فرات بوست: تحقيقات – تقارير
لا يزال المئات من أبناء مدينة البوكمال وريفها في عداد المفقودين منذ بدء نظام الأسد حملة عسكرية واسعة على مدينة البوكمال في نوفمبر من عام 2017، بمشاركة المليشيات الإيرانية والعراقية والروسية لاستعادة المدينة وريفها والشريط الحدودي مع العراق، أو ما كان يسمى آنذاك “ولاية الفرات”، من قبضة “تنظيم الدولة”. الذي لم يصمد طويلاً، وبدأ بالانسحاب إلى ضفة الفرات الشرقية ( جزيرة ) ليتحصن في مناطق الباغوز – الشعفة – هجين ، تاركًا مدينة البوكمال والتي لطالما تغنى بأنها معقله الحصين.
في حديث أجرته شبكة فرات بوست مع ذوي المفقودين يقول أبو أحمد الجغيفي، من قرية الهري، والذي فقد أحد أشقائه : “للمرة الألف نقدم طلبات إلى قادة الأفرع الأمنية وقيادة الميليشيات الإيرانية والعراقية للبحث عن مصير أبنائنا الذين خطفتهم المليشيات العراقية”، دون أن نحصل على أي معلومة عنهم.
المليشيات العراقية والحشد الشعبي هي من كانت مسؤولة عن الهجوم على البوكمال من جهة البادية والشريط الحدودي مع العراق بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله. شاركت جميع فصائل الحشد والمليشيات العراقية في المعركة، بما في ذلك حيدريون، حزب الله العراقي، كتائب سيد الشهداء، حركة أنصار الله الأوفياء، الإمام علي، النجباء، عصائب أهل الحق، حركة الأبدال، وغيرها من الفصائل التي تعمل تحت راية ميليشيا الحرس الثوري أو ما يسمى بـ”المقاومة الإسلامية”.
خلال هذه العملية العسكرية، اعتُقلت تلك الميليشيات المئات من أبناء بلدتي الهري والسويعية المدنيين الذين لم يكن لهم فرصة لمغادرة المنطقة بسبب الحصار والمعارك والغارات الجوية التي استهدفت أي آلية تتحرك أو أي زورق أو عبارة على نهر الفرات. أقام هؤلاء مخيمًا صغيرًا قرب نهر الفرات للابتعاد عن العمليات العسكرية ولحماية أبنائهم ونسائهم وأطفالهم. لم يكن لهؤلاء في المخيم أي مشاكل أمنية مع أي جهة عسكرية، لكونهم لا ينتمون لأي جهة.
لكن المليشيات العراقية داهمت هذا المخيم الذي كان أغلبه من الأطفال والنساء، واعتقلت الرجال والشباب ونقلتهم إلى منطقة حميضة في قرية الهري الحدودية. قتلت المليشيات حينها الشاب علي فياض الجغيفي بوساطة أداة حادة بسبب دخوله في نقاش معهم ومحالة إثبات براءته هو ومن معه، وعدم انتساب أي شخص منهم لتنظيم الدولة. اقتادت المليشيات بقية المعتقلين، وعددهم قرابة 200 شخص بينهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عامًا ورجال كبار في السن حتى 70 عامًا، إلى جهة مجهولة حتى اللحظة.
– حصلت شبكة فرات بوست على شريط مصور يظهر بعض المعتقلين وتعذيبهم من قبل الميليشيات لحظة اختطافهم.
من بين المفقودين:
- أحمد فيصل المرضوخ
- جاسم مطر المرضوخ
- عاكف محمد المرضوخ
- محمد خميس الحوران
- أحمد خميس الحوران
- أيمن خميس الحوران
- فاضل محسن لعواد
- عبد جابر لحسين الحسون
- عمر حاتم سطم
- ماجد العمر سطم
- عبيد أنور سطم
- واصل فارس الحسوني
- داهش عبود لهوام
- ركان عباس الهرش
- 7 أشخاص من عائلة عران
- 3 من عائلة راوي
على الرغم من المحاولات الحثيثة من أهالي المنطقة، سواء المدنيين أو الوجهاء أو العسكريين ذوي النفوذ لدى الميليشيات الإيرانية والعراقية، إلا أن مصيرهم لم يعرف حتى الآن. وما يزيد من مخاوف الأهالي هو احتمالية أن تكون الميليشيات العراقية (المتهم الأول هو ميليشيا أنصار الله الأوفياء) قد قامت بإعدامهم ميدانيًا في منطقة الحزام الأخضر، حيث تم العثور على أكثر من مقبرة جماعية. فيما تشير بعض المصادر بأن قسمًا منهم تم تسليمه إلى مخابرات نظام الأسد، وقسم آخر تم تحويله إلى سجون الميليشيات في مدينة القائم العراقية. ويرجح نسبة كبيرة من الأهالي أن يكون تم إعدامهم في نفس الوقت بتهمة انتمائهم لتنظيم الدولة حسب تهمة الميليشيات.
آخر المحاولات في العام الماضي كانت عبر قيام وفد من وجهاء المنطقة ووجهاء من عشيرة الجغايفة في العراق بالاجتماع مع قادة من ميليشيا حزب الله العراقي في مدينة القائم العراقية للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم ومن ثم اجتمعوا مع “الحاج عسكر الإيراني” في المربع الأمني بشارع المعري في مدينة البوكمال ، لكن لم يتم الوصول إلى نتيجة. حيث تتحجج قادة الميليشيات بأن المجموعات المسؤولة عن عملية الاقتحام آنذاك والتي قامت بالاعتقال تتبع لحركة أنصار الله الأوفياء، وأن قيادة الحركة لم تصلها معلومات بهذا الخصوص، وأن المجموعة المتهمة بين قتيل ومن ترك عمله.