أقدمت “قسد” بصفقة مع نظام الأسد، على خطوة خطيرة، تمثلت في اطلاق سراح عمر العموري، أحد أبرز القياديين السابقين في “تنظيم الدولة”، والذي تسلّم لدى التنظيم مناصب قيادية عدة، إحداها عضو شورى مجلس المجاهدين.
العموري الملقب بـ”أبو بكر الحمصي”، و”أبو بكر قريتين”، عُرف عنه بأنه الوسيط النفطي ما بين التنظيم ونظام الأسد، وكان على صلة مباشرة مع حسام قاطرجي، عضو مجلس الشعب التابع لنظام الأسد، وعرّاب صفقات النفط والغاز بين النظام والتنظيم.
ووفق المعلومات المتاحة التي حصلت عليها “فرات بوست” من مصدر خاص، فإن العموري أطلق سراحه منذ نحو أسبوع، ليغادر إلى دمشق لأيام عدة، قبل أن يعود خلال اليومين الماضيين إلى مناطق سيطرة النظام في دير الزور، وتحديداً إلى حي الجورة.
وتضيف المعلومات التي زودنا بها المصدر، بأن العموري بدأ الإشراف والتواصل مع مندوبي النظام المنتشرين داخل مناطق سيطرة “قسد”، والذين كلفوا من قبل أجهز النظام الأمنية والحزبية بالعديد من المهام، من بينها اتباع نهج المصالحات، وإقناع سكان المنطقة بالعودة إلى “حضن الوطن” والتصالح مع نظام الأسد.
وكان “مركز الفرات لمناهضة العنف والإرهاب”، قد نشر في 24 أبريل/ نيسان الماضي، معلومات حول العموري الذي صنفه المركز كمجرم حرب، مؤكداً أنه ينحدر من مدينة القريتين في ريف حمص، وكان مقيماً في العاصمة دمشق ويعمل بمجال نقل الوقود بين حمص ودمشق، عن طريق مكتبه في “مول كفر سوسة”، ويشتري الوقود من أصحاب الرخص من مصفاة حمص ويبيع لأصحاب المعامل في ريف دمشق.
فر العموري هارباً بعد ذلك ليظهر في ريف ديرالزور الشرقي في بلدة خشام مبايعاً “جبهة النصرة”، وبدأ يعمل في تجارة النفط مجدداً، ثم امتلك عدة حراقات للنفط الخام.
بعد أن سيطر “تنظيم الدولة” على المنطقة، بايع العموري مع أخوته التنظيم، ليصبحوا أمراء أمنيين، واستمر عملهم بالنفط، ولكن بشكل أوسع، إذ أصبح عمر عراباً لتجارة النفط والمحروقات بالشراكة مع حسام قاطرجي، وبدأت صفقات النفط والعقود بين النظام والتنظيم وقسد .
أمتلك العموري في مدينة الرقة عدداً من محال التحويلات والصرافة وبيع الذهب، كما استغل مكانته ومنصبه ليبدأ بدعمٍ من التنظيم بتجارة “الرقيق” وبيع الإيزيديات، فكان يشتري ويبيع “السبايا” لأمراء التنظيم، ويحتجز بشكلٍ مستمر ما لا يقل عن إيزيديتين في مزرعته الكائنة في ريف الرقة.
خلال فترة تقهقر “تنظيم الدولة”، تم توقيفه بجرم القتل، وحكم عليه بالقصاص (الإعدام)، وبحكم موقعه وسلطته هو وإخوته، لم ينفذ الحكم وأخلي سبيله لاحقاً.
بعد سيطرة “قسد” على المنطقة، مكث هو وعائلته في مدينة القامشلي، ليعود إلى تجارة النفط من جديد ويوقع مع اخوته عقد توريد ٧٠ صهريج نفط لمصفاة حمص يومياً، إضافة لتهريب النفط ومشتقاته لمناطق النظام وبالتنسيق مع المدعو “أبو سندس” الذي يقطن في عزبة خشام، ويتردد الى دمشق بين فترة وأخرى، وهو على علاقة مباشرة بمكتب الأمن الوطني الذي يرأسه علي مملوك.
ومن خلال تتبع مركز الفرات المعني بملاحقة مجرمي الحرب لتحركات عمر العموري، وتقدم تفاصيل عبر الإعلام عن محل تواجده في مناطق نفوذ “قسد”، أُلقي القبض عليه في مدينة القامشلي ضمن عملية دهم للتحالف الدولي.
وعقب إلقاء القبض عليه، عرض مركز الفرات شهادة مصورة لمدني نازح من منطقة القريتين في ريف حمص، قتل العموري اخاه خلال فترة تواجده في التنظيم، لكن ما أن مرت أشهر معدودة على اعتقاله، حتى أصبح اليوم حراً طليقاً يصول ويجول داخل مناطق سيطرة نظام الأسد.
يذكر بأن “فرات بوست”، سلطت في وقت سابق الضوء على تجارة النفط الجارية بين “قسد” ونظام الأسد، ومرور عشرات الصهاريج يومياً عبر طريق الطبقة السلمية، والمتعهد فيها شركة القاطرجي ذاتها، ومن مالكيها عضو “مجلس الشعب”، حسام قاطرجي، وشقيقه محمد، المعاقب أمريكياً.
كما حصلت “فرات بوست” على معلومات أخرى تؤكد أن الشركة ذاتها، تعمل حالياً في مناطق تحت سيطرة النظام بدير الزور، عبر متعهدين تابعين لها، وذلك لتفيذ ما يطلق عليها النظام “مشاريع إعادة الإعمار”.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شخصيات وكيانات لها علاقة بنظام بشار الأسد، وحظرت على المواطنين الأمريكيين التعامل معهم، تجارياً.
ومن بين الأشخاص الذين طالتهم العقوبات، رجل الأعمال المقرب من الأسد، محمد القاطرجي، وكذلك طالت العقوبات شركته (القاطرجي) التي سبق لها التعامل مع “تنظيم الدولة” سواء عبر تجارة النفط أو الغذاء.