الفساد الأكاديمي والإداري في سوريا: إرث النظام البائد يتجدد في الحاضر

by Anas abdullah

 

فرات بوست | تحقيق : خاص

رغم مرور سنوات على تغيّر المشهد السياسي في سوريا، إلا أن ممارسات الفساد العميقة التي كرّسها النظام السوري السابق لا تزال حاضرة، لا سيما في المؤسسات التعليمية والإدارية. في قلب هذه الصورة القاتمة، تبرز فضيحة أكاديمية جديدة في جامعة الفرات، تعيد إلى الأذهان الممارسات التي سادت في عهد المحسوبيات والولاءات، لا الكفاءات والمؤهلات.

نجاح بلا استحقاق: التلاعب بنتائج طلاب كلية العلوم

كشفت مصادر موثوقة عن قيام علي علوش، المصحّح غير المختص والمدير المعين مؤخرًا لمديرية الزراعة في دير الزور، بتصحيح أوراق مادة “الاستشعار عن بعد” لطلاب كلية العلوم، رغم أن المادة تتطلب إشرافاً أكاديمياً متخصصاً. المفارقة أن بعض الطلاب لم يكتبوا في أوراقهم سوى أسئلة الامتحان، ومع ذلك حصلوا على درجة النجاح!

صور مسرّبة من دفاتر الامتحانات وثّقت هذا التلاعب الفاضح، مؤكدة أن العملية لم تكن مجرد خطأ فردي، بل تمت بتنسيق بين مجلس الجامعة واتحاد الطلبة، الذين اعتمدوا تصحيح علوش رغم اعتراض الدكتور المختص الذي كان في مهمة رسمية بجامعة دمشق.

تزوير منظم ومكافأة غير مستحقة

ما يزيد من خطورة هذه الواقعة أن علي علوش، وبدلاً من محاسبته، تمت مكافأته لاحقاً بمنحه شهادة دكتوراه مثيرة للجدل، يُعتقد أنها صادرة بتوصية من العميد دعاس دعاس رئيس فرع أمن الدولة سابقاً ودعم من د.طليعة الصياح زوجة رئيس الجامعة حينها وقريبة العلوش وبتواطؤ من الدكتور أحمد البنكي، وبتغطية مباشرة من رئيس الجامعة حينها.

شهادة وُصفت بأنها “مسلوقة” وعارية من أي مصداقية علمية ! حتى تجارب ميزانية وعلمية لم يقم بها علوش بل وادعى هو والبنكي أنهم نفذوها بمناطق كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة- بقرية(الهرموشية) شمالي- غربي مدينة دير الزور بحوالي ٢٥ كم ، بحسب ما ورد من مصادر مطلعة.

ويُذكر أن عميدين من عمداء الكليات قد سجّلوا اعتراضهم على هذا القرار، إلا أن الضغوط السياسية والإدارية كانت كفيلة بتمريره، وفقاً للمصادر ذاتها.

من التزوير إلى المناصب

لم يتوقف الأمر عند حدود الجامعة، بل امتد إلى التعيينات الإدارية، حيث تم تكليف علي علوش بمنصب مدير الزراعة في دير الزور، رغم الشبهات التي تحيط بشهادته وسجله الأكاديمي. تعيينٌ أعاد للأذهان سياسة النظام البائد في ترقية غير المؤهلين إلى مواقع المسؤولية، ضاربًا عرض الحائط بمبادئ الكفاءة والنزاهة.

مصادر داخل الإدارة المحلية أكدت أن التعيين تم دون معرفة مسبقة بتفاصيل شهادة الدكتوراه، وأن القضية باتت حالياً قيد التدقيق.

بين تحديات الإصلاح واستمرار الممارسات القديمة
رغم الجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة لإصلاح المؤسسات ومكافحة الفساد، إلا أن الواقع يُظهر أن العديد من الممارسات القديمة لا تزال تتكرر بأشكال مختلفة. فما زالت الشهادات تُمنح دون استحقاق، والمناصب تُسند لغير المؤهلين، مما يضع علامات استفهام حول جدية وفعالية برامج الإصلاح.
مواد ذات صلة:

دكتوراه على الساكت .. من قصص الفساد بجامعة الفرات

أحد أبرز التحديات التي تواجه الإدارة الحالية هو إيجاد التوازن بين الثقة والكفاءة، خصوصاً في ظل استمرار عقلية “الزكيات” و”التوصيات” في عملية التعيين.

تساؤلات مشروعة

تفتح هذه القضية الباب أمام أسئلة جوهرية حول مستقبل التعليم والإدارة في سوريا:
•كيف يمكن الوثوق بمخرجات تعليمية قائمة على الغش والتزوير؟
•إلى متى ستُمنح المناصب لمن لا يستحقونها؟
•أين هي معايير المحاسبة والرقابة في مؤسسات يُفترض أنها تعمل لخدمة المجتمع؟

تبقى الحاجة ماسّة إلى مراجعة شاملة للسياسات التعليمية والإدارية، بعيداً عن المجاملات، لضمان بناء مؤسسات حقيقية قادرة على النهوض بسوريا، لا إعادة إنتاج أخطاء الماضي.

قد يعحبك أيضاً

دع تعليقاً

ياستخدامك لهذا النموذج أنت توافق على حفظ بيناتك في هذا الموقع

هذا الموقع يستخدم ما يسمى الكوكيز لتأمين أفضل خدمة لكم في زيارتكم لموقعنا، معظم المواقع الكبرى تستخدخ هذه التقنية موافق قراءة المزيد

Privacy & Cookies Policy