*فرات بوست | ترجمات: أحمد بغدادي
المصدر: Middle East Monitor
منذ أن طعن لاجئان سوريان مواطناً تركياً في حي “ألتنداغ” في أنقرة ببداية شهر آب الماضي، تغيرت العلاقات بين المجتمعين. ما يقرب من عقد من الهجرة شبه المستمرة إلى تركيا، والبطالة المتزايدة والاقتصاد المتدهور، زادت من عوامل الاحتقان بعد الجريمة الشنيعة التي ارتكبت بحق شاب تركي، مما أدى إلى خروج بعض الأتراك إلى الشوارع لأعمال الشغب وتدمير ممتلكات السوريين والاعتداء عليهم.
على أحد المستويات، فإن مخاوف شريحة من الأتراك مفهومة إلى حد ما، مع انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، وهو مستقبل غامض ومع عدم وجود نهاية للصراع السوري في الأفق. لن تكون هناك عودة سلمية للاجئين إلى سوريا في أي وقت قريب.
ويضاف إلى كل ذلك حقيقة أن السوريين وغيرهم من اللاجئين قادرون على تأمين وظائف بسبب تفاهمهم مع أصحاب العمل واستعدادهم للعمل بنصف الأجور التي سيطلبها التركي. وهكذا كان هناك قلق كبير ومتزايد بين بعض الأتراك تجاه جيرانهم السوريين.

ويؤثر هذا الانقسام على السياسة التركية، مع قوة الخلافات بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية المعارض. وعلى الرغم من الحكومة الائتلافية وعلاقة الرئيس رجب طيب أردوغان الودية مع زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي، إلا أن اللاجئين قضية مثيرة للجدل.
وفي حين حافظ الرئيس التركي أردوغان على سياسة الباب المفتوح للاجئين، إلا أنه حاول أيضاً درء الهجمات السياسية ضد سياسة بهجلي وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو. ويهدد الأخير بإعادة اللاجئين بقوة، ويثابر على ذلك في تصريحاته حول السوريين، علاوة على استعداده بحسب قوله لاستعادة العلاقات مع الطاغية بشار الأسد.
“الشرطة التركية تحمي السوريين وأملاكهم في أنقرة وتحاول تفريق المتظاهرين الأتراك”. إنترنت.
يعرف الرئيس التركي أيضاً أنه يتعين عليه إحكام السيطرة على حدود تركيا، حيث دخل آلاف اللاجئين الأفغان إلى البلاد من إيران. عزز أردوغان الحدود بنظام من الخنادق وأبراج المراقبة. كما أخبر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن بلاده لم تعد قادرة على تحمل عبء أكثر من 4-5 ملايين لاجئ. وهكذا، فقد رسم أخيراً خطاً حول قضية اللاجئين، وهذا أمر مفهوم، ويبدو أنه انجرف أكثر نحو اليمين، نتيجة لتحالفه مع بهجلي الذي تنبأ به الكثيرون.



صور أرشيفة تظهر تعاون الجنود الأتراك مع السوريين عند الحدود بين عامي 2014 – 2016 | المصدر إنترنت.
وعلى الرغم من هذه المصاعب والتغيرات التي تطرأ على اللاجئين، إلا أن العنف تجاههم – وخاصة أولئك الذين فروا من الحرب والقمع – لا ينبغي أن يكون خياراً أبداً. إنها مسألة منطق وإنسانية؛ أولئك الذين يدمرون الشركات السورية ويهاجمون السوريين أو يميزون ضدهم، يستهدفون الأشخاص الخطأ. وفي حين يهاجمون ضحايا الحرب، فإنهم يتعاملون بشرف وإنسانية مع “السوريين” الذين يدعمون الأسد أو مسؤولون عن الظروف الرهيبة التي دفعت اللاجئين إلى الفرار نحو تركيا.
على سبيل المثال، تمكنت عائلة الدكتاتور بشار الأسد من قضاء عطلة في “بودروم” التركية العام الماضي. وقد شوهدت ابنته “زين” أو ابنة أخته أو أخيه- التي كان هناك خلاف حولها – على متن يخت سياحي، و قيل إنها استأجرت ست سيارات فاخرة خلال رحلتها إلى تركيا.
Suriyeli sanatçı Jenny Esber, Esad rejiminin en güçlü destekçilerinden biri.
İstanbul'a geldi ve denizin ortasında parti verdi.
Bu nasıl olabilir? Bizi öldüren, ülkemizden eden zalimin destekçileri Türkiye'ye nasıl giriş yapabilir?Gereğini yapılmasını rica ediyoruz.@EmniyetGM pic.twitter.com/M7bYfyXqGz
— Ahmet Hamou (@AhmetHamou) June 13, 2021
وتساءلوا كيف يمكن للاجئ سوري فقط أن يثير تساؤلات حول من يمكنه زيارة تركيا؟ ورداً على “غطرسة” حمو، سخروا من شكواه بذكر أمثال تركية قديمة مثل :”الضيف لا يحب الضيف، لكن المضيف لا يحب أيا منهما“.
كل هذا التحيز تراكم على مدى عقد من الزمن، مع جذور تعود إلى قرن من الزمان إلى “الثورة العربية” ضد الإمبراطورية العثمانية – بتآمر بريطاني، مع زرع عميل كُلف بخلق الفتن وتأليب القبائل وزعمائها على الأتراك، اسمه: “لورنس العرب–توماس إدوارد لورنس“؛ هذه الفعلة، حتى الآن لا تزال تلقي بظلال قاتمة على العلاقات العربية التركية، وتغضب القوميين الأتراك. قد أطلق العنان لها ضد اللاجئين السوريين وغيرهم من طالبي اللجوء بدلاً من أولئك الذين دفعوا إلى تهجيرهم في المقام الأول.
الملك فيصل ويظهر خلفه الأول من اليمين تحسين قدري وتوماس إدوارد لورانس المعروف بـ”لورانس العرب” ثم نوري السعيد ورستم حيدر (ويكي كومنز)
إن بعض القوميين الأتراك – إلى جانب قادة مثل بهجلي كليجدار أوغلو وجماعات مثل “الذئاب الرمادية” وأيديولوجيات مثل الطورانية– يتجاهلون جميعاً أن قوات نظام الأسد هي التي قتلت ما لا يقل عن 33 جندياً تركياً في سوريا العام الماضي، مما أدى إلى رد أنقرة بهجمات بالطائرات بدون طيار. ويبدو أيضاً أنهم ينسون أن دمشق والميليشيات المتحالفة معها لا تزال مستعدة لمهاجمة القوات التركية.
اللاجئون السوريون ليسوا أعداء الدولة التركية؛ نظام الأسد في دمشق، هو العدو الحقيقي.