوب غرب مدينة دير الزور.

8- محطة التي توT2: تقع على خط النفط مع الحدود العراقية السورية.

 

 *قواعد وقوات عسكرية للاستئثار بالثروات  

 

تحوّلت الصراعات الدولية في سورية من سباق فرض الهيمنة والنفوذ وتمرير الأجندات السياسية وابتزاز الأطراف الفاعلة على الأرض، إلى سباق مصالح اقتصادية بحتة، تجلّت بين” روسيا وأمريكا ” في الوقت الراهن، بعد أن كشف الطرفان أغلب الأوراق التي تخصّ تواجدهما المستقبلي في سورية. فالأمريكان، تارةً يصرّحون بالانسحاب من المدن والقرى التي أسّسوا فيها قواعدَ عسكرية تابعة لهم، وأخرى تراهم يسعون للتمدّد أكثر وفرض السيطرة على مناطق غنيّة بالثروات النفطية، وغيرها، من مدن تمتاز بطابع  استراتيجي يمنحهم التفاوض مع دول حدودية  وابتزازها، كما يفعلون مع الأتراك. أما الروس، الذين دخلوا  الحرب في سورية باقتصادٍ ضعيف وسمعة دولية تكاد شبه معدومة، استطاعوا بعد تدخّلهم بالملف السوري عسكرياً أن يخرجوا  إلى الواجهة العالمية من جديد، بهيبة ( الاتحاد السوفيتي) كما يظنون، ليفرضوا شروطهم، ويتفاوضوا مع أعدائهم التاريخيين _ أمريكا _ حتى على ثمن وقود الحافلات التي تجلي عناصر تنظيم “داعش” من مدينة لأخرى.

وها هو النظام السوري يمنح الروس عقود استثمار لشركات بناء، وشركات نفط روسية، وعقوداً دائمة لاستخراج الفوسفات، وإعادة تأهيل محطات الطاقة الكهربائية، كتعويض عن مساندهم له، ومكافأة استثنائية _مرغوماً _ بسبب الهيمنة الروسية على القرار السيادي للنظام السوري المتهالك.

 كما أنّ نهب الثروات من محافظة دير الزور، لم يقتصر على النظام والميليشيات المسلحة هناك، فالروس عمدوا إلى نهب ممنهج لآثار المدينة عبر وسطاء أغلبهم يتعاملون مع تنظيم “داعش” الإرهابي، المخترق أصلاً من قبل الــ” كي جي بي _  KGB” المخابرات الروسية، بعناصر شيشانيّة،  كما صرّح  “رمضان قديروف” رئيس جمهورية الشيشان خلال لقاء على التلفزيون الروسي الرسمي بــ 2016 قوله (إن جواسيس من مواطنيه موالين للكرملين قد اخترقوا صفوف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وهم يجمعون معلومات تستخدمها القوات الجوية الروسية). المعلومات كما يدّعي قديروف، ليست صحيحة، فأغلبها عبارة عن تنسيقٍ لصفقات تجارية _ أسلحة، آثار، نفط _ بين التنظيم والقوات الروسية والإيرانيين  والنظام السوري، بحسب نشطاء من أبناء المحافظة.

الأمريكان  لن يخرجوا من سورية ضمن المدى المنظور، رغم تغريدات ترامب المفاجئة بالانسحاب، فعلى أقل تقدير هم سيبقون على نقاط مراقبة، (للثروات) بذريعة ضبط التوازن الجيوسياسي بين القوى الدولية الفاعلة على الأرض؛ ما يجعل الأمور أصعب على روسيا وتركيا، وأسهل على الاحتلال الإيراني في التغول أكثر، والتوسّع مع الميليشيات الأخرى التابعة لطهران، علاوة على منح “تنظيم داعش” فرصة ذهبية لإعادة بناء هيكليته في جيوب أخرى، ينطلق منها بزخم أقوى، فاتحاً جبهات جديدة في وجه خصومه، من بينهم، قوات سوريا الديمقراطية، التي بقيت  وحيدةً في الساحة بمواجهة الأتراك، بُعيد إعلان ترامب “المشكك فيه” حول انسحاب القوات الأمريكية من سورية.

 وبحسب تصريح “بوتين” منذ فترة، إن موسكو ترى في وجودها داخل سورية مصلحة لها، درأً لمخاطرَ إرهابية قد تنتقل إلى روسيا بسبب الإسلاميين المتشددين.

إذن، سيبقى استنزاف الأطراف اللاعبة يعمل على قدم وساق داخل سورية، إن لم يتوصّل الأمريكان والروس إلى صفقة تاريخيّة،تخصّ سورية قاطبةً، على غرار التفاهم الأخير بينهما بشأن الجنوب السوري، وطرد إيران وميليشياتها خارج سورية. وما نستبعده  في المستقبل القريب،  تفاهماً شاملاً على كل الأراضي السورية، ( أي التقسيم )، بسبب الغطرسة الأمريكية والعناد الروسي، إضافةً إلى ذلك، أهميّة الوجود الإيراني في الملف السوري، ودور تركيا في الحلف الإيراني الروسي، علاوةً على تفاهمها مع الولايات المتحدة  الأمريكية فيما يخصّ مطالبها بحماية أمنها القومي من التهديد الكردي على حدودها.

وهكذا.. صار الجسم السوري أشلاءً مبعثرة، مدناً وقرى تحت وصاية قوات من هنا وهناك؛ ونرى، أن الكيان الصهيوني بعد حصوله على اعتراف صريح ومتداول بين واشنطن ودول أوروبية وخليجية عديدة بأن القدس عاصمة إسرائيلية، وهو في انتظار تتويج ذلك، على الأرض بشكل رسمي من قبل إدارة ترامب، يخطو  بوتيرة سريعة نحو اعتراف آخر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بملكية هضبة الجولان السوري؛ وكما هو واضح في سياسة أمريكا الجديدة، تجاه إيران وروسيا، وقفزاتها النوعية مع تركيا، لربما سيؤول الوضع في سورية إلى خارطة جغرافية معقّدة، كما يراه محلّلون سياسيون كبار، تتكوّن من سورية شرقية وسورية غربية، على غرار انفصال الألمانيتين جرّاء الحرب العالمية الثانية ؛ مناطق الشمال الشرقي في سورية، الغنيّة بالثروات، تكون تحت الوصاية الأمريكية البريطانية مع _صلاحيات تركية  محدودة_ تشهد  استقراراً اقتصادياً ؛ ومناطق الجنوب والغرب تكون من حصّة الروس والإيرانيين وما تبقّى من نظام الأسد،  “مفقّرة”، وقابعة على نار النزاعات، باستثناء المناطق الحدوديّة مع إسرائيل، وهذا ما سوف تضمنه أمريكا من جهتها، وأيضاً الروس، الذين يلتقون مع الأمريكان ضمن مخطط طرد الإيرانيين بعيداً عن حدود الكيان الصهيوني، وإرضاء “تل أبيب” على حساب النزيف السوري.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy